طرابلس اليوم

الخميس، 28 فبراير 2019

هل ستكون أبوظبي بوابة حفتر إلى طرابلس؟

,

علي أبوزيد/ كاتب ليبي

 

يدرك الجميع أن النظام الإماراتي هو أشد الداعمين لحفتر وعملياته العسكرية، وهو الذي يقدم له الدعم المادي الضخم ليستمر في أعماله القتالية، كما يوفر له مع مصر غطاءً إقليمياً كبيراً، ويساهم بتدخلاته السلبية على استدامة حالة الانقسام الدولي بشأن ليبيا وإرباك عمل البعثة الأممية فيما يتعلق بالشأن السياسي، وهذا الموقف الإماراتي الثابت والذي تنتهجه في ليبيا بشكل علني وواضح منذ 2014 يجعل دخولها في وساطة لحل الأزمة السياسية محل ريبة وتوجس خاصة وأنه يمكن اعتبارها طرفاً في الأزمة بدعمها المطلق لحفتر وقواته.

 

وزيارة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج إلى الإمارات وعقده لقاءات مع مسؤولين في أبوظبي لا يمكن قراءة دلالاتها بمعزل عن عملية حفتر في الجنوب الليبي، ومحاولة فهم الغاية من دعوة السراج إلى أبوظبي في هذا التوقيت تحديداً.

 

لا شك أن حفتر توجه إلى الجنوب وعينه على العاصمة طرابلس، وقد أتى التحرك نحو الجنوب بعد أن كثر الحديث عن الملتقى الجامع الذي سيكون هدفه تجاوز الجمود السياسي الذي أفاد حفتر كثيراً في توسيع مناطق نفوذه بسبب ضعف الأداء من السلطة المنقسمة والهشّة خاصة فيما يتعلق بجانب الأمن والخدمات والمستوى المعيشي، وكان من نتائج العملية العسكرية في الجنوب تراجع الحديث عن الملتقى الجامع، ومحاولة حصر المواجهة بين حفتر والمجلس الرئاسي الذي يخضع الجنوب لسلطته الشرعية وقد سيطر عليه حفتر غير المعترف بهذه الشرعية.

 

الرئاسي ممثلاً في رئيسه فايز السراج كانت ردة فعله باهتة ومتأخرة وغير ذات جدوى، واكتفى بتعيين الفريق علي كنّه آمراً للمنطقة العسكرية سبها، دون أي تصعيد خاصة على المستوى المحلي باستنفار القوة العسكرية في غرب ليبيا، أو على الصعيد الدبلوماسي بتحرك فاعل يحاول من خلاله إحراج حفتر دولياً.

 

ورغم التقدم العسكري لقوات حفتر في الجنوب إلا أن عقبة الموقف الدولي المصرّ على الحل السياسي للأزمة الليبية والذي يؤكد على رفض أي عمل عسكري يمسّ العاصمة طرابلس، وكذلك حساسية المساس بالحقول النفطية في الجنوب وإدخالها في دائرة الصراع (خاصة بالنسبة للإدارة الأمريكية)– كل هذه الأمور تجعل من عملية حفتر في الجنوب غير ذات جدوى ما لم يكن هناك تحرك سياسي يساعد تجاوزها، وهذا ما تسعى الإمارات إلى تحقيقه من خلال دعوة السراج إلى أبوظبي لعل أبواب طرابلس تفتح لحفتر من هناك.

 

عندما تمّ الإعلان عن زيارة السراج إلى أبوظبي تم الحديث عن لقاء سيجمع بين السراج وحفتر، ثم تم الإعلان عن تعذر اللقاء لعدم حضور حفتر، وأعتقد أن هذا الأمر كان مقصودا وبالتنسيق بين الإمارات وحفتر  إذ لا جدوى من لقاء الرجلين في الوقت الراهن، وأعتقد أن الإمارات مرّرت رسائلها بشكل واضح إلى السراج–وذلك في حضور عارف النايض الذي لا يحمل أي صفة رسمية- ولا أستبعد أن تكون هذه الرسائل متعلقة بصفقة تضمن لحفتر السيطرة على المؤسسة العسكرية والأمنية في ليبيا وتضمن للسراج البقاء على رأس السلطة التنفيذية، على أن يتم تمرير هذه الصفقة في الملتقى الجامع، وهنا لابد من الإشارة إلى أن الإمارات على غِرار فرنسا تسعى إلى حصر الخلاف بين حفتر والسراج وتحاول إقصاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وذلك لتجاوز التوازن في العملية السياسية الذي يحافظ عليه بشكل أساسي المجلس الأعلى للدولة، وللاستفراد بالمجلس الرئاسي الهش والضعيف.

 

كذلك سعت الإمارات من خلال هذه الزيارة إلى تطمين المجتمع الدولي المتخوف من تضرر قطاع النفط بسبب عمليات حفتر في الجنوب، ونجحت في أن يجمع بين فايز السراج ومصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، ويبدو أن الإمارات مارست ضغطها على كليهما ليتم استئناف إنتاج النفط من حقل الشرارة مما سيكسب حفتر نقطة قوة جديدة، ورغم أن الاجتماع لم يصل إلى اتفاق نهائي فيما يخص استئناف الإنتاج من حقل الشرارة إلا أنه أعطى انطباعاً عن مدى تنفّذ الإمارات على الرجلين وأنهما لا يملكان الإرادة الصادقة لحل الأزمة والتي ينبغي أن تجمعهما في طرابلس وليس في أبوظبي.

 

ما تم في زيارة السراج إلى الإمارات يؤشر إلى وضع أشد تعقيداً وإرباكاً ينتظر الليبيين في ظل الخمول السياسي وعدم التحرك الحقيقي في غرب ليبيا، وأعتقد أن الأطراف السياسية في طرابلس خاصة المجلس الأعلى للدولة يجب أن تمارس أقصى درجات الضغط على المجلس الرئاسي ليخرج من السلبية والركود التي يتعمد الاستمرار والبقاء فيها، وإلا فإن العملية السياسية التي أنتجها الاتفاق السياسي معرضة للانهيار بفعل تعنت حفتر ومضيّه في مشروعه العسكري، وتلكؤ الرئاسي وضعف أدائه التنفيذي وغياب دوره السياسي.

التدوينة هل ستكون أبوظبي بوابة حفتر إلى طرابلس؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “هل ستكون أبوظبي بوابة حفتر إلى طرابلس؟”

إرسال تعليق