طرابلس اليوم

الاثنين، 27 نوفمبر 2017

ترأس الساسة ورجال الأعمال للأندية.. بين الأهداف السياسية وطموحات الجماهير الرياضية

,

شهدت الساحة الرياضية في ليبيا عقب ثورة 17 فبراير 2011، تسابق عدد من الشخصيات السياسية ورجال الأعمال على ترأس الأندية الرياضية التي تحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة، لكسب ودها لتحقيق أهداف سياسية، حسب مراقبين.

وجذبت الأندية الرياضية التي تملك قاعدة شعبية كبيرة سياسيين ورجال أعمال الطامحين لأهداف شخصية بعيدة عن أهداف وطموحات عشاق هذه الأندية التي تتطلع إلى وصول فريقها إلى منصات التتويج والذهاب بعيدا في البطولة الإفريقية.

الشهرة والانتخابات

وأكد مسؤول ورياضي سابق في أحد الأندية الرياضية الكبرى في ليبيا، أن رجال الأعمال أو السياسيين تولوا تسيير الأندية الرياضية لتحقيق أهداف خاصة، مثل خوض عمليات الانتخابات التي ستجرى في البلاد، واستغل بعض هؤلاء الشخصيات المؤسسات الرياضية للوصول إلى هدفهم السياسي ولكسب عدد كبير من المناصرين لهم في الحملات الانتخابية المقبلة.

وأوضح المسؤول والرياضي السابق – الذي رفض الكشف عن اسمه – لموقع عربي 21 أن من أسباب توافد الساسة ورجال الأعمال لتولي رئاسة المؤسسات الرياضية، هي ضعف الجمعيات العمومية لهذه المؤسسات وعدم وصول الشخصيات الرياضية النزيهة الشفافة إلى رئاسة الجمعية العمومية.

حاضنة شبابية

وقال صحفي رياضي، “إنه بعد التغييرات التي حدثت عقب فبراير تأثرت الأندية الرياضية والمؤسسات الشبابية بما حلّ بليبيا، وأحدثت هذه التغييرات فراغا في القيادات الرياضية، اجتاحت البلاد المطالبات بالعملية الديمقراطية والانتخابات، وهذا ولد لدى الساسة الجدد شعورا بحاجتهم إلى حاضنة شبابية ودعم قطاع واسع من الشباب، ليجدوا ضالتهم في الأندية التي تعاني من الإفلاس والعاجزة عن توفير أبسط متطلباتها”.

وأضاف الصحفي – الذي طالب عدم ذكر اسمه – أن المتصدرين للمشهد السياسي جمعوا الأموال وتولوا مناصب ليتمكنوا من السيطرة، ولكن لم تحقق الأموال التي جمعوها ولا المناصب التي تقلدوها أطامحهم، ولم ينجحوا في أن يكونوا محط تقدير الشارع وضلوا نكرة، ورأوا أن تعويض ذلك سيكون في الأندية وجمهورها، والتي ستزيد من أسهمهم وشعبيتهم في الشارع.

ورأى الصحفي الرياضي، أنه بهذه الوسيلة التي انتهجها بعض السياسيين ورجال الأعمال التقت مصالح أندية رياضية تبحث عن أموال لسد عجزها وتوفير متطلباتها وجلب أفضل اللاعبين لإرضاء أنصارها وأشخاص ترجموا الفكرة إلى واقع لتولي مقاليد الأمور والمناصب، وفق رأيه لموقع ليبيا الخبر.

غياب دعم الدولة

ونوه مختصون رياضيون، إلى أن الجماهير الرياضية لا يهمها ما الذي يطمح إليه السياسي أو رجل الأعمال الذي تقلد رئاسة ناديها، وأن ما يهمها هو تتويج فريقها بالبطولات وتحقيق الانجازات وتخصيص مبالغ طائلة من قبل هؤلاء الشخصيات وصرفها على ناديهم الذي يعاني من الإفلاس، ولتخليصها من الديون المتراكمة عليها.

وبسبب غياب دعم سلطات الدولة لرياضة المحلية بشكل عام والانقسام السياسي والمؤسسي الذي حلّ بليبيا، ناهيك عن تدني الوضع الاقتصادي في البلاد، لجأت جماهير الأندية الرياضية إلى بعض السياسيين وأصحاب رؤوس الأموال في ليبيا لتولي رئاسة أنديتها.

واعتبر المختصون، أن هذه الظاهرة جيدة، وأنها ربما قد تعود بالإيجابية على الأندية بشكل خاص والرياضة الليبية عامة، نظرا للأموال الطائلة التي سيصرفها هؤلاء الأشخاص لكسب ثقة الجماهير.

طاطاناكي والنايض والوافي

وبدأت هذه الظاهرة مع نادي أهلي بنغازي صاحب أكبر قاعدة شعبية في المنطقة الشرقية عامة ومدينة بنغازي ثاني المدن الليبية مساحة وتعددا للسكان، عندما ترأسه عقب ثورة فبراير 2011 رجل الأعمال المعروف حسن طاطاناكي واستمرت ولايته إلى عام 2013.

وليخلف طاطاناكي بعد ذلك في رئاسة نادي أهلي بنغازي في الأعوام الأربعة التالية سفير ليبيا لدى الإمارات آذاك عارف النايض والسياسي البارز في الساحة السياسية الليبية، والمرشح لرئاسة البلاد في يوم من الأيام، بحسب ما يرى مراقبين محليين.

