طرابلس اليوم

الاثنين، 14 أغسطس 2017

للسعادة طرق مختلفة… تبدأ بفهمنا للواقع

,
 أحمد محمد/ كاتب ليبي
السعادة غاية يطلبها كل الناس ويسعى الإنسان لنيلها طوال عمره ليحيط نفسه بها ويشمل من خلالها أهله وأحبابه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، كان الأمر سهلا بعض الشيء قبل تطور الحياة وتقدمها وتغير أنماط حياة البشر، ولذلك ومع التقدم العلمي وتعقيدات الحياة أصبح السعي وراء هذه الحالة النفسية أمرا مهما.
 
بشكل عام تختلف مشاكل البشر باختلاف بلدانهم  وأوضاعهم الاجتماعية والعلمية وباختلاف بيئتهم المحيطة بهم، ولذلك فإن لكل مجتمع خصائصه المختلفة، ولكن الأسس واحدة تقريبا مع اختلاف التفاعلات الاجتماعية والعوامل المؤثرة في حياة الإنسان بحسب عمره ووضعه الاقتصادي والعلمي.
 
باختصار، فإن حياة الطفل على سبيل المثال تتمحور في والديه وإخوته، ولذلك فإن أكبر مشكلاته لا تخرج عن هذا الإطار إضافة إلى حاجته للعب ورغبته في تناول الطعام والحصول على الحلوى وما إلى ذلك، أما المراهق فتكون مشاكله معقدة بعض الشيء فهي تتولد من حاجته للتأقلم مع المجتمع والانتقال من الطفولة إلى عالم الكبار، إضافة إلى مشاكله العاطفية  التي تتولد في هذا العمر والتي تتطلب منه إعادة تكوين سلسلة علاقاته مع الناس بشكل جديد، ولن ننسى طبعا مشاكل الدراسة التي يعاني منها بعض الشباب خلال سنوات المراهقة والتي تتأثر أيضا بالعوامل الأخرى التي تحدث وتقلبات المزاج والشخصية.
 
ولعل أهم ما يميز هذه المرحلة العمرية هو أن شخصية الشاب تتكون وتتغير بشكل كبير خلال فترة المراهقة، كما أن علاقة الأهل بالأبناء في هذه السن تكون متوترة أحيانا بسبب سوء التخطيط أو عدم الخبرة أو بعد الفارق العمري بين الوالدين والأبناء.
الأمر يختلف كثيرا بعض النضوج وبعد التخرج من الجامعة أو دخول سوق العمل والاستقلال عن الأهل، في الحقيقة المشاكل تتزايد والتحديات تصبح أكبر كما أن المخاطر والمسؤوليات تكبر بشكل كبير جدا مع مرور السنوات والزواج وتكوين الأسرة الجديدة وزيادة عدد الأبناء.
 
على كل حال، من خلال هذا الاستعراض البسيط لمراحل عمرية مختلفة يصبح الأمر واضحا جدا حيث أن مشاكل الإنسان تكبر وتزداد مع الوقت على الرغم من تعلمه واكتسابه للخبرات والمعارف وبغض النظر عن وضعه الاقتصادي، وذلك يجب أن يدفعنا للتفكير بشكل جدي في الاستفادة من فترة الطفولة والمراهقة وبداية الشباب في الحصول على أكبر قدر من السعادة إضافة إلى محاولة تحسين الوضع النفسي للفئات العمرية الأكبر.
 
هذا الأمر في الحقيقة يتطلب العديد من الأبحاث والدراسات التي يشرف عليها المتخصصون لمعالجة المشاكل التي يعاني منها المجتمع ككل، وتعريف وتحديد التحديات والعراقيل التي يمر بها الإنسان خلال المراحل العمرية المختلفة، للمساعدة على تخفيف المشاكل النفسية وزيادة معدلات السعادة والرضا في المجتمع وهو أمر إيجابي على جميع المستويات لاسيما إذا علمنا أن المشاكل النفسية والاكتئاب وغير ذلك كلها تسبب ازدياد معدلات الجريمة والانتحار والفشل الدراسي والاقتصادي للأفراد، في الوقت الذي تساهم فيه سعادة الفرد في زيادة الإنتاج ورفع معدلات التعليم والكفاءة الاقتصادية للأفراد والمجتمعات كما أنها تساهم أيضا في التقليل من مشاكل العديد من الأمراض والصرف العام على القطاعات الصحية في الدولة.
 
في دولة مثل ليبيا تغيب فيها هذه الأمر يبرز العامل الفردي إلى الواجهة ويصبح الإنسان مسؤولا بشكل كبير عن نفسه ومن هم في دائرة مسؤوليته، ولذلك يجب علينا أن نفكر مليا في كيفية الوصول إلى أكبر قدر من الراحة النفسية والسعادة.
تربية الأطفال وكيفية التعامل معهم تحتاج وقتا طويلا للحديث فيها ولكن باختصار الأمر يحتاج إلى التوازن في الرعاية والتربية وعدم الإفراط في التدليل أو التعنيف والشدة، إضافة إلى الاعتناء بالجوانب الصحية والتعليمية.
أما المراهق فالأمر هنا يأتي على جانبين، من ناحية الأهل، يجب عليهم أن يعملوا على مساعدة ابنهم في التأقلم مع المجتمع وإعداده لمرحلة دخول مجتمع الكبار، والأمر يحتاج إلى كثير من التوازن أيضا فالشدة لن تجدي نفعا، كما أن للأهمال مشاكله الكبيرة.
بالتأكيد يجب على الأهل أن يساهموا في تلبية احتياجات أبنائهم بكشل متوازن وبحسب مقدرتهم المالية، ولكن يجب عليهم أيضا أن يحاولوا مساعدة الشاب في الاعتماد على نفسه، كما أن مشاكل الدراسة التي تطرأ في هذا العمر يجب أن تجر الوالدين إلى محاولة المساندة والإصلاح بدون تجريح أو تعنيف لا سيما وأن الشاب في هذه العمر يكون ميالا إلى العناد ومخالفة الأوامر.
على الوالدين أيضا أن يحاولوا إيصال هذه الرسالة صراحة إلى أبنائهم وأن ينبهوهم إلى ضرورة الاستمتاع بالحياة بالقدر الكافي وفي الحدود المقبولة والمباحة في ديننا وعرفنا دون تضييق عليهم ودون إهمال أو تقصير في التربية، وهنا أستذكر مقولة كان يرددها أستاذنا في مركز المتفوقين في بنغازي حيث كان يقول دائما يجب على الآباء أن يستثمروا في أبنائهم وألا يستثمروا لهم، يجب عليهم أن يحاولوا تعليمهم كل شيء، لأن استثمارهم في أبنائهم سيكون له أثر أكبر من محاولة جمع المال أو الاستثمارات لهم في المستقبل.

التدوينة للسعادة طرق مختلفة… تبدأ بفهمنا للواقع ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “للسعادة طرق مختلفة… تبدأ بفهمنا للواقع”

إرسال تعليق