طرابلس اليوم

الاثنين، 21 مايو 2018

أطراف الصراع ومناطق النفوذ بليبيا بعد قرابة أربع سنوات من الانقسام

,

تعيش ليبيا منذ أكثر من أربعة أعوام على وقع انقسام حاد في مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والسيادية، مما زاد هذا الانقسام من تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد الأمر الذي زاد من صعوبة إمكانية توحيد البلاد تحت مؤسسات موحدة.

هذا الانقسام نتج عنه أزمة سياسية بين الفرقاء الليبيين يصعب على الوسطاء المحليين والدوليين حلها، وتدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، بالإضافة إلى إحداثه لشروخ حادة في النسيج الاجتماعي والقبلي الليبي.

بداية الانقسام

وكانت بداية سلسلة الانقسامات عندما انتُخب مجلس النواب في 25 يونيو 2014، وعقدت مراسم تسليم السلطة من قبل عدد من أعضاء المؤتمر الوطني العام للبرلمان المنتخب في أغسطس 2014، إلا أنه في 6 نوفمبر 2014، قضت المحكمة الدستورية العليا بليبيا بـ”عدم دستورية الفقرة الحادية عشرة من التعديل الدستوري السابع الصادر في مارس 2014″، ما ترتب عليه من آثار، أنه فُسّر كونه يحل البرلمان على خلفية “بطلان” تعديل إعلان دستوري مؤقت انتخب بموجبه الأخير.

وقوبل حكم المحكمة بالرفض من برلمان طبرق، باعتباره الجهة المنتخبة، في حين دعمت قوات فجر ليبيا والمؤتمر الوطني العام وحكومة طرابلس آنذاك حكم المحكمة، ما كان سبباً في نشوء نزاع بين مجلس النواب بطبرق، والمؤتمر الوطني بطرابلس.

وبدأ مجلس النواب عقد جلساته في مدينة طبرق شرق البلاد في أغسطس 2014، ليعلن عدد من النواب انقطاعهم عن الجلسات لعدة أسباب من بينها عدم دستورية مجلس النواب وعقد جلساته في طبرق التي اعتبروها إحدى المدن التي يسيطر عليها قائد عملية الكرامة خليفة حفتر.

وأدى هذا الانقسام إلى انفصال الحكومات في البلاد إلى حكومتين واحدة في المنطقة الشرقية والأخرى في المنطقة الغربية، واتخذت الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني التابعة لمجلس النواب بطبرق من مدينة البيضاء مقرا لها، بينما اتخذت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج من العاصمة طرابلس مقرا لها.

السراج غربا

وجاءت حكومة الوفاق عقب توقيع الاتفاق السياسي بين بعض أطراف الصراع في مدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015، وأعلن السراج بدء مهام حكومته من طرابلس بعد أن سحب البساط من حكومة الإنقاذ الوطني بقيادة خليفة الغويل التابع للمؤتمر الوطني العام السابق، الذي كان يسيطر على العاصمة لأكثر من عام.

وتدين معظم بلديات مدن المنطقة الغربية وكتائبها المسلحة بالولاء لحكومة الوفاق الوطني، بدء من سرت شمال وسط البلاد إلى رأس أجدير غربا، إلى مدينتي مرزق وغات ومحيطهما جنوب غرب ليبيا.

وكسب رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني فائز السراج ولاءات وتأييد العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة وكتائبها المسلحة، باستثناء قليل من المجموعات والقادة الذين لايزالون يدينون بالولاء للمؤتمر الوطني وحكومة الإنقاذ ودار الإفتاء برئاسة المفتي الشيخ الصادق الغرياني.

حفتر شرقا

ويبسط قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، سيطرته بقوة السلاح على المنطقة الشرقية بدعم من دولتي الإمارات ومصر، باستثناء مدينة درنة شرقا التي وجه حفتر مقاومة مسلحة من قبل أغالب أهالي المدينة الذين رفضوا مرارا وتكرارا إدخال درنة في معركة مسلحة وتجنيبها للحرب حماية للمدنيين والبنية التحتية.

