طرابلس اليوم

الأحد، 24 فبراير 2019

فرنسا تمنح ليبيا قوارب خارجية للحد من تدفق المهاجرين، ومنظمات حقوقية تعتبر الأمر “فضيحة”

,

موقع ميديابار الفرنسي

الكاتبة: ماتيلد ماتيو

ستسلم باريس ستة قوارب للبحرية الليبية، وذلك حسب ما أكدته وزارة الجيوش الفرنسية يوم الخميس الموافق لـ 21 كانون الثاني/ يناير. ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود يعتبر هذا الخبر “فضيحة”، في وقت تلقي فيه قوات خفر السواحل في طرابلس الناجين بشكل منهجي في مراكز احتجاز مهينة.

تستعد فرنسا لتسليم هذه القوارب إلى القوات البحرية في طرابلس. وبعد أن أكدت وزارة الجيوش هذا الخبر، صُدمت جميع المنظمات غير الحكومية التي تقاتل أو بالأحرى التي كانت تقاتل من أجل إنقاذ الأرواح على السواحل الليبية.

خلال الأشهر الأخيرة، مُنعت جميع السفن التابعة للمنظمات الإنسانية من الإبحار في مياه البحر الأبيض المتوسط، باستثناء منظمة “عين البحر”. في الأثناء، زادت قدرة خفر السواحل الليبية على التدخل، مع العلم أنها تضع “الناجين” في مراكز اعتقال لاإنسانية. وقد تطورت “فعاليتها” إلى حد كبير ما ساهم في الحد من عدد الوافدين إلى الموانئ الإيطالية بنسبة 80 بالمائة في سنة 2018.

منذ بداية سنة 2019، وصل 227 مهاجرا فقط إلى إيطاليا، وفقا لإحصائيات منظمة الهجرة الدولية التي تشير إلى أن الطرق قد تغيرت (إلى إسبانيا على وجه الخصوص). ومع ذلك، تبدو المعركة غير متكافئة. فعلى حساب نفقتها الخاصة، طلبت باريس ست “مركبات مائية سريعة مع هياكل شبه صلبة” من شركة سلينغر الفرنسية، وذلك وفقا لتوضيحات وزارة الجيوش الفرنسية.

وفقاً لمكتب الوزيرة التي اتصل بها مراسل ميديابار، فإنه “يجب تسليم هذه القوارب على دفعتين خلال فصلي الربيع والصيف القادمين”، قبل أن يتم شحنها إلى طرابلس “لصالح البحرية الليبية”. ماذا بخصوص التكلفة؟ في الواقع، لا يزال الأمر غامضا. في إطار الدعم المقدم لخفر السواحل الليبية (الذي يعتمد عليه الاتحاد الأوروبي في محاولة “لإغلاق” وسط البحر الأبيض المتوسط)، كانت إيطاليا البلد الوحيد الذي التزمت بهذا الملف إلى درجة توفير مركبات مائية مباشرة.

تحرز فرنسا تقدمًا، في حين لم تتوقف المنظمات غير الحكومية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن توثيق الاعتداءات المرتكبة من طرف خفر السواحل في حق المهاجرين أثناء عمليات “الإنقاذ” التي ينفدونها في البحر (شاهد فيديو نيويورك تايمز أدناه) فضلا عن العنف الذي يتعرضون له في مراكز الاعتقال الرسمية للنظام التي يحتجز فيها الناجون بصورة منهجية بعد وصولهم، وأحيانًا يتعرضون للتعذيب أو يعاد بيعهم من طرف حراس سواحل فاسدين لصالح شبكات المهربين.

لقد أثار هذا الإعلان تفاعل منظمة أطباء العالم، التي اعتبرت الخطوة الفرنسية بمثابة “عار”، وقد تبنت منظمة أطباء بلا حدود نفس الموقف وعبرت بدورها عن صدمتها من هذا “الخبر الفاضح”، علما بأنها استأجرت سفينة “آكواريوس” لإجلاء المهاجرين.

وفي بيان لها نُشر ليلة الخميس، استنكرت منظمة أطباء بلا حدود “توفير فرنسا وسائل لوجستية (…) لقمع اللاجئين في انتهاك صارخ للقانون الدولي”، مشيرة إلى الاتفاقيات الدولية التي تفرض على أي بحّار يقوم بإجلاء قارب معرض لخطر الغرق اقتياد الناجين إلى أقرب “ملاذ آمن”. ولكن ليبيا ليست ملاذا آمنا، هذا بغض النظر عن الممارسات غير الإنسانية والمعتقلات “غير القانونية”.

وفي تقرير نُشر في شهر كانون الأول/ ديسمبر بعد الزيارة التي أداها قرابة العشرات من المبعوثين إلى مراكز الاحتجاز الرسمية، أفادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المعروفة اختصارا باسم “أونسميل” بأن “المهاجرين يعانون من التعذيب المتكرر وغيره من ضروب سوء المعاملة، على غرار العمل القسري والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي يرتكبها حراس تحت إشراف وزارة الداخلية مع إفلاتهم من العقاب”.

وساقت بعثة الأمم المتحدة هذه التوصية بشكل واضح موجهة إلى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه (بما في ذلك فرنسا)، رسالة مفادها: “تجنبوا أي دعم أو تعاون مع خفر السواحل الليبي من شأنه أن يتسبب في ترحيل المهاجرين واللاجئين، الذين تم إجلائهم في البحر، نحو الأراضي الليبية”.

