طرابلس اليوم

الأربعاء، 22 فبراير 2017

وأطرقت العِفة حياءً

,

أشرف المزوغي

منذ قرابة عامين انطلقت من مسجدنا حملة (ادفع دينارا) كل جمعة وبفضل الله تعالى لاقت رواجا كبيرا ففي بعض الجمع بلغت القيمة قرابة العشرة آلاف ، والحمد لله هذه الحملة تقوم على أكثر من خمسين عائلة فضلا على دعم بعض المستشفيات والمراكز الطبية ودور الأيتام والعلاج وغيرها من أبواب الخير .. حتى لوددت أن تسمى حملة (استثمر دينارك) من شدة ما رأيت من آثارها الطيبة !!

اليوم خرجت في جولة مع الشباب القائمين عليها وزرنا الحاجة مريم وهي امرأة تقوم على ابنتها المريضة وابنها الصغير المريض أيضا وزوجها المقعد والذي تخمرت يده وتعفنت في انتظار موعد لبترها وهي تسكن بالإيجار وليس لها دخلا سوى مرتب الضمان لزوجها ، وكانت تساعده بصنع بعض الطلبيات والحلويات للناس ولكن نظرا لقيامها على ثلاثة مرضى ، وحال زوجها الصحية مما أفقدها القدرة على الاستمرار في هذا العمل .. سألناها ماذا تحتاج ؟

قالت : لو ساعدتموني على دفع الإيجارات المتراكمة للمنزل أكن لكم شاكرة ..

صاحب المنزل جارها وهو رجل قمة في المروءة والكرم ، قالت : لقد والله أحرجني من كثرة ما يصبر عليّ ، ولقد سمعت ذات مرة أصواتا صاخبة أمام بيته فإذا بهم بعض الدائنين جاءوا إليه يطالبونه بدينهم ، وهو يسألهم خفض أصواتهم لئلا أسمعهم فأقف على معاناته ، فلما انصرفوا ذهبت إليه ولست أدري ما أقول له غير أن يصبر عليّ كنوع من المواساة ، فإذا به يبتسم ويلقاني بوجه طلق كعادته قائلا (ما اديري شي ببالك أمتى ما ربي يفرجها أدفعي أنا الحمد لله أموري متيسرة ومية المية) .. قالت : ويعلم الله أن ظروفه شديدة ولكن لئلا يجرحني علما بأنني لا تربطني به أية صلة أو معرفة ..

خرجنا من عندها وطرقنا بابه لنعده بأننا سنساهم في تسديد ما عليها من إيجارات مستحقة فرأينا العفة والقناعة في أزهى ثيابهما يقول لنا (بارك الله فيكم شوفوا حد محتاج تصدقوا عليه أنا أموري الحمد لله متيسرة وماشية بفضل الله) .. بعد التحري والسؤال والتقصي نشهد بالله أن العفة لم تغادر بلادنا ، والخير مازال فينا

ليس الكريم من يملك ألف دينار ويتصدق بمائة ، إنما الكريم من يقيل المعسر وهو عسير ..

زوروا الفقراء والمحتاجين ذلك أدعى ألا تزدروا نعمة الله عليكم

التدوينة وأطرقت العِفة حياءً ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “وأطرقت العِفة حياءً”

إرسال تعليق