طرابلس اليوم

السبت، 9 ديسمبر 2017

الانتخابات في ليبيا.. كيف بدأت بوادرها وإلى أين وصلت مساعي تنظيمها؟

,

تشهد الساحة السياسية الليبية في الآونة الأخيرة حراكا سياسيا من بعض أطراف الصراع داعما لإجراء انتخابات في البلاد كمقترح أخير ونهائي لحل الأزمة الحالية، وذلك تأييد قوي من مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة.

ويرى مراقبون، أن مقترح الانتخابات في ليبيا ظهر وتداول كثيرا في الساحة السياسية عندما شعر الجميع بإخفاق الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين الذي ترعاه الأمم المتحدة وتشرف عليها منذ بداية 2015، دون أن يحقق أي نجاحات تذكر على أرض الواقع، حسب قولهم.

وبفشل الحوار السياسي كما يرى المراقبين المحليين، اقترحت بعض الشخصيات والأطراف العديد من المبادرات تضمنت خطوات ومراحل عدة أبرزها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، أملا منهم للوصول بالبلاد إلى بر الأمان وتوحيد مؤسساتها المنقسمة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

بداية بوادر الانتخابات

وكانت بداية المبادرة لإجراء انتخابات في منتصف يوليو الماضي، عندما أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، مقترحا لخريطة طريق للخروج من الأزمة بالبلاد، تضمنت تسع نقاط في مقدمتها إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مشتركة في مارس المقبل.

ودعم لقاء باريس الذي احتضن اجتماع السراج مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر في 25 يوليو الماضي، مقترح إجراء الانتخابات في البلاد، عندما تعهد الطرفين على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب وقت ممكن بدعم وإشراف الأمم المتحدة والتنسيق مع المؤسسات المعنية.

وأيدت “خطة العمل من أجل ليبيا” لحل الأزمة في البلاد التي أعلنها رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، في 21 سبتمبر الماضي أمام الاجتماع الدولي رفيع المستوى الذي عُقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك برئاسة الأمين العام أنطونيو غوتيريس.

وتضمنت هذه الخطة ثلاث مراحل، وتنص المرحلة الأخيرة منها على أنه “في غضون سنة من إعلان الخطة الأممية، يجب الوصول إلى المراحل النهائية للعملية، ويشمل ذلك إجراء استفتاء لاعتماد الدستور، يلي ذلك وفي إطار الدستور، انتخاب رئيس وبرلمان، ويكون ذلك نهاية المرحلة الانتقالية”.

وأكد ممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، أثناء اجتماعه بمدينة مصراتة مع ممثلين عن الهيئات الوطنية والمجتمع المدني والمنظمات الشبابية نهاية الشهر الماضي، على أن “ليبيا ذاهبة نحو انتخابات في عام 2018”.

الإعلان تسجيل الناخبين

وكما كان متوقعا، أعلنت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، عن بدء عملية تسجيل الناخبين وتحديث السجل الانتخابي، اعتباراً من يوم الأربعاء الماضي، وستستمر لمدة 60 يوماً على أن ينظر في إمكانية تمديدها في حينها.

فيما ستبدأ عملية تسجيل الجاليات الليبية في الخارج في الأول من شهر فبراير المقبل، وفق ما أعلن رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح في مؤتمر صحفي مشترك عقد بطرابلس مع المبعوث الأممي غسان سلامة.

وأوضح السايح، أن عملية فتح سجل الناخبين هي لإتاحة الفرصة أمام المواطنين الذين لم يسجلوا أسماءهم في السابق، أو أولئك الذين يرغبون في تغيير مراكز انتخابهم، وذلك استعدادا لأي استحقاق انتخابي قادم.

وقد فتح تسجيل الناخبين بموجب القانون رقم (8) لسنة 2013، بشأن إنشاء المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وما تضمنته المادة الثانية، والفقرة (4) من المادة الثالثة، وبناء على قرار مجلس المفوضية رقم (58) لسنة 2017، بحسب ما ذكر السايح.

