طرابلس اليوم

الأربعاء، 28 مارس 2018

الدستور والانتخابات وتوحيد المؤسسات… كيف ستطبق خطة العمل لإنهاء الأزمة الليبية؟

,

بعد إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أمام مجلس الأمن وإعلانه بدء محاولة جديدة وصفها بالشخصية لتعديل الاتفاق السياسي الليبي تباينت التكهنات حول مستقبل العملية السياسية وإمكانية نجاح خطة العمل التي طرحها المبعوث الأممي في سبتمبر أيلول الماضي أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة للخروج من الأزمة الليبية.

وعلى الرغم من أن خطة العمل حظيت بتأييد دولي ومحلي إلا أن العمل في تنفيذها اقتصر على تسجيل الناخبين فقط في انتخابات من المفترض أن تجري قبل نهاية العام الجاري دون بدء آلية واضحة لتنفيذ عناصر الخطة على الرغم من مرور ثلاثة أشهر من 2018.

تأكيد سلامة في إحاطته أمام مجلس الأمن على وجود إصرار دولي على ضرورة الإسراع في إصلاح الهيئة التنفيذية في ليبيا وتوحيد المؤسسات وإمكانية تجاوز تعديل الاتفاق السياسي أثار جدلا حول ترتيب عناصر خطة العمل وإمكانية تجاوز تعديل الاتفاق السياسي أو اعتماد الدستور والذهاب مباشرة إلى الانتخابات.

الدستور أولا

وفي تعليق على ترتيب عناصر الخطة قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن الشاطرلموقع ليبيا الخبر إن العربة لا يمكن أن توضع أمام الحصان، ومن هذا المنطلق لا يمكن إجراء الانتخابات قبل اعتماد الدستور، مشيرا إلى أنه من الضروري أن يجري إصدار قانون للاستفتاء على الدستور بالتوافق بين مجلسي الدولة والنواب.

وأكد الشاطر أن اعتماد الدستور ضروري لأنه ينظم الحياة السياسية في ليبيا وينظم المعايير والعلاقات بين الأجسام السياسية والتنفيذية والتشريعية.

وقال الشاطر: إن إحاطة غسان سلامة كانت فيها بعض الأفكار الغامضة التي لم تفسر بطريقة صحيحة حسب وصفه، مشيرا إلى فكرة الذهاب إلى الانتخابات، التي قال إنها في حال تطبيقها دون إنجاز الدستور فإنها تعتبر عملية غير مجدية.

وأضاف الشاطر لموقع ليبيا الخبر أن سلامة طرح إمكانية تجاوز تعديل الاتفاق السياسي مبينا أن ذلك خطأ حسب وصفه، لأن المجتمع الدولي متفق على ضرورة إجراء الحل في ليبيا ضمن إطار الاتفاق السياسي ، وقال إن حديث سلامة عن المحاولة الشخصية لتعديل الاتفاق السياسي تعتبر إشارة إلى إمكانية تجاوز المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، وهذا أمر مثير للاهتمام ويجب الوقوف عنده لأنه قد يسبب إرباكا إن لم يجر التوافق بين الأطراف السياسية.

وقال الشاطر إنه من الضروري تطبيق الاتفاق السياسي بحذافيره للوصول إلى التوافق لأن ذلك هو الأساس، مبينا أن غير ذلك سيدخل البلاد في فوضى لا نهاية لها.

وأكد الشاطر أنه يجب اعتماد الدستور وتوحيد السلطات التنفيذية قبل إجراء الانتخابات ، معتبرا أن إجراء الانتخابات بدون توحيد الحكومتين واعتماد الدستور سيكون عبثا حسب تعبيره

وأضاف عضو المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن الشاطر أن الوقت غير كاف لإنجاز خطة العمل خلال العام الجاري، ولكن البداية المتأخرة أفضل من زيادة فترة التأجيل وإطالة الأزمة، مشيرا إلى أن بعثة الأمم المتحدة ربما تخضع لما وصفها بضغوطات خارجية من بعض الدول التي لم يسمها.

واعتبر الشاطر أن قلة في مجلس النواب تسعى إلى إعاقة التوصل إلى حل سياسي في ليبيا، وذلك بسبب ارتهانها إلى نعرات جهوية ومصالح بعض الأشخاص، ووصف هؤلاء بأنهم لا يفكرون في ليبيا ككيان ودولة موحدة، ويسعون إلى مصالحهم الشخصية وهو الأمر الذي سيتجه بليبيا إلى مزيد من المشاكل.

التوافق قبل الانتخابات

وفي الجانب الآخر قالت عضو مجلس النواب سلطنة المسماري لموقع ليبيا الخبر إن ما ورد في إحاطة المبعوث الأممي غسان سلامة لم يحمل أي جديد، مشيرة إلى أن النقاط التي عرضها كانت تشخيصا للواقع الليبي السياسي الذي أصبح معروفا لدى الجميع.

وأشارت سلطنة المسماري إلى أن مجلس النواب صوت منذ فترة طويلة على مقترح إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من رئيس ونائبين ، إلا أن غسان سلامة جمد الموقف – حسب تعبيرها – مؤكدة أن مجلس النواب تعاطى مع المقترح إيجابا وصوت لصالحه.