ويسيطر حفتر على مدينة بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية تعدادا ومساحة، بعد أن أعلنت قوات عملية الكرامة في نهاية ديسمبر الماضي سيطرتها على كامل المدينة ودحرها لقوات مجلس شورى ثوار بنغازي وحلفائهم الذين كانوا يتمركزون في عدة مناطق بالمدينة وقاوموا قوات حفتر لأكثر من ثلاث سنوات.

كما يسيطر خليفة حفتر أيضا على أجزاء كبيرة من منطقة الجفرة وسط البلاد من بينها قاعدتها العسكرية التي يعتبرها الكثيرين أنها ذي موقع استراتيجي وهام، وقد أعلن حفتر سيطرته على الجفرة بعد معارك مسلحة مع قوات سرايا الدفاع عن بنغازي وحلفائها في منتصف العام الماضي.

الجنوب المتقلب والمتدهور

أما المنطقة الجنوبية التي تعد أكثر المناطق تعقيدا وتقلبا، ناهيك عن الأوضاع الإنسانية والأمنية الصعبة والانفلات الأمني الحاد الذي تعيشه مدن الجنوب بسبب هذا الانقسام الذي أدى إلى تدهور وانفلات الأمن في حدود ليبيا الجنوبية، وتعدد المجموعات المسلحة والحروب القبلية.

وتشهد عدة مدن في المنطقة الجنوبية أبرزها مدينة سبها عاصمة الجنوبية من حين لآخر نزاعات قبيلة مسلحة بين بعض القبائل الكبيرة في المنطقة ويسقط على أثرها عشرات القتلى والجرحى، وتحتضن سبها قبائل كبرى ومكونات عدة من بينها: المقارحة، وأولاد سليمان والقذاذفة، والتبو، والطوارق.

ووفقا لصحفي مهتم بالأوضاع في الجنوب، فإن جميع المدن الكبرى في المنطقة تحت سيطرة “مليشياتها” المحلية والقبلية التي تتبادل ولاءاتها حسب مصالحها، وكذلك بلدياتها التي تتبع وتتعامل مع حكومة الوفاق الوطني ولا تمانع من التواصل مع الحكومة المؤقتة في البيضاء من أجل تحقيق مصالحها.

وتنقسم مناطق النفوذ في الجنوب، وبشكل عام يسيطر التبو على منطقة جنوب سبها إلى الحدود مع النيجر وتشاد، ويبسط الطوارق سيطرتهم على مناطق أوباري إلى الحدود مع الجزائر عند غات، ويسيطر أولاد سليمان على بعض مناطق في سبها، في حين يسطر القذاذفة على الأجزاء الأخرى بالمدينة مع بعض الأحياء التي يسيطر عليها المقارحة الذين يبسطون سيطرتهم على منطقة وادي الشاطئ إلى الشويرف.

في حين تسيطر قوات اللواء 12 مشاة مجحفل بقيادة محمد بن نايل الذي يدين بالولاء لخليفة حفتر على قاعدة تمنهنت الجوية التي تقع على بعد ثلاثين كيلومترا شمال شرق مدينة سبها، والتي تعد موقعا استراتيجيا هاما وخط مواجهة رئيسي بين تحالفات المسلحة في شرق البلاد وغربها، إضافة إلى سيطرت اللواء على كامل مدينة براك الشاطئ شمال سبها.

النظام السابق

تنقسم فصائل النظام السابق المعارضة لثورة شباط/فبراير إلى عدة أحزاب وتحالفات، تختلف فيما بينها في مسألة دعم قائد عملية الكرامة خليفة حفتر، والدعم المصري والإمارتي، ومن أبرزها؛

الحركة الشعبية التي تأسست عام 2012، وهي تجمع لأبرز أعضاء حركة اللجان الثورية من المدنيين والعسكريين، وهي ممولة من الإمارات ولأعضائها حرية الحركة والتنقل. سيف الإسلام القذافي يتهمهم بالخيانة كونهم يتلقون دعما إماراتيا مصريا. قيادات الحركة ترى أنه على سيف الإسلام أن ينضم إلى حركتهم.