وقد تعمّد مؤلفو هذه التوصية أن يتحدثوا عن كل من “المهاجرين” (بالمعنى “الاقتصادي” للكلمة) و”اللاجئين”، لأن بعض الرجال والنساء والأطفال الذين يهاجرون عبر شواطئ ليبيا مؤهلون بالفعل لاعتبارهم لاجئين في أوروبا، لا سيما السودانيين والإريتريين، ولكنهم مطالبون إما ببلوغ إحدى الدول الأوروبية أو عرض ملفهم على السلطات المعينة.

لقد أكدت وزارة الجيوش الفرنسية هذه الأخبار يوم الخميس نظرا لتسريبات وسائل الإعلام الليبية بعد اجتماع عُقد على هامش قمة مؤتمر ميونخ للأمن يوم 17 شباط/ فبراير، بين كل من فلورنس بارلي وفايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني التي تشرف على الشق الغربي لليبيا (الذي يعيش فوضى عارمة).

حسب ما تداولته بعض وسائل الإعلام الليبية، كانت فرنسا قد وافقت على برنامج ثنائي لتدريب وتجهيز خفر السواحل لكن مكتب فلورنس بارلي لم يتحدث عن بلوغ هذه المرحلة من التعاون، كما أنه لم ينكر أو يؤكد ذلك.

ووفقًا لصحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن القوارب الستة ستجهز فقط بنظام تحديد المواقع ورادار، “من دون دعامات لوضع أسلحة ثقيلة على غرار مدفع الهاون أو مدفع”، نظرا لأن ليبيا مازالت خاضعة لحظر على الأسلحة (على الرغم من أن الإيطالي ماتيو سالفيني يدعي رفع الحظر).

في الواقع، لم تحدد وزارة الجيوش الفرنسية في إجابتها الخطية للصحفيين ما إذا كانت القوارب الخارجية ستذهب فعلا إلى “خفر السواحل”، في الوقت الذي أكدت فيه تسليمها إلى “البحرية الليبية”، التي تتنافس في البحر مع العديد من الأجهزة الأمنية الأخرى التابعة لوزارة الداخلية والمكلفة بالإشراف على عمليات النقل إلى مراكز الاحتجاز وإدارتها.

لم تتحدث وزارة الجيوش الفرنسية سوى عن القوارب التي ستُستخدم مباشرة في عمليات الإنقاذ في البحر، بل فضلت الحديث عن “مكافحة الهجرة غير الشرعية”. كانت إستراتيجية الأوروبيين واضحة لسنوات إن لم تكن صريحة على الدوام، وهي تتمثل أساسا في مساعدة ليبيا “على إغلاق” البحر الأبيض المتوسط عن طريق تعزيز جهود خفر السواحل الليبي.

بتكلفة بلغت الملايين من اليوروهات، يموّل الاتحاد الأوروبي “تدريب” قوات خفر السواحل الليبي وذلك ليس فقط من أجل تكريس حقوق الإنسان (كما تدعي بروكسل) وإنما للحد من تصادم الزوارق وبالتالي “الحد من الخسائر البشرية”. ويدعم الاتحاد الأوروبي “تعزيز القدرات التشغيلية” لخفر السواحل من خلال تزويدها بالمعدات وصيانة السفن (مثل السترات الواقية، والزوارق، وأجهزة الاتصالات)، أو تشييد مراكز ترابية (غرف التحكم الأرضية…).

كما أيد الاتحاد الأوروبي إنشاء “منطقة بحث وإنقاذ” خاصة بليبيا، التي تم الإعلان عنها سرا خلال هذا الصيف. وتسمح هذه المنطقة لطرابلس بتوسيع منطقة تدخلها البحري والإشراف على عمليات الإنقاذ، التي كان تنسيقها سابقًا من مسؤولية إيطاليا، مما يسهل طبعا تسهيل إخلاء سفن المنظمات غير الحكومية.

تعتبر إيطاليا الوحيدة التي دعمت ليبيا كثيرا في هذا المجال، حيث تزود طرابلس بسفن بحرية منذ سنة 2017. وخلال هذا الصيف، وتحديدا بعد أزمة سفينة آكواريوس، وعد ماتيو سالفيني (وزير الداخلية اليميني المتطرف) بأن روما ستضيف 12 زورقا دوريا لتزويد طرابلس بأسطول تستقبله جزئيا.

ومقارنة بهذا الدعم الإيطالي، تبقى القوارب الخارجية الفرنسية مجرد دعم ضئيل. وفي تصريح له لموقع “ميديابار” الفرنسي، قال ناشط في العمل الإنساني مطّلع جيدا على الساحة الليبية إن “هذه القوارب تغطي على ما يبدو عجز قوات خفر السواحل الليبية من أجل الاقتراب أكثر من القوارب الصغيرة المعرضة لخطر الغرق والتي تُقِل المهاجرين”. وأضاف هذا الناشط أنه “سيتم تجهيزهم أيضا بتقنيات مثل تلك التي على متن آكواريوس وسي ووتش”.

في مقر وزارة الجيوش في باريس، يُذكر أن فرنسا تشارك أيضا مع الاتحاد الأوروبي في عمليات صوفيا لمكافحة التهريب وعملية فرونتكس لمراقبة الحدود الخارجية، حيث حشدت سفنها العسكرية في البحر الأبيض المتوسط لتساعد في إنقاذ الأرواح. ويحق لهؤلاء المهاجرين دخول تراب الاتحاد الأوروبي.

التدوينة فرنسا تمنح ليبيا قوارب خارجية للحد من تدفق المهاجرين، ومنظمات حقوقية تعتبر الأمر “فضيحة” ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “فرنسا تمنح ليبيا قوارب خارجية للحد من تدفق المهاجرين، ومنظمات حقوقية تعتبر الأمر “فضيحة””

إرسال تعليق