طرابلس اليوم

الجمعة، 25 أغسطس 2017

الليبيات المتزوجات من أجانب مآسي وشئ من الفرح

,

عبدالمنعم محي/ كاتب ليبي

أكيد عاملة عملة…..بايرة ومالقت من ياخدها… تعودت عائشة هذه العبارات المليئة بالاتهام والطعن في شرفها من مجتمعها الذي يرفض زواجها من عبدالله السعيد وهو مصري الجنسية يعمل في مطعم بحي اقعيد وسط سبها 750كم جنوب العاصمة طرابلس، عائشة امباشا38عام مدرسة ليبية ووالدة لطفل من زوجها المصري عبدالله، الذي اختطف في ظروف مجهولة أواخر العام2014.

تداوم عائشة كل يوم بمدرستها بعد أن تضع ابنها في إحدى رياض الأطفال، تعتقد أن فرص زواجها كانت ضئيلة مع تقدم عمرها وشكلها الذي لا تراه جميلا، عائشة سمراء البشرة بقوام ملئ وعينان صغيرتان وملابس شديدة النمطية، تقول إن فكرة زواجها من غير ليبي لم تكن واردة في ذهنها وأسرتها، ولكن الظروف لعبت دورا في ذلك الزواج الذي لم يدم طويلا، كانت في الرابعة والثلاثين من عمرها حين تعرفت على عبدالله الذي كان يحضر طعام الإفطار لمدرسة عائشة، حيث نمت بينهما علاقة توجت بطلبه الزواج منها، وهو ما لاقى معارضة شديدة من إخوتي ووالدتي، تقول قدرتُ خوفهم وقلقهم، فالزواج من غير ليبي قد يعرقل تسجيل أوراقي وحصول أبنائي على حقوق كثيرة، إضافة إلى شبهةأان يكون طامعا في مرتبي أو الإقامة بليبيا، ولكنها تعاملت مع كل هذه المخاوف بحزم وتزوجته رغم معارضة الجميع في أسرتها ومحيطها.

بدأت مشاكل عائشة منذ أول أيام زواجها، فقد ضيقت إدارة المدرسة الخناق عليها وصارت تضايق عملها وتكلفها بمهام أكثر، كما طردت من بيت أسرتها، وصار زواجها من أجنبي وصمة عار لحقت بها للابد، تقول إن أول ماواجهته هو صعوبة إجراء تعديل واستخراج وضع عائلي لها، حيث رفض والدها إعطاء كتيب العائلة من أجل استكمال إجراءات نقلها، وهو ما تسبب في عرقلة أمورها الإدارية.

للحظات تعيد عائشة التفكير فيما فعلته بنفسها وابنها، تقول لو إنها تزوجت من ليبي لما كان هذا حالها، حيث تعيش الآن وحيدة بلا أوراق وولد بدون أية اثباتات أو مستندات وزوج مخطوف لا تعلم مصيره.

ولكن في جانب آخر وبعيدا عن الوضع الذي تمر به عائشة، تستمتع وهي تتحدث عن زوجها عبدالله، الذي تعود الحياة في الجنوب، تقول لم ألتق بأهله ولكني أعرفهم من خلال حكاياته عنهم وعبر وسائل التواصل، دائما ما تتحدث معي والدته وتعلمني الأكلات المصرية وما الذي يحبه ابنها، من خلال زوجي تعرفت على الكثير من أبناء الجالية المصرية بسبها، صرت أعرف همومهم ومشاكلهم وأشاركهم أفراحهم، بعضهم تعلم مني العصيدة والمبكبة والدشيشة والزميته وعيش الانقاجي، هذه الحياة تخفف عني الكثير من الألم الذي ألاقيه في مجتمع سبها، كانت الأسر المصرية التي تعرفت عليها خير معين لي في الأزمة التي أمر بها بعد اختطاف زوجي.

