طرابلس اليوم

الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

   غسان سلامة و تحديات الأزمة الليبية  

,

أحمد الدايخ/ كاتب ليبي
جاء سلامة بعد زميليه ليون وكوبلر لمواصلة ماراثون الأمم المتحدة وتمثيل إرادة المجتمع الدولي في ليبيا  وذلك منذ انفجار الأزمة وبدء  التصعيد العسكري في ليبيا عموماً و في بنغازي خصوصاً  .
وفي حين أثنى سلامة على جهود زملائه السابقين فقال في معرض كلمته : ( لن نبدأ من الصفر فبفضل أسلافي والجهود المتضافرة للدول الأعضاء لدينا الإطار السياسي الذي يشكله الاتفاق السياسي الليبي )  ولكن في حقيقة الأمر لم يولي سلامة  لا في جهوده ولا تصريحاته ولا في كلمته المرتقبة هذه أي جدية في الحديث عن الاتفاق السياسي ! وكيفية  تفعيل بنوده أو عن العرقلة والصعوبات التي تواجه مسودة الاتفاق  لا سيما أن المعرقلين باتوا معروفين وقد تم الجلوس معهم لأكثر من مرة !!
ركز سلامة في جل حديثه على الأوضاع الاقتصادية وتردي الأحوال المعيشية والتي هي  في حقيقة الأمر عَرضٌ لعدة مشاكل أبرزها عدم الوصول إلى  حلول  واضحة   وكذلك عدم الجدية فيما تم الاتفاق عليه  من بنود (على هشاشة بعضها وعدم وضوحها ) .
فقد بدى سلامة في كلمته مشغولاً ومهتماً بموعد انتهاء الاتفاق أكثر من الاتفاق نفسه والذي سينتهي في ديسمبر القادم ؛ والذي  سيُحدث  حسب رأيه فراغاً سياسياً  ولا أدري كيف غاب عن السياسي و رئيس بعثة الأمم المتحدة  أن ما تعيشه البلاد اليوم هي  أصل دوامة  الفراغ السياسي  ولا تُرفع هذه الحالة  بالانشغال بالبروتوكولات  الرسمية اليومية  المظهرية   ، فالبلاد تعاني من غياب الاستقرار والثوابت التي تعطي الدولة جوهرها ومخبرها ، بالإضافة إلى اهتزاز الثقة الشعبية بقدرة وهيبة الدولة على تصريف الشؤون البسيطة للناس  ،  فمِلؤ الفراغ السياسي لا يعني وجود هيكل لدولة مفرّغة الحشو أو حشوها مليء بالثقافة المليشياوية ، و ظهور طبقات وفئات مافياوية تقتات على الابتزاز وإفقار الشعب ، فقد اجتمع  العجز الرسمي والعجز الشعبي ليكون بيئة خصبة للمغامرات السياسية , وأصبحت الطريق مفتوحة للأهواء السياسية العابرة ، إن الاستمرار في ذات السياق يولد شبه دولة غير قادرة على إنتاج وقائع و إنجازات سياسية معتبرة ثم توظف هذا العجز في التبرير و التقاذف والتلاوم  بين أجسام منضوية تحت الاتفاق السياسي .

بدا المبعوث  الخاص غسان سلامة يريد أن يصنع (شيئاً ) وأن يسابق الزمن لا سيما أن مدة تولي المبعوثين تكون في العادة قصيرة ولو كان هذا (الشيء) غير مبني على أساسات عميقة تمتد بعمق الجذور الضرورية لأي تغيير  ، فقد قفز إلى قضية الانتخابات وأن هناك دعوات لإجراء انتخابات  وإذا ما حدثت _ الانتخابات _ لابد من ضمان الإجراءات السليمة لإجرائها وضمان قبول النتائج من جميع الأطراف !! فقد أورد نقطة الانتخابات من ضمن النقاط الأكثر أهمية في عرضه.
أبدى سلامة تحفظه على كثرة المبادرات المقدمة للتسوية في ليبيا وهو بذلك يعيد ذات الشكوى  وبشكل أكثر نعومة من زميله السابق طارق متري الذي أبدى انزعاجه من التدخل الدولي في الشأن الليبي  من غير تنسيق مع البعثة الأممية  والتنافس بين الدول الأوربية تحديداً  لتغذية مشاريعها في ليبيا  ، ولكن  في  ذات السياق أثنى على  مبادرة ماكرون  والتي  كانت بشكل منفرد  !!
إن كلمة السيد  غسان سلامة  تفتح التساؤلات في جميع الاتجاهات وأولها هو مدى جدية الأمم المتحدة في تنفيذ ما تعهدت به حيال القضية الليبية ، و قدرتها على كبح جماح الدول المتطلعة لتنفيذ مخططاتها في ليبيا ؟ وحفظ التوازنات بين الأطراف والخروج بها لصيغة من  الاتفاق تمنع استمرار التصعيد العسكري  وتنهي حالة التشظي في البلاد  .
إن غسان سلامة  أمام تحدٍ كبير ،  يضع من تصرفات البعثة الأممية  في ليبيا على المحك  ، , وهل يعيد الثقة في البعثة الأممية خصوصاً في ظل ممارسات سابقة كانت من المبعوثين السابقين ارتقى بعضها لمستوى التآمر  .

التدوينة    غسان سلامة و تحديات الأزمة الليبية   ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “   غسان سلامة و تحديات الأزمة الليبية  ”

إرسال تعليق