وليس بعيدا عن أهلي بنغازي، تولى مؤخرا عضو المؤتمر الوطني السابق ورجال الأعمال الشريف الوافي، رئاسة نادي النصر صاحب ثاني أكبر قاعدة جماهيرية في بنغازي، والذي يعاني كغيره من الأندية من شبح الإفلاس والديون المتراكمة

وانتخب الوافي رئيسا لمجلس إدارة نادي النصر في 22 أغسطس الماضي، وذلك بعد انتخابات تحصلت قائمته على 174 صوتاً، مقابل 113 صوتًا للقائمة الثانية والمنافسة الوحيدة بقيادة مصطفى عبدالسلام.

وفي شرق البلاد يترأس عضو مجلس النواب عبدالمطلب ثابت نادي الأخضر البيضاء، وعضوية كلا من أحمد بريدان مدير صندوق التضامن على مستوى ليبيا، ونصر الدين بوفليقة مدير مصرف التجارة والتنمية فرع البيضاء، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال بالمدينة الداعمين للنادي.

أشتيوي ومعيتيق والرعيض

ولم ينجو نادي أهلي طرابلس الأشهر في المنطقة الغربية عامة وفي العاصمة خاصة من أطماع رجال الأعمال والسياسيين، وتسابق إلى رئاسته العديد من الشخصيات لتحقيق أهدافها السياسية والشخصية.

وربما يعد إسماعيل أشتيوي أحد رجال الأعمال الليبيين المقيمين بالإمارات أبرز الداعمين لنادي أهلي طرابلس خلال الأعوام العشرة الماضية كونه مشجعا للنادي، إضافة إلى رجال الأعمال ساسي بوعون الرئيس الحالي لمجلس إدارة النادي.

كما ظهر في الأشهر الأخيرة عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني أحمد معيتيق في عدة مناسبات خاصة بنادي أهلي طرابلس، والذي يعتبر أحد الداعمين لهذه المؤسسة الرياضية، وفق ما أفاد مشجعين قريبين من إدارة النادي لموقع ليبيا الخبر.

وفي مصراتة لم يبخل عضو مجلس النواب محمد الرعيض ومالك شركة النسيم للصناعات الغذائية، على ناديه السويحلي ودعمه ماليا وماديا، وتكفلت الشركة بتغطية مصاريف النادي الأول بمصراتة في مناسبات عدة.

أدبيبة وبالحاج والتاجوري

أما نادي الاتحاد الذي يحظى بشعبية كبيرة في العاصمة لا تقل حجما وأهمية عن شعبية غريمه التقليدي أهلي طرابلس، فقد تداول عدة شخصيات بارزة في البلاد رئاسة النادي بعد ثورة 17 فبراير 2011.

وكانت البداية بمدير الشركة الليبية للتنمية والاستثمار عبدالحميد أدبيبة الذي استقال من رئاسة نادي الاتحاد في نهاية 2014، ليخلفه في أكتوبر من العام ذاته رجال الأعمال عمر المغيربي الذي قدم استقالته أيضا العام الماضي.

وحظي نادي الاتحاد في الأعوام السابقة بدعم رئيس حزب الوطن عبدالحكيم بالحاج وتكفل بتغطية جزاء من احتياجاته المالية، فيما يتكفل آمر كتيبة ثوار طرابلس هيثم التاجوري حاليا بدعم النادي بأموال طائلة، وتحمل تغطية مصاريف وعقود بعض اللاعبين التي كلفت خزينة النادي ملايين الدينارات.

غياب التصور الواقعي

ورغم المبالغ الطائلة التي تقدر بالملايين الدينارات التي صرفها بعض رجال الأعمال والساسة على الأندية الرياضية، أن أنها لازالت تعاني من مختنقات ومشاكل مالية وتراكم الديوان، وربما تعاني بعضها من شبح الإفلاس.

وعلل المسؤول والرياضي السابق، الذي رفض كشف اسمه، سبب ذلك هو أنه لم يقدم أي من الساسة أو رجال الأعمال الذين تقدموا ونجحوا في الوصول إلي سدة رئاسة النادي أي تصور واقعي يخدم البنية التحتية للنادي من ملاعب ومرافق رياضية وأماكن ترفيه للمنتسبين، وخلق استثمارات تعود على النادي بالنفع المادي في المستقبل.

تأثير الظاهرة

وعن مدى تأثير ترأس السياسيين ورجال الأعمال للأندية الرياضية على مستقبل الرياضة الليبية والأندية، رأى الصحفي الرياضي، أن تأثيرها سيكون سلبيا في المستقبل، لأن الأندية لم تستثمر حتي الآن هذه الأموال، ولم تضعها في مكانها الصحيح، إضافة إلى أن هناك أفراد من الجماهير ورواد النادي استغلوا هذه الحالة في منافع شخصية علي حساب مصلحة ناديها، وفق قوله.

فيما قال المسؤول والرياضي السابق: “إن تأثير هذه الظاهرة على مستقبل الرياضة المحلية والأندية سيكون إيجابياً إذا كان هناك تصوراً أو برنامجاً للأندية والرياضة الليبية، وبشرط توفير مناخاً رياضياً صحياً بعيداً عن التدخلات العشوائية والعبثية من قبل أعداء النجاح الذين يجدون في الأندية والرياضة مناخاً مناسبا لمصالحهم”، على حد تعبيره.

وبعد اللجوء إلى الأندية والمؤسسات الرياضية كوسيلة لتكوين قاعدة شعبية وكسب ثقة فئة الشباب في المجتمع.. هل سينال هؤلاء السياسيين ورجال الأعمال ما يطمحون إليه وينجحون في تحقيق أهداف؟،.. ربما ستجيب الدورة الانتخابية المقبلة التي قد تجرى في البلاد العام المقبل عن هذا السؤال.

التدوينة ترأس الساسة ورجال الأعمال للأندية.. بين الأهداف السياسية وطموحات الجماهير الرياضية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ترأس الساسة ورجال الأعمال للأندية.. بين الأهداف السياسية وطموحات الجماهير الرياضية”

إرسال تعليق