طرابلس اليوم

الجمعة، 22 فبراير 2019

لماذا تدعم مصر عبد الفتاح السيسي المشير خليفة حفتر؟

,

مجلة جون أفريك الفرنسية

الكاتبة: أريانا بولاتي

 

يحظى المشير خليفة حفتر، الملقب “بالسيسي الليبي” من قبل معارضيه، بدعم الرئيس المصري منذ سنوات. وبما أن القائدين يشتركان في مفهوم السلطة العسكرية ومعارضة الإخوان المسلمين، فإن عبد الفتاح السيسي يدعو إلى استقرار البلد المجاور من أجل تعاون أوثق.

يقاتل الجنود المصريون على خط المواجهة في بلدة درنة القديمة شرقي البلاد. ومن غير المعروف ما إذا كان هؤلاء من أعضاء الجيش الرسمي أم من المرتزقة، لكن زِيّهم ولهجتهم لا يتركان أي مجال للشكوك حول أصلهم. وعلى أي حال، هذا ما عُرض في الفيديو الذي نُشر يوم الثلاثاء الموافق لتاريخ 19 شباط/ فبراير على شبكات التواصل الاجتماعي، وتداولته المواقع الإخبارية الليبية في وقت لاحق. وقد أثارت هذه الصور (التي قررنا عدم بثها بسبب العنف الذي ظهر فيها) جدلا واسعا.

في الواقع، ليست هذه المرة الأولى التي يشارك فيها المصريون بشكل مباشر في الصراع جنبا إلى جنب مع الجيش الوطني الليبي للمشير خليفة حفتر شرق البلاد، المعروف باسم “السيسي الليبي” من قبل خصومه. وقد صرح النائب المصري في البرلمان الإفريقي، مصطفى الجندي، لمجلة “جون أفريك” بأن “مصر تدعم المارشال لأنها تساند الشخص الذي من شأنه أن يعيد الاستقرار للبلاد، والذي يملك جيشا، لأنه لا يمكن لأي دولة البقاء والاستمرار دون جيش”.

في شهر شباط/ فبراير سنة 2015، نشرت صحيفة “المصري اليوم” تقريرا بعنوان “حق الرد”، أوضحت فيه أن مصر تتدخل عسكريا في ليبيا تحت ذريعة الإعدام الوحشي لـ 29 عاملا قبطيا مصريا في ليبيا على يد تنظيم الدولة، حيث تكرر السيناريو ذاته سنة 2017.

من جهتها، ردت الرئاسة الجزائرية أن “شن هجمات ضد ليبيا لن يحل المشاكل الأمنية التي تعيشها مصر”. وحسب الصحفي المصري المختص في الشأن الليبي، خالد محمود، الذي اتصلت به المجلة الفرنسية فإنه: “منذ سقوط القذافي، كان للصراع الليبي عواقب وخيمة على الأمن الداخلي لمصر”.

 

عدو مشترك: الإخوان المسلمون

خلافا للدول الأخرى المشاركة في النزاع على غرار الحليف الرئيسي الآخر لحفتر الإمارات العربية المتحدة، تشترك مصر في حوالي 1100 كيلومتر من الحدود مع ليبيا. وبناء على ذلك، يعتبر أمن ليبيا قضية ذات أهمية قصوى بالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسي.

وابتداء من سنة 2011، أصبح شرق ليبيا ملاذا آمنا للعديد من الجماعات الإسلامية والجهادية التي تنشر الرعب في القاهرة. وحسب تحليل الباحث الليبي من معهد الشرق الأوسط عماد بادي، فإنه “إذا كانت الجماعات الجهادية المتمركزة في ليبيا تشكل تهديدا حقيقيا لأمن مصر وليبيا، فإن الإسلاميين يشاركون أيضا في النضال الأيديولوجي الذي يقوده السيسي”.

