طرابلس اليوم

الأحد، 25 مارس 2018

الجنوب الليبي… حرب الكل على الجميع والمواطن يسقط

,

عبد المنعم الجهيمي/ كات من سبها

تستمر الحرب في مدينة سبها جنوب ليبيا لتصبح مع قرب انتهاء الشهر الثاني من يوميات المدينة، بهذه الحرب تضاف تفاصيل جديدة ليوميات سكان سبها، فمع ارتفاع الأسعار وانعدام الوقود والغاز والدمار والفساد، صارت الحرب وأخبارها وأثارها ضمن هذه اليوميات التي دخلت في أحاديث الناس وحياتهم.

دخول الحكومات في هذه الحرب أطال من أمدها وأكسبها القدرة على الاستمرارية أكثر، الحروب الماضية التي شهدتها المدينة لم تكن طويلة، بل تتواصل لأيام وربما لأسابيع قبل أن يتدخل الأعيان والحكماء لفرض هدنة قد تطول أو تقصر حسب تطور الأوضاع وتسارع الأحداث محليا، ولكن في هذه المرة دخلت القيادة العامة لجيش الشرق كعنصر مؤثر في المشهد السبهاوي المعقد والبسيط في آن، ولكي لا تُتْركَ الساحة خالية دخلت حكومة الوفاق على الخط لتجعل مهمة القيادة العامة في المدينة صعبة.

لعل ذلك تجلّى واضحا في زيارة وفد من حكومة الوفاق الوطني للمدينة، زيارة خاطفة ولكنها أثارت جدلا واسعا بين أطياف المدينة، وخاصة تلك التي لم تحسم أمرها بالتبعية للقيادة العامة أو لحكومة لوفاق، جاءت الزيارة بعد أن انضمت الكتائب المسلحة الفاعلة في المدينة للقيادة العامة للجيش بالشرق، وصارت بالتالي في موقف معادٍ لحكومة الوفاق ومن يتبعها، هذا الوضع كانت تفترض معه هذه الكتائب عدم نزول شخصيات تلك الحكومة في المدينة، وهي عادة دأب عليها وزراء الوفاق تعقب كل تحرك من القيادة العامة يوحي بسيطرة الأخيرة على سبها، أخرها كان بعد خروج القوة الثالثة من تمنهنت ووصول الكتائب المسلحة التابعة للقيادة العامة إلى قلب القاعدة منتصف العام الماضي، فكان رد حكومة الوفاق بزيارة أربع من وزرائها للمدينة.

وهو ما وقع مؤخرا فبعد إعلان بقية الكتائب المسلحة المحلية تبعيتها للقيادة العامة لجيش الشرق؛ واستمرارها في القتال تحت رايته، كان رد حكومة الوفاق بإرسال وفد ضم وزيرين وعدة مسؤولين للتواصل مع أطراف النزاع داخل سبها، الفارق الوحيد في الزيارة الأخيرة عن سابقاتها أن الوفد لم يتمكن من النزول في مطار تمنهنت فاتجه إلى حقل الشرارة النفطي ومنه إلى سبها.

وأقام الوفد في زاوية أولاد حضيري بحي الجديد وسط المدينة، وهو نفس مقر إقامة وفد أعيان المنطقة الشرقية المبعوث من قبل مجلس النواب، وتجولت وزيرة الشئون الاجتماعية في شوارع المدينة وزارت النازحين ومقر وزارتها داخل سبها، وكان المشهد عاديا يشبه زيارات وزراء الوفاق على الدوام.

بهذه الزيارة اكتملت عوامل ارتباك المشهد السبهاوي وصار الوضع كالتالي، على الأرض كتائب محلية تتحارب بالقرب من المدخل الجنوبي للمدينة، هذه الكتائب اكتسبت شرعية الحرب وصارت جيشا نظاميا، فكتائب التبو كانت السباقة في الانضمام لعملية الكرامة منذ انطلاقها وأصبحت كتائبها مشرعنة من جيش الشرق، وكتائب أولاد سليمان ومن معهم  كذلك انضمت مؤخرا لجيش الشرق وكسبت الشرعية التي تقاتل بها كتائب التبو، بعد أن قاتلت مع كتائب فجر ليبيا والبنيان المرصوص التي حاربت إرهاب تنظيم الدولة وظلت فترات من الزمن حليفة للقوة الثالثة التي كانت تستقر بالجنوب.

أما داخل المدينة فقد انضمت أغلب كتائبها المحلية لجيش الشرق، في حين لم تزل الجهات الإدارية والحكومية تتبع حكومة الوفاق الوطني، فالأخيرة تملك المال وهو عصب الحياة لهذه الإدارات، خارج سبها إلى الشمال منها انقسمت بلدية براك الشاطئ، لتصبح عبارة عن مجلسين الأول يتبع حكومة الوفاق والثاني يتبع الحكومة المؤقتة، وهو انقسام ظهر واضحا في أسلوب تعامل البلدية مع قافلة الوقود اليتيمة التي جاءت للجنوب وعلى رأسها وزير الحكم المحلي بحكومة الوفاق الوطني، وعبرت مناطق تحت حماية اللواء 12 المجحفل التابع للقيادة العامة لجيش الشرق، حتى تمكنت كتيبة محلية من مصادرة الوقود في وضح النهار وضخه للسوق السوداء التي انتعشت من جديد.

يتساءل هنا المواطن في سبها والجنوب، من يحارب من؟ ومن الشرعي وغير الشرعي؟ ولكنها تساؤلات لا تطول كثيرا قبل أن يدرك أن كل هولاء يحاربونه هو بالدرجة الأولى، فجميعهم يستمتع بالمال الذي يحاربون به بعضهم البعض في الوقت الذي يبحث فيه عن راتبه مع نقص السيولة، ويستمتع المتحاربون بالوقود الذي تسير به آلياتهم لتبسط سيطرتها على أكبر رقعة ممكنة في حين يعيش هو ضحية السوق السوداء، ومع كل ما سبق يظل المواطن يتحرز من ذكر فلان وعلان ويدعو أن لا تسقط عليه قذيفة ممن يحاربون لأجل “إسعاده”، قانعا بالسلامة وسط هذه الفوضى التي لاتظهر أية بوادر توحي بانتهاءها.

التدوينة الجنوب الليبي… حرب الكل على الجميع والمواطن يسقط ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الجنوب الليبي… حرب الكل على الجميع والمواطن يسقط”

إرسال تعليق