طرابلس اليوم

الجمعة، 31 مارس 2017

 قصة ريحتها شينة .. اقراها ومش حتندم

,

حاتم محارب/ صحفي وكاتب ليبي

أذكر في امتحانات الثانوية العامة سنة 97 تم توجيهنا من مدرسة الفاتح في اجدابيا إلى مدرسة الاتحاد للبنات لإجراء الامتحانات هناك..واللجنة معظمها من المعلمات في تلك المدرسة باستثناء بعض الأساتذة

المهم .. بطبيعة الحال كانوا الطلبة يهتمون بمناظرهم لأن جنس النساء كان غريبا نوعا ما علينا..

ولكن .. وحسب الأعراف فإن امتحانات الشهادة الثانوية هو موسم للغش.. حيث تكثر الابتكارات في هذا المجال ويتفنن الكثيرون في تهريب “الحجيبات” التي كانت تُكتب بعناية بالغة..

فمن ضمن طرق الغش إدخال ورقة نموذج امتحان مكتوب فيها معلومات كثيرة يتم استخراجها بطريقة ذكية في منتصف الامتحان فيظن الاستاذ أنها ورقة الإجابة.

ومن ضمن الطرق ا”لكتابة على اليدين”.. ومن ضمنها أيضا تهريب “كتاب بوجهه” وهذه تحتاج شجاعة بالغة.

كثيرة هي الطرق .. ولكن كان بيننا شاب ابتكر طريقته الخاصة .. وأضاف إليها نوعا من التحسينات ليكون رائدا في هذا النوع وأعتقد الوحيد ..

صاحبنا كان يكتب على باطن “جلابيته” كامل المنهج تقريبا.. ولكن كان يجب أن يتوفر المناخ المناسب لطييّ “الجلابية” التي ينتعل معها “سباط أصبع” ولذلك ابتكر طريقته الخاصة.

وحيث أن لجنة الإشراف من عنصر النساء فيجب أن تكون الطريقة مضمونة 100٪ لإبعاد أي مشرفة مسافة أمتار من حوله .. ولذلك كان صديقنا “يخرج الريح” بمجرد اقتراب المشرفة .. ولأنهن رقيقات لطيفات فكنّ لا يصمدن ولو لثوان أمام هذا المفاعل النووي .. فسرعان ما يشعرن بالغثيان ويهربن مباشرة نحو الباب بعيدا عن هذا الجو الملوث بالإشعاعات ما يتيح لنا الغش بطريقة آمنة وهادئة.

كان “إخراج ريح لمرة واحدة” أو لمرتين -على أقصى تقدير- كان هذا أكثر من كاف لخلق فرص رائعة للغش ..

المهم .. تكررت الحادثة أكثر من مرة ما جعل المعلمات اللواتي عانين من هذه التجربة القاسية نقل الأمر لرئاسة اللجنة .. وعلى ما يبدو تم الاتفاق فيما بينهم على تكليف أستاذ هو الأكثر صلابة وقوة لتحمل هذا الوضع.

وفعلا .. في امتحان الفيزياء دخل علينا هذا الأستاذ الذي كان واضحا أنه اتخذ تدابيره اللازمة .. وما زاد الطين بلة أنه كان “مزكوم” .. نعم .. وكأني أرى هذا الاستاذ وهو يقتحم الفصل يردد أبيات عنترة “ولقد ذكرتك والرماح نواهل” .. وكأن رئاسة اللجنة قالت له أنت لها.. ولكن ورغم ذلك فقد كان صديقنا واثقا من نفسه فهمس لنا وقال بابتسامة “ما اتخافوش اليوم واكل 3 فرادي فاصوليا” .. لا ننكر أننا ارتحنا كثيرا بمجرد سماعنا لهذا الخبر .. متمنين بيننا وبين أنفسنا أن تكون الفاصوليا مطبوخة جيدا لأن مفعولها سيكون أقوى في هذه الحالة.

ولكن .. حدث ما لم يكن في الحسبان .. فالأستاذ المشرف لم يتحرك من جوار صديقنا الذي أطلق ريحه الأول فالثاني فالثالث .. ولكن الأستاذ ظل صامدا شامخا لا تؤثر في أشرعته الرياح .. مما سبب لنا حالة من القلق والفزع .. فكلنا أصبحنا نعتمد على صاحب “الريح” ونعتبره هو المنقذ لنا ..

ما يزال الأستاذ واقفا مبتسما مزهوا بعلامات النصر .. وبمجرد تحركه نحو الباب التفتنا لصديقنا فأشار بخمس أصابع وهز رأسه بحزن شديد ،، ففهمنا أنه هاجم خمس مرات بإطلاق مدافعه ولكن دون جدوى وفهمنا منه أن رصيده من الفاصوليا بدأ ينفد .. فكان لزاما علي بقية الطلبة أن يبتكروا حلا مستعجلا جدا كان يجب مساعدة من كافح لأجلنا طيلة الامتحانات الماضية.. كان يجب علينا مساندة صديقنا الذي أصبح وجهه أصفرا وفشلت كل عضلاته .. وأثناء عودة الأستاذ الصامد .. ارتجل معظم الطلبة في ذات الوقت بإطلاق “الريح” كلا حسب قدرته وأكلته .. كانت حالة مصيرية .. إما أن نكون أو لا نكون .. وفعلا في خلال 10 ثوان تشكلت غيمات لا مرئية من مزيج لا أعتقد أن البشرية شهدت له مثيلا ،، كان الخطر محدقا وكان يجب إبعاده .. وفعلا لقد نجح الأمر .. ها هي علامات الهزيمة بدأت تظهر على وجه الأستاذ من خلال تقاسيم وجهه وبدأ ينش بيديه على أنفه .. إلى أن وصل إلى اللحظة التي انفجر فيها بالضحك واتجه خارج القاعة وهو يردد “عاطكم ادعاوة عاطكم ادعاوة .. ينعن مرض ينعن مرض” ههههههه

نعم لقد انتصرنا .. بقيادة ذلك البطل القومي .. واكتشفنا أن روح الجماعة تتغلب على أقوى وأشد الصعاب .. فقط لا تعترف بالهزيمة أبدا ولو كلفك ذلك عشرات الكيلوات من الفاصوليا ..

التدوينة  قصة ريحتها شينة .. اقراها ومش حتندم ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ قصة ريحتها شينة .. اقراها ومش حتندم”

إرسال تعليق