طرابلس اليوم

الأحد، 29 أكتوبر 2017

استمرار ارتكاب الجرائم في بنغازي وسط صمت إعلامي وحقوقي وتحايل قضائي وغضب أهلي

,

تتواصل في مدينة بنغازي التي تخضع لسيطرة قوات عملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، عمليات القتل والإعدام خارج إطار القانون والخطف والاعتقالات والاغتيالات والتعذيب، وسط تكتم من المنظمات الحقوقية والإنسانية والمؤسسات الإعلامية.

وشهدت بنغازي شرق البلاد يوم الخميس الماضي جريمة إنسانية ليست الأول من نوعها التي تشهدها المدينة في مؤخرا، وذلك عندما عُثر على نحو 36 جثة مجهولة الهوية بالقرب من منطقة الأبيار جنوب غرب بنغازي.

وذكرت مصادر مقربة من الواقعة لموقع ليبيا الخبر، أن هذه الجثث عثر عليها في طريق الكسرات الواقعة بين منطقتي الأبيار وسلوق بضواحي بنغازي، ووجدت مكبلة الأيدي وعليها أثار تعذيب وأعدمت بطلقات نارية في الرأس.

وأبدى العديد من النشطاء بمدينة بنغازي عبر صفحاتهم في “فيسبوك” و”تويتر”، استيائهم من هذه الجريمة التي تكررت عدة مرات في المدينة دون الإفصاح عن الفاعلين، مطالبين السلطات الأمنية بإجراء تحقيقات عاجلة والقبض على الفاعلين ومحاكمتهم.

جثث في اليوم ذاته

وفي اليوم ذاته، عُثر على جثة مجهولة الهوية ملقاة قرب طريق البحر بمنطقة توكرة شرق بنغازي، وقد نقلت هذه الجثة إلى ثلاجة حفظ الموتى بمركز بنغازي الطبي إلى حين التعرف على هويتها، بحسب ما نقل موقع قناة النبأ عن مصدر بالمركز.

في حين عُثر في يوم الخميس أيضا على جثة شخص يدعى إبراهيم ماري كرور الذي يبلغ من العمر 17 عامًا، ملقى قرب سوق البدرية (المصرية) وسط مدينة بنغازي متعرضًا للطعن، وقد جرى التعرف عليه من قبل خاله بعد أن قام بالبحث عنه منذ تغيبه وانقطاع الاتصال به قبل يومين من العثور عليه، وفق ما نشرت بوابة الوسط عن مصدر أمني.

وقائع لجثث أخرى

 

وعثرت الأجهزة الأمنية بمدينة بنغازي، في 28 من أكتوبر 2016، على 10 جثث مجهولة الهوية مقتولة رميا بالرصاص، في “شارع الزيت” بمنطقة شبنة وسط المدينة.

وكشفت مصادر أمنية، عن العثور على 6 جثث مجهولة الهوية بشارع الزيت في منطقة شبنة في الثامن من أغسطس الماضي، حيث جرى نقلهم إلى مركز بنغازي الطبي، وكشفت مصادر طبية من هناك أن الجثث كانت مرمية بمكب للقمامة مقتولة رميا بالرصاص ومكبلة الأيدي.

وقبل ذلك أعلن مركز بنغازي الطبي، عن تسلمه لجثة المواطن هانيبال الحاسي، بعد العثور عليها في شارع الزيت ببنغازي، ناهيك عن الجثث الأخرى التي يعثر عليها بشكل متفرق من حين لآخر في هذا الشارع الذي أصبح يشتهر بين المواطنين بالمدينة بـ”شارع الجثث”.

وقد عُثر أيضا في 21 يوليو من العام نفسه، على 14 جثة عليها آثار تعذيب، ملقاة على جانب طريق النهر قرب مبنى صندوق الضمان في منطقة الليثي ببنغازي، ولاقت هذه الحوادث إدانات من منظمات محلية ودولية، التي حملت الجهات المختصة بالمدينة المسؤولية عن ذلك، مطالبة إياها بإجراء تحقيق وتقديم الجناة إلى العدالة، ولكن دون جدوى.

جرائم الورفلي

وقام آمر القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر محمود الورفلي خلال الأشهر الماضية، بعدة عمليات إعدام رميا بالرصاص في شوارع بنغازي، وكان أبرزها ظهوره في تسجيل مصور تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي في 24 من يوليو الماضي، يقوم بإعدام 20 شخصا مقيدا ومثلما، رميا بالرصاص.

ويعد هذا التسجيل ليس الأول من نوعه الذي ظهر فيه القيادي في قوات عملية الكرامة محمود الورفلي، وهو يقوم بالإعدام رميا بالرصاص في شوارع بنغازي دون محكمة قانونية وقضائية رسمية.