وأكد السايح، أن المفوضية لم تستلم أي قانون لإجراء انتخابات دستورية أو برلمانية أو رئاسية إلى الآن، موضحا أن هذه الخطوة تأتي في إطار الرفع من جاهزية المفوضية نحو اختصار الفترة الزمنية للدورات الانتخابية للاستحقاقات المقبلة، مشيراً إلى أن سجل الناخبين لم يُحدث منذ يونيو 2014، الأمر الذي يستوجب فنياً وإدارياً ضرورة اتخاذ الإجراءات العملية نحو تحديث بيانات السجل لإبقائه قيد العمل فور التوجه نحو تنفيذ أي عملية انتخابية تُكلف بها المفوضية، وفق قوله.

وأشار المبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، إلى أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وجدت مستقلة وتعمل بمهنية واستقلالية، مؤكدًا أن ما قامت به المفوضية عمل كبير، وأن السنوات القادمة سوف تثبت ذلك، على حد قوله.

دعم دولي وأممي

وجرى على هامش المؤتمر الصحفي بشأن إعلان بدء تسجيل الناخبين، مراسم توقيع برنامج الدعم التقني وبناء القدرات للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا خلال الدورة الانتخابية المقبلة، بين نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ماريا فال ريبيرو، ورئيس المفوضية الوطنية للانتخابات عماد السايح.

وقبل ذلك، وقّع سفير هولندا لدى ليبيا إيريك ستراتينغ، ونائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا ماريا فال ريبيرو، في 24 نوفمبر المنصرم بالعاصمة التونسية، اتفاقية لدعم مشروع الأمم المتحدة الانتخابي في ليبيا، والذي يحمل عنوان “تعزيز الانتخابات من أجل الشعب الليبي”.

وتعهدت الحكومة الهولندية بتقديم مبلغ 1.65 مليون دولار أمريكي، لصندوق المشروع الانتخابي التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي يهدف إلى تعزيز قدرة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات على إدارة العمليات الانتخابية التي تتماشى مع أفضل الممارسات والمبادئ المعترف بها على الصعيد الدولي.

وتحت شعار “تعزيز الانتخابات من أجل الشعب الليبي” أيضا، خصصت فرنسا في الخامس من الشهر الحالي، مبلغ مالي قدره 200 ألف يورو دعما لمشروع الأمم المتحدة الانتخابي في ليبيا.

ولم تعد مساهمة هولندا وفرنسا في برنامج مشروع الأمم المتحدة الانتخابي في ليبيا الأخير من نوعه، بل أعلنت وزارة الخارجية الإيطالية، في مذكرة صدرت عنها الخميس الماضي، عن مساهمة إيطاليا بمبلغ 275 ألف يورو لصالح مشروع انتخابات الشعب الليبي تهدف إلى دعم المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ضوء انطلاق عمليات تسجيل الناخبين.

وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج الخميس بالعاصمة برلين، دعم بلادها لجهود رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة لتهيئة الوضع في البلاد لإجراء انتخابات.

ويهدف مشروع الأمم المتحدة للمساعدة الانتخابية، الذي سينفذ عن طريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، إلى تعزيز قدرة المفوضية على إدارة عمليات انتخابية تتماشى مع أفضل الممارسات والمبادئ المعترف بها دوليا، ولضمان مصداقية العمليات الانتخابية وذلك من خلال بناء قدرات المفوضية وضمان الشمولية وتثقيف الناخبين، ورفع الوعي بأهمية المشاركة في الانتخابات.

خطوة مهمة وإيجابية

واعتبر رئيس لجنة الحوار التابعة لمجلس النواب عبدالسلام نصية، البدء في فتح سجل الناخبين من قبل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات “خطوة مهمة وإيجابية نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام المقبل”.

