طرابلس اليوم

الثلاثاء، 22 مايو 2018

الركود السياسي .. سيد الموقف

,

عبد المجيد العويتي/ كاتب ليبي

في كل مرة يطرأ فيه حدث مفصلي على الساحة الليبية تتصاعد معه حدة التفاؤل بانفراج في الأزمة السياسية وتتعاظم معها تخمينات الوصول إلى نهاية النفق المظلم حسب معطى التغير ، ولكن ما أن يطول الانتظار حتى نتفاجئ بأننا متفائلون فقط لمجرد الأماني ، الأماني في الحل والأماني في انتهاء الانسداد ومنه إلى الانفراج المرتقب .

وتظهر جلياً حالة الركود السياسي في تعطل الحياة السياسية في البلاد متمثلة في بطء شديد في تنفيذ مخرجات الاتفاق السياسي الذي يعتبر المرجعية الأساسية لتحريك الملف الليبي وإنهاء الأزمة السياسية ، مما أثر سلباً على الانجاز الحكومي في تنفيذ متطلبات الحياة اليومية للمواطن كتعطل البرنامج الاقتصادي من نقص في السيولة وارتفاع لسعر الدولار أمام الدينار الليبي وقضايا الاعتمادات والفساد ، وأمام تشعب سلبي لدور الميليشيات المسلحة داخل العاصمة طرابلس التي أصبحت تتحكم في توجيه بعض الملفات التنفيذية والسياسية والتأثير عليها بما يخدم مصالحها هي . كتنفذها في وزارات كالخارجية والصحة وغيرها وتعطيلها لدور الأجهزة الأمنية الرسمية في الداخلية وما يتبعها من أجهزة شرطية ، حتى وصفتها بعض التقارير الدولية بأنها المتحكم في المسار السياسي في العاصمة مستفيدة من حالة الركود التي تصيب اركان الدولة  .

إن حالات الجمود السياسي في البلاد لا يمكن أن تحل بلمسات تجميلية على سطح البشرة بل بعمليات جراحية تصل إلى عمق الجسد ، وبانتظار الانتخابات المرتقبة والتي لم يعد الحديث عنها بتلك الحماسة وقت الإعلان عنها ، ناهيك عن التخبط في فحواها بين رئاسية وبرلمانية وبين رئاسية فقط ودعوات الاستفتاء على الدستور قبل إجرائها في الأصل .

يبقى أمام كل هذا الترقب من هذه الخطوة التحرك لعدة نقاط قد تمثل الخضة التي تحتاجها الساحة السياسية الليبية لزحزحة بعض الملفات نحو الإنجاز ، منها الإصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة والتي يقع عاتقها الأكبر على كاهل المصرف المركزي وعلى رغبة يجب أن تكون واضحة من محافظه الصديق الكبير مقابل رغبة مماثلة للجلوس وحل بعض المختنقات التي يتحجج بها المحافظ مع رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك ، وحتى إن تحقق مضمون ونجاعة الإصلاح الموضوع من قبل بعض المتخصين الاقتصاديين فلا يجب أن يبقى تنفيذه رهن جدول مفتوح ليتم إنجازه ، بل يجب أن يحدد بمواعيد ثابتة لا رجعة عن تاريخها وإن لم يتحقق فلا مناص من إحداث خضة قوية تودي برؤوس هذه الكتل السيادية وإعادة تسمية رؤساء جدد لها وعلى رأسها المصرف المركزي الذي وبحسب مختصين يملك معظم مفاتيح حل الأزمة الاقتصادية .

ولأن خطوة الانتخابات قد تبدو بعيدة المنال شيئاً ما ، فيجب أن تحدث خضة أخرى أيضاً على مستوى السلطة التنفيذية كالإعلان عن تعديل وزاري يطال بعض الوزراء الذين لم يحركوا ساكناً منذ توليهم ولم يقوموا بإحداث تغييرات مطلوبة على مستوى حقائبهم الوزارية ، ولا يجب أن تتوقف هذه التغييرات والإصلاحات في الوزراء فقط بل يجب أن تصل إلى أعضاء المجلس الرئاسي عبر تعديل مطلوب على الاتفاق السياسي يفضي بتقليص عدد النواب وتسمية رئيس للوزراء بمعزل عن منصب رئيس المجلس الرئاسي .

وأخيراً فإن حالة الركود السياسي في ليبيا حالة مستشرية على كل الصعد والحل لا يمكن في تعميم الحلول بل بتفصيل كل ملف وإحداث خضة قوية به ، فحالة عدم الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة وصلت حدها وهي مرتبطة بالأشخاص أكثر من الأحداث ، فلكي تسترد الأجهزة الرسمية للدولة بعض هذه الثقة يحب الإصلاح على المستوى الهرمي وإحداث نوع من التغيير في التروس مع عدم إغفال الهفوات السابقة حرقاً للمراحل ووصولاً إلى حالة نشطة للأحداث السياسية تخرج البلد مما هي فيه من معثرات ومطبات أمام الإنجاز السياسي.

التدوينة الركود السياسي .. سيد الموقف ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الركود السياسي .. سيد الموقف”

إرسال تعليق