وأوضحت المسماري أنه يجب على المبعوث الأممي أن يتعاطى مع تصويت مجلس النواب وهو السلطة التشريعية في ليبيا، وقالت: يبدو أن غسان سلامة لديه خطة أخرى بديلة، لأنه كان من الواجب عليه أن يتشاور مع المجلس الأعلى للدولة بعد قبول مجلس النواب، مؤكدة أن 44 نائبا رحبوا بدعوة المجلس الأعلى للدولة لتعديل الاتفاق السياسي.

وقالت سلطنة المسماري إنه يجب إجراء الانتخابات بعد اعتماد الدستور وإن الانتقال إلى مرحلة انتقالية رابعة سيزيد من حجم المشاكل والتعقيدات، وإن الهدف ليس إجراء الانتخابات ولكن يجب إخراج البلاد من الوضع الذي تعيش فيه حاليا، متسائلة عن الإطار الدستوري لإجراء الانتخابات.

وأكدت المسماري أن الهدف الرئيسي هو توحيد مؤسسات الدولة ، مبينة أن ذلك ضروري لإنشاء أرضية من التوافق السياسي، حتى تجري الانتخابات بشكل موضوعي ويتم قبول نتائجها من الجميع في ليبيا.

وأضافت النائبة في مجلس النواب سلطنة المسماري أن إجراء الانتخابات يستوجب أيضا إصدار قانون الانتخابات من مجلس النواب، مشيرة إلى أن قبول المجلس الأعلى للدولة وغيرها بالانتخابات ليس مضمونا في ظل عدم وجود توافق سياسي حقيقي، حسب تعبيرها.

تهيئة الأمن

واعتبرت سلطنة المسماري أن الاستقرار الأمني والوصول إلى التسوية السياسية بين الأطراف المختلفة ضروريان من أجل تهيئة الأوضاع السياسية قبل إجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات، وقالت إنها تعتقد أنه من الصعب أن يجري المضي في خطة العمل واستكمالها خلال العام الجاري، لا سيما بعد مرور ثلاثة أشهر دون بدء تنفيذ الخطة بشكل واضح.

من جانبه قال المحلل السياسي إسماعيل المحيشي إن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لم تهتم بالدستور الذي وصفه بالمشروع التوافقي التاريخي، مشيرا إلى أن رئيس البعثة عرض مرحلة انتقالية أخرى.

وأوضح المحيشي لموقع ليبيا الخبر أن اعتماد الدستور ينهي المراحل الانتقالية في ليبيا بحسب نصوص الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي أيضا، مبينا أن مشروع الدستور الحالي يشكل نقطة ارتكاز لبناء ليبيا ومشروعا للتوافق والمصالحة، على الرغم من الخلافات الموجودة حوله، داعيا في الوقت نفسه أعضاء هيئة صياغة مشروع الدستور إلى تكثيف عملهم في تثقيف الناس وإطلاعهم على عيوب مشروع الدستور وإيجابياته.

ليبيا والمجتمع الدولي

وأشار المحيشي إلى أن الأزمة الليبية لم تعد مهمة بالنسبة للمجتمع الدولي لا سيما في ظل الانقسام الحاصل في الاتحاد الأوروبي وأزمة الشرق الأوسط في اليمن وسوريا والعراق، إضافة إلى انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي سبب انقساما في السياسة الأمريكية حسب وصفه، وهو ما قد يساهم في إطالة الأزمة الليبية.

وأكد المحيشي أنه يجب اعتماد الدستور قبل التوجه إلى الانتخابات لتأسيس حكومة وحدة وطنية حقيقية واستبدال الأجسام السياسية التي وصفها بغير المجدية وهما مجلسا الدولة والنواب الذين لن يصلا إلى توافق سياسي، حسب تعبيره.

من جانب آخر يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بنغازي أحمد نجم أن الأطراف السياسية فشلت في تحقيق أهدافها وأنها غير قادرة على تغيير المشهد السياسي المتأزم، مبينا أن السنوات الماضية أكدت أن القوى الفاعلة في المشهد السياسي الليبي لا تستطيع حل الأزمة السياسية بسبب التدخلات الخارجية.

وقال نجم إن القوى الإقليمية تتحكم في الوضع داخل ليبيا، وإن الأزمة في ليبيا ستستمر خلال السنوات القادمة ما لم تتدخل الدول الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل حازم لإنهاء الأزمة، مشيرا إلى أن أمريكا تكرر موقفها بدعم الحل السياسي في ليبيا إلا أنها لم تتدخل بفاعلية في المشهد السياسي.

وتوجد في ليبيا حكومتان، حيث تدير حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا غرب ليبيا بينما تسيطر حكومة أخرى موازية على شرق البلاد، وترفض تسليم السلطة إلى حكومة الوفاق.

وتعمل بعثة الأمم المتحدة على تطبيق خطة العمل الخاصة بليبيا والتي تهدف إلى تعديل الاتفاق السياسي الموقع في 2015 وإجراء انتخابات عامة واعتماد دستور لليبيا لإنهاء المرحلة الانتقالية والانقسام السياسي والإداري ووضع حد للأزمة في البلاد.

التدوينة الدستور والانتخابات وتوحيد المؤسسات… كيف ستطبق خطة العمل لإنهاء الأزمة الليبية؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الدستور والانتخابات وتوحيد المؤسسات… كيف ستطبق خطة العمل لإنهاء الأزمة الليبية؟”

إرسال تعليق