طرابلس اليوم

الأربعاء، 5 يوليو 2017

ما الذي يشغل بالك الآن ؟

,

ما الذي يشغلك الآن؟

عطية الأوجلي/ كاتب ليبي

أشياء كثيرة. بينها غياب الحوار من حياتنا. نحن لا نتحاور في بيوتنا أو مؤسساتنا أو حتى بين أصدقائنا. الحوار قيمة إنسانية هائلة والمجتمعات التي لا تتحاور لن تجد ذاتها. لن تتعرف أبدا عن نفسها. لن تعرف مشاكلها ولن تعثر عن حلول لها. البديل عن الحوار هو سيطرة رؤية فردية يتيمة وهيمنة عقلية القطيع. الحوار هو الاعتراف المسبق بحق الغير في التفكير والتعبير. نحن نطالب العالم بالحوار معنا….وفي نفس الوقت لا نتحاور فيما بيننا. كيف لي أن أطالب العالم بالحوار معي وأنا لم أمارسه يوما ما ..؟

تشغلني الروح القبلية التي تسكننا منذ داحس والغبراء. لا زال عالمنا شيخ قبيلة وشعراء ومحاربون وغزو. لقد خرجنا من شكل القبيلة ولكننا نحتضن قيمها ونمارس مفرداتها ولا زلنا ننصر أخانا ظالما ثم ظالما ثم ظالما..ولا نبالي به إن كان مظلوماً. أتسألني عن ماذا يشغلني!

تشغلني عزلتنا عن العالم… نحن نقف موقفا أخلاقيا لفظيا من العالم. ندين ونشجب نصرخ وننتقد ولكننا لا نمارس وجودنا كجزء من هذا العالم. نطلب من الكون بأسره أن يتعاطف معنا ولكننا لا نتعاطف مع أحد. أين نحن من قضايا الآخرين؟. لازلنا نتصرف كقبيلة تعيش في قلب الصحراء تتغزل بذاتها حتى الموت عطشا.

لماذا لم ننتج أعمالا إبداعية عن الغير؟ أين نحن من قضايا الفقر والعنصرية والإيدز والجريمة المنظمة؟. أين نحن من رواندا وأمريكا اللاتينية؟. أين نحن من الهنود الحمر أو سكان استراليا الأصليين؟ لقد تأثرنا لما حدث في البوسنة و الشيشان فقط لأنهم امتداد لنا وليس لأنها حالات إنسانية. حاولت أن اجعل من كتاباتي وترجماتي نافذة وان كانت صغيرة لنطل منها على هموم الغير. لذا فقد كتبت عن السود بأمريكا وعن كفاح اليسار بتشيلي وترجمت أعمال من نيجيريا ومن جنوب أفريقيا. ولم احصر اهتمامي بقضايا العالم الثالث بل ترجمت نصوصا لكتاب أمريكيين وكتبت عروضا لكتب وروايات غربية.

أنطلق من حقيقة أننا لسنا أعداء لأحد. نحن فقط نطالب بحقوقنا وباحترام قيمنا وثقافتنا. يجب أن نحارب مشاريع الهيمنة ولكن يجب علينا أن نتفهم ونحترم الثقافات الأخرى. يؤلمني حتى الثمالة ما أراه من عداء وكراهية لكل ما هو غربي لدى البعض منا. وأقولها بكل صراحة إن العداء المطلق مثل التبعية المطلقة وهو رؤية غير متزنة وهو حالة مرضية وعنوان لأزمة في نفوس معتقديها. هناك بالطبع من يغذى هذا الاتجاه بالمقالات والقصائد والبكائيات. والنتيجة هو شباب في عمر الزهور شباب شبه أمي ومحروم من المهارات على استعداد للموت في إي ساحة دون أن يعرف حتى هوية المتقاتلين. هل ثمة ما يؤلم أكثر من ذلك؟ بالله عليك أخبرني.

التدوينة ما الذي يشغل بالك الآن ؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ما الذي يشغل بالك الآن ؟”

إرسال تعليق