وقال نصية، على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، إن هذه الخطوة يجب أن تتبعها عدة خطوات أخرى، أهمها بناء سلطة تنفيذية موحدة تعمل على توحيد المؤسسات والتهيئة للانتخابات، وحسم الأرضية التشريعية التي ستقام على أساسها هذه الانتخابات، بالإضافة إلى قانون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وشدد نصية، على أهمية أن تجري هذه الخطوات وفقا لجدول زمني محدد، داعيا الجميع إلى ضرورة التسجيل وعدم الالتفات إلى الأصوات المشككة والمثبطة، على حد تعبيره.

وأكد عضو مجلس النواب، أن الديمقراطية والاختيار الرشيد رحلة وليست محطة، محذرا من أن هناك من يعول على عدم الإقبال على التسجيل والذهاب للانتخابات من أجل الوصول للسلطة باقل عدد من الأصوات مدعوما بفكر أو أيدولوجية أو قبلية أو جهوية ضيقة، حسب وصفه.

شروط لنجاح الانتخابات

وحدد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، عدة شروط لإجراء ونجاح الانتخابات في ليبيا التي تتضمنها خطة البعثة الأممية خلال عام، وتكون ذات مصداقية، مؤكدا أن الانتخابات حل للمشاكل وليس لتفاقمها.

واشترط سلامة، تأمين المقار الانتخابية وتأمين إشراك أكبر عدد ممكن من المواطنين في العملية الانتخابية، فضلاً عن التشريعات اللازمة لهذه الانتخابات.

وأوضح سلامة، أن الشروط الواجب توافرها أيضا تنقسم إلى تشريعية وتقنية وسياسية، منها ضرورة توافر وجود مناخ سياسي صالح لإجراء الانتخابات، وأن يقبل القادة الليبيين والمواطنين بنتائج الانتخابات، مبينا أن الانتخابات الرئاسية مثلاً والتي لم تحدث قط، تحتاج لقانون ينظمها، كما أن الانتخابات النيابية بحاجة لذلك أيضًا رغم تكرارها مرتين.

وبيّن سلامة، أن من بين الشروط التي يجب تحققها أيضا، هي “شروط تقنية” التي تتعلق بضرورة تسجيل الناخبين وتأمين أكبر اشتراك ممكن من الليبيين في الانتخابات، بالإضافة إلى “شروط تشريعية” وهو سن القانون اللازم لتنفيذ العملية الانتخابية، إلى جانب “الشرط السياسي” وهو قبول الأطراف اللبيبة كافة مسبقًا بنتائج الانتخابات.

وأكد مبعوث الأممي إلى ليبيا، أنه لا بديل عن الانتخابات وهي جزء من خطة عمل البعثة الأممية، وفي حال فشلها فالبديل هو الانتخابات مرة أخرى، مشددا على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة تهتم بالأمور المعيشية كمشكلة نقص السيولة، بالإضافة إلى وضع المؤسسات العامة وصيانتها.

قرار سيادي للمجلسين

وأكد رئيس المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي، على أنّ الدعوة لإجراء الانتخابات في ليبيا هو قرار سيادي يملكه مجلسي الأعلى للدولة والنواب حصريًا وفقًا لبنود الاتفاق السياسي، وليس من حق أو اختصاص أي جهة داخليةً أو خارجية.

وشدد السويحلي، على أنّ مُقترحهُ بشأن الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة في حال تعثر مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي “لازال قائمًا”، وهذا يرجح كفة تنظيم انتخابات في ليبيا خلال الأشهر المقبلة على خلفية الخلافات القائمة بين أطراف الحوار مما يعثر وصولهم إلى اتفاق حقيقي.

ولكن ما حدث مساء الجمعة في بنغازي من اعتداءات على بعض المراكز الانتخابية من قبل مؤيدين للواء المتقاعد خليفة حفتر ورفضهم لإجراء انتخابات في المدينة، قد يقلل من نسبة نجاح تنظيم انتخابات في المناطق التي تخضع تحت سيطرت حفتر.

التدوينة الانتخابات في ليبيا.. كيف بدأت بوادرها وإلى أين وصلت مساعي تنظيمها؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الانتخابات في ليبيا.. كيف بدأت بوادرها وإلى أين وصلت مساعي تنظيمها؟”

إرسال تعليق