طرابلس اليوم

الجمعة، 25 أغسطس 2017

المؤسسة التي لا تموت …الكشافة ودورها في المجتمع الليبي

,

محمد تنتوش/ كاتب ليبي

 

في الأيام الماضية كنت أقوم بتنظيم بعض الأوراق التي أملكها وبعض الأشياء القديمة التي كنت أخزنها لفترة طويلة تعدى بعضها الخمسة عشرة سنة ، وسط كل تلك الذكريات القديمة وجدت أجمل تجربة خضتها في حياتي، شهائد الدرجات الكشفية ، الأوسمة ، شعارات المخيمات التي سبق أن حضرتها منذ كنت في حلقة الفتيان في المرحلة الإعدادية و مذكرة صغيرة فتحتها فإذا بها مملوءة بالحب والأخوة ، أرقام لزملائي بمخيم الدرجة الأولى بحلقة الفتيان و كلمات كتبها بعض الزملاء و القادة للتعبير عن مدى ارتباطنا بتلك اللحظات التي عشناها معا لمدة أسبوع كامل في غابة جوددائم .التي اجتمع فيها الزملاء من كل مكان في ربوع ليبيا .

حياة الخلاء ، نظام الطلائع ، الأوسمة والشارات ، التعلم بالممارسة و الإيعازات والصافرات تلك هي الطريقة الكشفية التي بنيت عليها

اعمال الحركة الكشفية في العالم وفي ليبيا كان للكشافة تاريخ ودور مميز ترك وسيترك أثره إلى الأبد ، سنة 1954 أشعل القائد علي خليفة الزايدي رحمه الله شمعة بداية الحركة الكشفية في ليبيا بعد أن أحضر شعلتها معه من لبنان التي كان له فيها دور كبير في تاريخ كشافها ، ومنذ 62 سنة لم تنطفئ الشمعة التي أنارت حياة الكثيرين على المستوى الشخصي وأنارت المجتمع الليبي بدورها في وقت انطفأت فيه كل الشموع الأخرى ،  وقتها قيل للمجتمع المدني ان اخلد في مكانك ونم في سبات عميق ، لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للحركة الكشفية التي لا تعرف إلا النشاط وعندما حاول النظام السابق تغيير ملامح الكشفية وشريعتها وقانونها لم يستطع ذلك فاكتفى بالابتعاد عنها و لينشئ بذلك براعم وسواعد وأشبال الفاتح لكن الثرى لا يمكن أن يكون مثل الثريّا.

تحت ظل قانون وشريعة كشفية مستمدة من الشريعة الاسلامية و القيم السامية قيل لمن أراد إطفاء شمعة الكشفية ، خذوا المناصب والمكاسب و كل السياسة فلا شأن لنا بها ، وخلّو بيننا وبين المجتمع نعطيه مما في جعبتنا من تربية و علم ونشاط ونظام ، والكشافة تسمو بمبادئها وللكشافين ما أرادو .

يغيب عن الكثيرين تاريخ الحركة الكشفية ودورها في هذا المجتمع ، ذلك الدور التربوي والقيمي الذي زرعته في أبنائها وجعلت منهم موضع ثقة بالنسبة للجميع ما إن يذكروا بأنهم أبناء هذه الحركة ، ولن أبالغ إذا ما قلت أن الحديث عن الحركة الكشفية يجب أن يكون مقترنا بالحديث عن تاريخ ليبيا و سنوات ما بعد الاستقلال ، وعبر السنين لم يكتفي أبناء هذه الحركة بتقديم كل ما لديهم من أجل غيرهم من أبناء الحركة ومن أجل المجتمع الليبي ففي كل مرحلة يجب أن تكون لهم بصمة ، وبصمتهم بعد 2011 كانت موجودة في أغلب مؤسسات المجتمع المدني تقريبا ، كيف لا و هم أهل النظام والتنظيم والعمل المدني .

فقدت الحركة الكشفية خلال اليومين الماضيين أحد أعظم قادتها ومربيها القائد والمربي “رامز سويكر” ، ومعه رحلت الكثير من الذكريات التي قدم فيها الكثير ، قبله بسنوات قليلة رحل القائد “يوسف قنبور” أحد مؤسسي الحركة الكشفية التي فقدت أغلب مؤسسيها ورعيلها الأول تقريبا ، لكن الحركة الكشفية لم تمت يوما فشمعة الحركة الكشفية لا زالت تتناقلها الأجيال وفي قلوبهم أثر مما زرعه في نفوسهم قادتهم ومربوهم الأوائل .

 

التدوينة المؤسسة التي لا تموت …الكشافة ودورها في المجتمع الليبي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “المؤسسة التي لا تموت …الكشافة ودورها في المجتمع الليبي”

إرسال تعليق