حيث ظهر الورفلي في تسجيل مصور تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي، قيامه بإعدام ثلاثة أسرى من قوات مجلس شورى ثوار بنغازي رميا بالرصاص، وذلك بعد يوم واحد من عمليات نبش للقبور وقتل وتمثيل بالجثث بحق نساء ومقاتلين من مجلس شورى ثوار بنغازي، قامت بها قوات خليفة حفتر، عقب سيطرتها على منطقة قنفودة غرب بنغازي في 18 مارس الماضي.

وفي بداية مايو الماضي، تداول نشطاء تسجيل مصور (فيديو) على صفحاتهم في “فيس بوك” و”تويتر”، يظهر عملية تصفية لشخص جزائري من قبل قيادي في قوات عملية الكرامة، بتهمة انتمائه لتنظيم الدولة، وأظهر التسجيل، آمر محاور القوات الخاصة “الصاعقة” محمود الورفلي، وهو يقوم بتصفية هذا الجزائري الذي ألقي القبض عليه في بنغازي أثناء محاولته تجهيز سيارة مفخخة، وجرى تسليمه إلى الورفلي الذي أقدم على إعدامه فورا.

وواصل القيادي بالقوات الخاصة محمود الورفلي ارتكاب جرائمه دون أي رادع، وأقدم على إعدام أحد أسرى مجلس شورى ثوار بنغازي في يونيو 2016، ونشر عملية الإعدام في تسجيل مرئي بشعار القوات الخاصة وكتب على صفحته الرسمية على فيسبوك أنه لا يعير اهتماما بالمنظمات الدولية ومحكمة الجنايات والأمم المتحدة وحقوق الإنسان.

أمر دولي بالقبض على الورفلي

وأصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، في منتصف شهر أغسطس الماضي، أمرا بالقبض على القيادي في عملية الكرامة محمود الورفلي، لمسؤوليته عن ارتكاب جرائم قتل بوصفها جريمة حرب.

وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، الحكومة الليبية المؤقتة بالبيضاء برئاسة عبدالله الثني الموالي لخليفة حفتر، اتخاذ خطوات فورية لتسهيل تسليم آمر محاور القوات الخاصة “الصاعقة” محمود الورفلي إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وعقب ذلك أبلغت القيادة العامة للقوات المسلحة التابعة لعملية الكرامة، محكمة الجنائية الدولية، بأن المتهم الرائد محمود الورفلي يخضع حاليا للتحقيق أمام المدعي العام العسكري في القضايا المنسوبة إليه في صحيفة الدعوة.

وأوضحت القيادة العامة برئاسة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في بيانها الصادر في 18 أغسطس الماضي، أن الورفلي رهن التوقيف الآن منذ تاريخ التكليف الصادر بالتحقيق من قبل خليفة حفتر من يوم الثاني من شهر أغسطس الماضي.

وأعلنت القيادة، أنه جرى إيقاف المتهم عن العمل وإيداعه بالتوقيف على ذمة القضية، مؤكدة استعدادها للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لاطلاعكم على نتائج التحقيق ومجريات المحاكمة، وفق البيان.

وتبرأت قيادة عملية الكرامة، من هذه الأفعال ومن مرتكبيها، موضحة أنها لا تمثل إلا من يقترفها ويكون بذلك عرضة للقانون والعقوبات الرادعة، مطمئنةً محكمة الجنائية الدولية بأن إجراءات التحقيق وبما يضمن تحقيق العدالة تسير وفق القانون العسكري الليبي منذ تاريخ المشار إليه سابقا، بحسب ما ذكر البيان.

حفتر يدافع وينفي

ودافع قائد قوات الجيش في شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في تصريحاته الصحفية، عن آمر المحاور بالقوات الخاصة “الصاعقة” محمود الورفلي ، نافيا امتلاك “أدلة ملموسة” تثبت تورط الورفلي الموالي له، في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وقال حفتر في مقابلة نشرتها صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية في نهاية سبتمبر الماضي: “لقد اعتقلنا الورفلي بناء على تقارير تلقيناها، لكن لا توجد حتى الآن أدلة ملموسة، وفتحنا تحقيق، وبحال إثبات تلك الجرائم فستكون هناك محاكمة وإدانة”، وفق ما نشرت وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء.

وأكد حفتر، احترمه لقوانين حقوق الإنسان وسلطة محكمة لاهاي الدولية، مضيفا: “لكن علينا أن نضيف بأنه في ليبيا ترتكب يوميا جرائم مروعة”، متسائلا لماذا يركزون فقط على الورفلي؟، على حد تعبيره.