ومن أبرز قيادات الحركة، موسى إبراهيم الناطق باسم نظام سبتمبر إبان ثورة فبراير، ومصطفى الزائدي قيادي في حركة اللجان الثورية، والطيب الصافي، صالح رجب قيادي أمني بارز في نظام القذافي، محمد بالحسن العرفي، أمين شؤون النقابات في المؤتمر السعب العام “برلمان” عمر السوداني المنسق العام لمكتب الاتصال باللجان الثورية في جامعة قاريونس والمعاهد العليا.

تتحالف الحركة مع اللواء المتقاعد حفتر لأجل الانتخابات البرلمانية القادمة، يقدمون أنفسهم على أنهم واجهة سياسية لعملية الكرامة، كون حفتر فشل في تأسيس حركة سياسية تمثله. وسبب قبول حفتر التحالف مع الحركة الشعبية هو مطالبتهم بأن يعمل سيف الإسلام القذافي تحت إدارة حفتر. وأنهم لا يشترطون على حفتر التوبة من خيانته لنظام القذافي.

الجبهة الشعبية التي يقودها سيف الإسلام نجل العقيد الراحل معمر القذافي، وخالد الخويلدي نجل الخويلدي الحميدي أحد أبرز قيادات نظام القذافي يمثل الحركة خارجيا، وهم مقيم في مصر. أبرز قياداتهم عثمان بركة من طرابلس، لجان ثورية. وأيمن بوراس أخر أمين شؤون النشاط في طلبة ليبيا.

الجبهة يغلب عليها العمل السري، وأغلب أعضائها وكوادرها غير معروفين، بسبب تضييق مصر والإمارات عليهم، حيث أن سيف الإسلام يرفض دعم الإمارات له، بسبب رفض سيف الإسلام التعاون مع حفتر، و لدور الإمارات في إسقاط نظام والده.

جبهة النضال بقيادة القيادي البارز أحمد قذاف الدم، تضم خليطا من أعضاء حركة اللجان الثورية وبعض قبائل القذاذفة والمقارحة. تعتمد الجبهة على الكاريزما الشخصية لأحمد قذاف الدم، الذي يسعى لأن يكون أخوه أحمد هو زعيما، إلا أن ذلك يلقى رفضا من بعض بيوت قبيلة القذاذفة الذين يرون أن بين أحمدقذاف الدم وهو القحوص حصل على حصته في إدارة ليبيا إبان نظام معمر القذافي. من أبرز قيادتها علي الكيلاني أحد أبرز رجالات النظام السابق.

حزب ليبيا المستقبل برئاسة عبد الهادي الحويج الذي كان مسؤول المنظمة الليبية للشباب أحد أبرز أذرع ليبيا الغد التي أطلقها سيف الإسلام عام 2006. يحصل على دعم إماراتي وعلاقته جيدة بالمصريين.

وبعد هذا الصراع السياسي، فقد باتت ليبيا مهددة بالانقسام إلى ثلاثة أقاليم، طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجنوب، في ظل انهيار الدولة وتبعثر السلطة والأوضاع الهشة والتدخلات الخارجية، إضافة إلى النزعات القبلية والمناطقية التي تلعب أدوارا انقسامية عنيفة، في ظل غياب الوعي الوطني الصلب، ومقومات البناء الوطني المؤسسي، بحسب مراقبين محليين

التدوينة أطراف الصراع ومناطق النفوذ بليبيا بعد قرابة أربع سنوات من الانقسام ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “أطراف الصراع ومناطق النفوذ بليبيا بعد قرابة أربع سنوات من الانقسام”

إرسال تعليق