طرابلس اليوم

الأربعاء، 22 فبراير 2017

قصة من بلادي

,

عزة المقهور/ محامية وكاتبة قصة قصيرة

كانوا معا في ذلك القارب المطاطي الذي يحركه محرك يجلس أحدهم إلى جواره ويتحكم به. يمخر القارب البحر متجها شمالا حيث الحياة الجديدة في انتظارهم. خليط هم من الرجال والنساء والأطفال..

قلوبهم واجفة وعيونهم تتأرجح ما بين يابسة تختفي شيئا فشيئا وأفق أزرق يهرب كلما ظنوا أنهم يقتربون منه..

رذاذ الموج يلامس وجوههم، وبين الحين والآخر تهوي اجسادهم على سطح القارب الذي يكسر الموج بصعوبة…

وبين الأزرق والأزرق، بان لهم قارب يتجه نحوهم.. اقترب فالتصقوا بقاربهم وتمسكوا جيدا بالحبل الدائر حولهم ، بانت ملامحهم القاسية ، قفز أحدهم إلى القارب وهو يصرخ، بينما الآخر انهال عليهم ضربا بخرطوم بلاستيكي وهو يتشنج حد الصراخ..

تكوروا وهم يحاولون حماية رؤوسهم ويأنون، دفع القادم بيديه بالرجل الذي يدير المحرك ونهره، فإنزوى بعيدا ، فك المحرك من القارب ودفع به الى القارب الآخر حيث استلمه رفاقه فرحين ومقهقهين..

عادوا نحو اليابسة وتركوهم وسط الأزرق دون محرك.. وبين هول الواقع والظلم والطغيان والتجبر والكراهية والازدراء.. بين احلامهم المنهوبة وحتفهم الذي يدنو ..

بين أمل شهور انقشع في لحظات.. بين فكي الموت والرغبة في البقاء.. بكت النساء وارتجف الرجال ولم يفهم الصغار.. حركوا قاربهم بأياديهم فلم يفلحوا.. مدوا اذرعهم فسقط بعضهم في الماء..

ولم يكن الأزرق بهم رحيما، وإن كان أقل قسوة من زائريهم من البشر..
وبعد يومين.. استقبلتهم شواطئنا جثث منتفخة معبأة بالماء..اعادهم البحر إلينا، عيونهم المفتوحة تروي هول البشر والبحر والأرض التي ضاقت بهم.

التدوينة قصة من بلادي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “قصة من بلادي”

إرسال تعليق