جرائم أخرى

وكانت مدينة بنغازي التي كان أهلها يطمحون إلى بسط الأمن والاستقرار مستبشرين بعملية الكرامة لتحقيق ذلك، مسرحا لجرائم واغتيالات عديدة، دون الإفصاح عن أي تحقيقيات حيال هذه الوقائع من قبل السلطات الأمنية والقضائية بالمدينة.

ففي 19 من شهر مايو المنصرم، لاقى أربعة قتلى و17 جرحا، من بينهم أحد مشايخ قبيلة العواقير إبريك اللواطي وابنه، حتفهم جراء انفجار سيارة مفخخة وقع أمام مسجد بلال بن رباح بمنطقة سلوق جنوب غرب مدينة بنغازي، بعد خروجهم من صلاة الجمعة.

وانفجرت سيارة مفخخة في 29 أكتوبر من عام 2016، بالقرب من أحد المقاهي في ساحة الكيش وسط بنغازي، أدت إلى مقتل أربعة أشخاص من بينهم الناشط السياسي محمد أبوقعيقيص، وجرح عشرة آخرين.

ووقع في 21 نوفمبر من العام ذاته، انفجار بالقرب من مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث في بنغازي مخلفا ثلاثة قتلى و26 جريحا من بينهم أطفال ونساء، وأثار هذا الانفجار ردود فعل محلية، وغضبا شعبيا في المدينة.

وإبان اقتحام قوات الكرامة لمنطقة قنفودة غرب بنغازي في يناير ومارس الماضيين، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور للجثث التي أحرق بعضها أفراد قوات حفتر ملتقطين صور “السلفي” بجانبها، إضافة إلى تسجيلات مصورة لنبش القبور والتمثيل بالجثث التي منها جثة القيادي بمجلس شورى ثوار بنغازي جلال مخزوم التي جالت بها سيارات عسكرية شوارع المدينة وعلقت على باب معسكر الصاعقة.

وشهدت مدينة بنغازي خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة العديد من حملات الاعتقال بحق مدنيين، ولم تعلن أي جهة أمنية أو عسكرية في المدينة مسؤوليتها عن هذه الحملات.

حفتر يأمر بالقتل

وكان قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر قد ظهر خلال تسجيل مرئي تداولته مواقع التواصل الاجتماعي، وهو يوجه الأوامر بقتل جميع الأسرى وعدم إحتجاز أي منهم في السجون.

ولم تتوصل الأجهزة الأمنية في المدينة إلى هوية الواقفين خلف هذه التفجيرات وعمليات القتل وغيرها من الجرائم التي اعتبرتها المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية جرائم حرب وضد الإنسانية ومخالفة للقوانين الدولية.

وكشف آمر جهاز مكافحة الإرهاب فرج إقعيم في يونيو 2016، عن أن لديه معلومات عمّن “يقتل ويعتقل باسم الجيش في بنغازي٬ خصوصا في الأشهر الأخيرة٬ وهم يستخدمون المتطرفين كذريعة، إلا أن المتطرفين غير موجودين في بنغازي، ووجودهم ينحصر في محاور القتال في القوارشة والصابري”، وفق قوله.

وسبق لفرج اقعيم المكلف مؤخرا بمهام وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني، أنه اتهم قادة الجيش الليبي في شرق البلاد، وعلى رأسهم خليفة حفتر بارتكاب اغتيالات وجرائم قتل خارج نطاق القانون، وإخفاء المدنيين دون معرفة مصيرهم.

استياء

وعبر معظم أهالي مدينة بنغازي عن استيائهم على الجرائم المتكررة التي ترتكب في المدينة من وقت لآخر، في ظل صمت الأجهزة الأمنية بالمدينة التي كانوا يبني عليها أهالي المدينة الآمال لبسط الأمن وتحقيق العدالة في بنغازي، وخاصة بعد الوعود المتكررة عقب انطلاق عملية الكرامة من قائدها خليفة حفتر لتحقيق هذه الآمال.

وتشهد المدينة خلال هذه الفترة اشتباكات متقطعة من حين لآخر في منطقة سيدي أخريبيش التي تحاصرها قوات عملية الكرامة منذ أشهر لتمركز أفراد من قوات مجلس شورى ثوار بنغازي في تلك المنطقة.

 

التدوينة استمرار ارتكاب الجرائم في بنغازي وسط صمت إعلامي وحقوقي وتحايل قضائي وغضب أهلي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “استمرار ارتكاب الجرائم في بنغازي وسط صمت إعلامي وحقوقي وتحايل قضائي وغضب أهلي”

إرسال تعليق