لايختلف حال عائشة كثيرا عن حال زهرة أحمد44عام، وهي متزوجة من موريتاني الجنسية، توفي عنها منذ أكثر من عشر سنوات تاركا لها ثلاث فتيات أكبرهن تحاول الدخول لمواصلة دراستها في الجامعة، تقول زهرة إنها طوال الأعوام الماضية كانت تضظر للذهاب إلى المدرسة مع بناتها لضمان استمرارهن في التعليم، حيث تمكنت من الحصول على مساعدة مدير المدرسة الذي تغاضى عن الكثير من الإجراءات الإدارية حتى تتمكن بناتها من الدراسة، ولكن عندما وصلت ابنتها الكبرى للمرحلة الجامعية صار من الصعب أن تواصل الدراسة.

تعتقد زهرة إنها أفضل حالا من الكثيرات المتزوجات من أجاانب، فهي متزوجة من موريتاني قريب والدتها الموريتانية، وهو أمر اختصر أمامها طريقا طويلا كانت تعانيه نظيراتها.

بعيدا عن العراقيل الإدارية ونظرة المجتمع القاصرة؛ تستمتع زهرة وهي تتحدث عن زواجها بمحمد ولد عبدالكريم زوجها الموريتاني، فقد تعلمت الكثير عن ثقافته وعادات موريتانيا، وصارت بارعة في العديد من الأكلات والأطعمة من هناك، تقول إن والدتها موريتانية ولكنها لم تكن تعرف الكثير عن بلدها، وهو ما توفر لي ، صرت أعد أكلات مثل الباسي والتلبقت والفوكوهي، كما تستمع بلبس الملحفة المورتانية والتزين بالحلي والأساور كبيرة الحجم، بالمقابل تعلم زوجي الكثير من عاداتنا تقول زهرة، فقد صار يلبس الزبون والجرد الذي اشتريته له يوم زفافنا، كما صار يتحدث اللهجة الليبية بطلاقة، حتى بعد وفاته لم أتوقف عن اللباس والعيش بطريقة اختلطت فيها العادات والتقاليد الليبية مع الموريتانية، وهو ما أراه واضحا في بناتي.

التقيت سميرة الحداد الإدارية بهيئة الشؤون الاجتماعية بسبها التي قالت لي إن الهيئة لا تستطيع تقديم أي مساعدة لليبيات المتزوجات من أجانب فيما يخص دراسة أبناءهن أو تسجيلهن، وتضيف إن هناك حالات لنساء مطلقات من أجانب وتتم مساعدتهن من باب إنهن مطلقات خصوصا اللواتي لا يعملن، وتحدثت عن تدني الوعي لدى المجتمع وهو ما يتسبب في تكريس النظرة الدونية لليبية المتزوجة من غير ليبي، ومع إن الحالات تتكرر وصارت مشاهدة كل يوم إلا أن المجتمع لا يتقبلها، وتلقي الحداد باللوم في ذلك على مؤسسات المجتمع المدني التي لا تضع برامجا توعوية تستهدف هذه الفئة.

تعتبر تجربة الزواج من غير ليبي ممتعة وخطرة ومؤلمة في آن معا، كما تقول عائشة التي أسست مؤخرا ناديا لليبيات المتزوجات من أجانب، يستمعن فيه لقصصهن ويروين تجاربهن ويحاولن أن يدعمن بعضهن، في بعض تلك الجلسات يحضر الأزواج وأحيانا أبناءهم، تعتقد عائشة أن مجرد اللقاء والحديث قد يفتح أمامهن آفاقا جديدة ويعينهن على تحمل قسوة المجتمع، تقول: أنا ليبية ولا أعرف لي وطنا آخر غير ليبيا.

 

التدوينة الليبيات المتزوجات من أجانب مآسي وشئ من الفرح ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الليبيات المتزوجات من أجانب مآسي وشئ من الفرح”

إرسال تعليق