طرابلس اليوم

الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

الحق والحق أقول لكم

,

صلاح الشلوي/ كاتب ليبي

دعونا ومن باب إحقاق حقائق الأمور أن نعترف أن نص مقترح الدستور الليبي الذي صوتت عليه الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور يوم 2017/7/29 في مدينة البيضاء بالجبل الأخضر، يمثل بداية ممكنة لاستئناف إعادة هيكلة الدولة مجددا، ودعونا أيضا كمواطنين ناضجين نفسيا وعقليا ومدنيا أن نتجاوز مراهقة الطوباوية التي لا تقبل دستورا ما لم يصوت له الجميع بنسبة ( 100%) كلا هذا من غير المنطقي ولا الطبيعي أن يتفق الناس على شيء مهما تجلت حقيقته وأهميته وخطورته حتى لو كان الإيمان بالله خالقا للكون مستحقا للعبادة مالكا للملك، فهذه جادل فيها من جادل ممن يشار إليهم بالبنان ممن يدعون أنهم أصحاب عقول كبيرة.

…..

مقترح الدستور جاء على قدر وقد تعثرت عندنا العديد من المسارات سواء منها الاجتماعي أو الاقتصادي والسياسي والأمني، وما لقاء فرنسا منا ببعيد اليوم ليكشف فداحة العنت الذي نعاني منه، وكي لا يستمر هذا المشهد المأساوي في اإدار المزيد من قدراتنا النفسية والعاطفية ، وكي لا يهدر البقية الباقية من فاعليتنا الاجتماعية مما لا معول إلا عليه لاحتواء الأزمة مهما شغب مغردون وشوش مدونون وهرطق إعلاميون وأصحاب صفحات وجيوش إلكترونية مدفوعة الأجر.

….

الدستور الجامد

جاء نصوص المواد التي تتناول طريقة وحدود التعديلات التي يمكن أن تجرى على الدستور نابعة من نزعة الجمود الدستوري، مقتبسة ذاك من دساتير عديدة مثل الدستور الأمريكي والدستور الفرنسي، حيث يحظر الدستور الفرنسي التصويت على العلمانية كأيديولوجية للدولة، فنص مقترح الدستور على حزمة من الأبواب التي ترجح لأعضاء الهيئة أنها سببت الكثير من المشاكل في الماضي، ويقدر أن هذه النزعة ضرورية لضمان استقرار دستوري لدولة تمر بأزمة حادة مثل تلك التي تمر بها حالة الدولة في ليبيا.

….

التوازن الدستوري

هناك منحى واضح في المقترح لإحداث توازن دستوري بين السلطات الثلاث من جانب فأكد على استقلاليتها وحياديتها، وكرس التوازن بين الجهات بإعطاء الاعتبار الكافي للسكان والجغرافيا معا، ثم توازن جنسي يعزز فرص مشاركة الجنس اللطيف في السياسية والحكم وهذا مقبول حتى مع النسبة العالية لكوتة المرأة المقترحة، كذلك التوازن الثقافي وإيجاد منصة للمشاركة السياسية لكل المكونات الثقافية ذات الخصوصية المحلية، وكذلك توازن البدايات بحيث حدد طبيعة الترشح وعدد المرات باستثناء الدورة الأولى التي حصر حق الترشح فيها لدورة واحدة على مستوى رئاسة الدولة كي يتلافى التورط في تجربة سلبية يصعب التخلص منها وكذلك لطمأنة الأطراف التي تعارض الرئيس بأن تكون دورته فقط لفترة واحدة، مما عساه أن يحملها على التصرف العقلاني بدل الاندفاع وراء هواجس ومخاوف وقلق لا حاجة لتصاعده على الإطلاق.

……

نص الدستور المقترح من الهيئة ليس فيه أي شيء مخالف للأعراف الدستورية السائدة في جميع أنحاء الدنيا، حتى التفاصيل المحشوة حشوا فيه هناك من الدساتير من نضحت نصوصها بالحشو لاعتبارات محلية تقدر بأنها ذات أهمية، ولو بقينا ألف عام كي نصل إلى نص حاسم يجمع عليه رغائب الجميع فهذا الوقت في نظري غير كافي البتة بل نحتاج لألف وسبع مئة وخمس وستين عام ربما كي نحسم الخلاف في الرغائب والنزعات النفسية والذهنية والثقافية والسياسية حول ما يكتب وما لا يكتب في نص الدستور.

ومن هنا لا يسعنا إلا أن نقول حنانيكم حنانيكم إن في الاختيار لمندوحة وإن في رأي الاستفتاء كفاية لشارد ووجل وقلق.

لقد قذفت الهيئة على علاتها بالكرة في الملعب الآخر، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بحسب الاتفاق السياسي الذي يعطى المشروعية لتصرفات الهيئة والمجلسين على السواء.

التدوينة الحق والحق أقول لكم ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الحق والحق أقول لكم”

إرسال تعليق