طرابلس اليوم

الثلاثاء، 31 أكتوبر 2017

شروخ الذات الليبية

,

احميد عويدات/ كاتب من سبها

مقدمة ما سأذكره لا أحاول من خلاله أن أنفي وجود أي مؤامرة، بل فقط إعادتها إلى حجمها الطبيعي و تبسيط  سياق فكرتها لا أكثر.

يمكن أن نعتبرها  تلك الحالة المرضية المزمنة التي تفاقمت لدينا، تكونت بسبب التشققات التي بدورها خلفت تصدعات كان نتاجها لدينا أن تكونت انقسامات، لا نستطيع أن نلوم غريباً فيها على سعيه إلى ترسيخ ذاته من خلالنا  لكي يصبح سيداً لعالم المصالح ما بين الأمم، بل الأهم لنا الآن أن نرجع للبحث عن بقاياها و نرمّمها، نحن الذين أضعناها و فقدناها.

الكثيرون الآن يستعيضون عن أي محاولة إصلاح ذاتية بالتشرنق داخل وهم ينزّههم من مسؤوليتهم، حتى من خلال تجنب أخطاء الماضي القريب بالتركيز على وجود مؤامرة تستهدف كيانهم يتم نسج تفاصيلها في أروقة البيت الأبيض غالباً، فمنها يضخمون وينوعون دورهم وتأثيرهم في حياتهم ثم يلجأوون إلى تبرير الفشل في أغلب الأحيان وليس وضع أنفسهم في موقع النقد الذاتي للإخفاق والفشل و الإقرار به أفراد كانوا أو جماعات، بحجج واهية تفترض أن هناك دائما من ينشغل بهم ويخطط ليتآمر عليهم  في نظرة منزهة ومقدسة لذاتنا ومجرمة ومدنسة للآخرين، تنطلق دائماً من اعتبار أنفسنا شعب الله المحسود على نعمة الإسلام و النفط ! والذي ليس للآخرين همُّ إلا التآمر علينا ليلاً و نهارا.ً

إنّ الاختلاف هو سنة الله في خلقه أجمعين ،وهو سلوك طبيعي للإنسان ومن خلال هذا الحديث يمكن أن أعتبر بأنه أصبح سياسي الآن، لذلك من الطبيعي أن يفكر الإنسان بأن حدوث أي عمل يخالف رؤيته أو مصلحته هو مؤامرة ضده، وبذلك يمكننا أيضاً القول  إنّ الدول التي كانت ليبيا قبل سبع سنوات تحاول أن تغيرها لصالح رؤيتها كانت تعتبرنا نتآمر ضدها أيضاً والعكس صحيح الآن.

أينما وجد تعارض للأفكار والمصالح بين اﻷفراد أو الدول دائماً ستجد منبعاً لهذه الفكرة، قد يختلف من خلالها التوصيف من طرف إلى آخر، حتى تصل عند البعض أن كل من يختلف معه من قريب أو من بعيد يتآمر عليه.

يمكن القول إنّه بمعنى آخر، إن السؤال المهم هنا ليس هو  المزيف في ترتيبه والذي يستدعي إجابة سهلة  هو حول وجود مؤامرة علينا من عدمها، ﻷن الإجابة السهلة عليه بنعم تريح الكثيرين من النظر إلى ما عداه،  وما عدا ذلك غير مهم حين نتلقى إجابة سريعة.

هي مسألة صعبة وحساسة نوعاً ما، ﻷن وضع الضوء على هذا الجانب تحديداً سيزيح لثام ضعفنا من على ذواتنا المتصدعة التي مكنت ذلك الوهم من التسلل إلى عقولنا ليجهضها، الأمر الذي بمعالجته لن تستطيع أي مؤامرة مزمعة الحصول أن تأثر علينا.

وﻷنه وبدون إجابة شفافة لهذا السؤال لن يمكن لنا أن نبني أساس ذواتنا الفردية قبل الجماعية بناء سليماً ،يمكّننا نتجنب الوقوع في وساوس المؤامرات ومستنقعاتها، بحيث نتصرف كبشر  نخطئ ونصيب وليس كآلهة لا تخطأ أبدا ومن يعارضنا هو الشيطان.

البشر يمكن أن تتعارض وتختلف رؤاهم ومصالحهم النسبية كأفراد أو جماعات دائما، وهذا على ضوء فهمهم ورؤاهم وتوجهاتهم وأيضا ما يتوفر لديهم من موارد وخبرات.

سادتي إن السنغافوري والماليزي لا يعترف إلا بوجود حلبة التنافس مابين البشر، ولا يحاول حتى التفكير بمؤامرة مزمعة تحاك ضده، على عكس تاريخنا الذي على مر العصور زخر بهذه النظريات مع اختلاف ألوانها وتنوعها كما يريد كتّابها و روائيّوها لها.

نحن لدينا قوة هائلة على التدمير الذاتي لا نحتاج فيها لأي غريب، نحتاجه فقط عندما ننتهي حتى نعلق عليها فشلنا، وهذه الكلمات ليست موجهة لفرد ما أو لطرف وإن كنت أتوقع أن يعتبرها البعض كذلك، بل من وجهة تفكير كاتبها هي لا تزيد عن كونها مساهمة ولو حتى بسيطة تحاول التقليل من سيل التهم المتبادلة بين كل ليبي وآخر من أجل بلادنا ومستقبلها.

التدوينة شروخ الذات الليبية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “شروخ الذات الليبية”

إرسال تعليق