طرابلس اليوم

الاثنين، 26 يونيو 2017

شراكة اليوم أم إسقاطات الأمس

,

 

عبد الفتاح الشلوي/ عضو المؤتمر الوطني العام السابق

“ممر  دانتريغ ” أشعل الحرب العالمية الثانية، ولطمة مروحة أوقعت الجزائر بقبضة فرنسا لما يزيد عن القرن، وسار الحُجاج  القساوسة حفاة على الأشواك؛ استنهاضًا للحرب الصليبة، ناقة البسوس أذكتها نارا بين أخوة التراب، وقنواتنا تعيد مسلسل الزير حقيقة وتمثيلا.

 

مشهدنا السياسي وإلى الآن من تأزم لارتباك، ومن تعقيد لتعقيد، إن اتفقنا أو اختلفنا مع مسودة الصخيرات تبقى هى محور المشكل الآن لدى البعض، والمخرج والمنقذ من وجهة نظر آخرين، ولادة عسيرة للاتفاق، بقي بالحضانة السياسية لثلاثة أشهر، ومن بعدها منحت له شهادة الميلاد بأمومة ( كوبلرية ) في أبي سته نحرت خراف المولود، هلل من هلل، واستبشر من استبشر، وصك وجهه من صك، وقبل أن يحبو خارج الشاطئ انقسم الوليد علي نفسه، ونالت منه سهام الخلاف، رغم كثرة المباركين المساندين والداعمين من وراء المتوسط، والآن أضحت العودة للحضانة الاصطناعية متوقعة، بل وباتت وشيكة لدى المؤيدين والمعارضين، ومن غير مستبعد النعي. لقد فرّط الرئاسي بالزخم الشعبي الذي قوبل به في أيامه الأُول، ولم يستثمره لضخ الدماء بالاتفاق.

 

فإن كنا وصلنا لهذا فعلا – وهو ما يؤكده الوضع علي أرض الواقع – نقص السيولة، المشكلة التي تؤرق رأس الشارع والسلطة معا، انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، ارتفاع الأسعار، هبوط سعر صرف الدينار، حالة التشظي السياسية والاجتماعية، التغير الديمغرافي، والوضع الاقتصادى، والشأن الدولي، وحالة الترقب اللتي يعيشها المواطن، وعبث بعض وسائل الإعلام، والفساد المالي والإداري الذي يلف البلد، كل هذا وماسبق، من المتوقع أن يشكل لنا ( جميعا ) أرضية جديدة لننطلق منها للخروج من أزمتنا، دون أن نستهلها باللوم والعتاب والتجريم.

 

لقد أصبح كوبلر وتابعيه رقما مهما بالخلية السياسية الليبية المتكورة، وليس من الممكن الآن استئصالها، لكن لنا أن نحاصرها ونمنعها من الانتشار، وأن يخرج الجميع من قولبة المطالب، والإفلات من الحراك الأسمنتي، فطقس الأمس، لا تناسبه ملابس اليوم، ولا يعني هذا التخلي عن كل المطالب، ولا التفريط بالثوابت، بعد الاتفاق عليها وتحديدها، وعدم إهمال التسلسل المرحلي، وتصفيف الأولويات، والإقرار بأن نحافظ أولا  وأخيرا علي البقعة ( اللتي تعاهدنا بنشيدنا ألا نخذلها) بإيجاد ثقافة الشراكة بالوطن .

إن لغة الاشتراط والظن بالوطنية والرمي بالخيانة لا ولن تبن دولة، وما كان ولن يكون تسخير المال الفاسد وإعادة تدويره وتوظيفه سياسيا لحيقق استقرار ولا يرفع حقا أو ينمقه، تماما كما هو الحال للانفاق على ( بعض ) القنوات الفضائية الهابطة المتحربنة، واللتي تسعى لتسويق وترويج بضاعة مزجاة.

من خلال ما تقدم ليس عيبا أن تراجع المواقف، وأن يتطهر الآخر  مما علقت به من الأدران ويلحق بالجماعة طاهرا نقيا، وعلى الأطراف التي ترى ثوبها أبيضا نقيا أن تتغاضى عن البقع الملوثة لدى خصومها ومعارضيها ومخالفيها، نحن لسنا في حاجة ( للسوبر مان ) لكننا نفتقد الثقة، والإقرار بالإعوجاج، ووجوب تقييم وتقويم المشهد بعيدا عن الجهوية، والتسور بالحزبية ، والقبلية، و”الأيديولوجيات” والانتماءات الضيقة، وأن ننظر للخارطة الليبية الضيقة التي بإمكانها أن تسع الجميع، وبإمكان الجميع  العيش فيها بأمان واستقرار وسعادة.

التدوينة شراكة اليوم أم إسقاطات الأمس ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “شراكة اليوم أم إسقاطات الأمس”

إرسال تعليق