ويتمثل أحد ألدّ أعداء الرئيس المصري في جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أكده الصحفي المصري خالد محمود في قوله إن “تحالف الرئيس مع حفتر يرجع في الأساس إلى معارضته للتنظيم وللإسلام السياسي عموما. لقد ضعفت جماعة الإخوان المسلمين في كل المنطقة تقريبا باستثناء ليبيا. ويتمتع حزب العدالة والبناء الليبي، الذي يمثل واجهتهم السياسية، بحوالي خمسة عشر مقعدًا في المجلس الأعلى للدولة الليبي، الذي يمثله مجلس النواب في طرابلس”.

وكتبت الصحيفة المصرية المعارضة “مدى مصر” أن القاهرة لم تقدم إلى خليفة حفتر أموالًا فحسب بل قدمت أيضًا أسلحة وجنودًا، وهو ما يمثل انتهاكا للحظر المفروض من قبل الأمم المتحدة.

من جهته، اعترف المشير خليفة حفتر شخصيا بالتعاون السياسي والعسكري الذي يجمع بينه وبين مصر، في تصريح له مع الصحيفة المصرية المقربة من النظام المصري، “الأهرام ويكلي”. كما التقى حفتر بعبد الفتاح السيسي في عدة مناسبات، ولعب السيسي مؤخرا دورا رئيسيا في إقناع حفتر بحضور مؤتمر باليرمو.

تبادلات اقتصادية مكثفة

لا يمثل الأمن الشاغل الوحيد للرئيس السيسي، إذ تمثل الحدود بين البلدين أيضا مكانا متميزا للتجارة غير المشروعة، التي تطورت بين سنتي 2011 و2013. ويقول عماد بادي إن “العديد من الأسلحة المتطورة المستوردة من روسيا والتي كانت مخزنة من قبل القذافي قد نُقلت إلى مصر. وأصبح تهريب الأسلحة عذر السيسي ليبرر تدخله في شرق ليبيا، كما ساعده ذلك على تحويل الانتباه عن مشكلته الرئيسية والمتمثلة في سيناء”.

على مدى سنوات، طورت الجارتان علاقات اقتصادية مكثفة. فعلى الجانب المصري، لا تزال الفوائد مرتفعة على الرغم من انخفاض الصادرات بنسبة 75 بالمائة منذ سنة 2011. وإذا كانت مصر قد صدرت ما يقرب من 1.5 مليار دولار سنة 2012، فإنها لم تحقق سوى 400 مليون فقط خلال سنة 2017. كما كان يقيم في ليبيا حوالي 1.5 مليون عامل مصري خلال فترة حكم معمر القذافي، لكن لم يظل سوى نصفهم سنة 2015.

كانت ليبيا ومازالت تمثل فرصة للسيسي، ووفقا لعماد بادي فإن “مصر تريد المشاركة في إعادة إعمار البلاد وإقامة تعاون استثماري مع رجال الأعمال الليبيين”.

 

ومؤخرا، وقعت الجمعية المصرية للمواد الأولية والغرفة الاقتصادية الليبية والمصرية اتفاقية تعاون تهدف إلى زيادة الاستثمارات الثنائية بهدف الحصول على ملكية عقود إعادة الإعمار الأولى. إلى جانب ذلك، تمثل قضية الطاقة أمرا مركزيا. ومنذ سنة 2013، أصبحت مصر دولة مستوردة للنفط، وبالتالي يمكن لليبيا أن تمثل حلاً بالنسبة إليها في تصدير النفط والغاز بسعر أقل وذلك بواسطة حلفائها على رأس الحكومة الليبية. ولتحقيق هذا الهدف، يحتاج السيسي إلى الاستقرار.

لهذا السبب، تشكل العملية العسكرية التي شنتها قوات الجيش الليبي المتمركز في شرق ليبيا بقيادة المشير حفتر مصدر قلق بالنسبة للقاهرة، لأنها ستزيد من زعزعة الوضع الأمني في برقة. ومثلما كتبت صحيفة “مدى مصر” فإن: “الحملة العسكرية للجيش الوطني الليبي ضد طرابلس ستكون خطأ فادحا”.

التدوينة لماذا تدعم مصر عبد الفتاح السيسي المشير خليفة حفتر؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “لماذا تدعم مصر عبد الفتاح السيسي المشير خليفة حفتر؟”

إرسال تعليق