طرابلس اليوم

الاثنين، 24 سبتمبر 2018

فوضى الميليشيات تشعل طرابلس وحفتر أبرز المستفيدين

,

عائد عميرة/ صحفي تونسي

تتواصل الاشتباكاتُ المُسلّحةُ في العاصمة الليبية طرابلس، رغم الهدنة الموقعة بين أطراف الأزمة والقاضية بوقف إطلاق النار والتهديدات الأممية بتتبع المسؤولين عن هذه الانتهاكات. اشتباكات راح ضحيتها العشرات من المدنيين والمسلحين، وأجبرت الألاف على النزوح من الضاحية الجنوبية للعاصمة بحثا عن الأمان، فمن المستفيد منها؟

 

106 قتيل وأكثر من 500 جريح

 

ارتفعت حصيلة ضحايا المعارك المسلحة التي تشهدها طرابلس من 26 أغسطس/آب المنصرم وحتى الساعة الأولى من فجر اليوم السبت، إلى 106 قتلى وأكثر من 500 جريح منهم 365 إصابته خطيرة ومتوسطة، إضافة إلى 18 مفقودا، بحسب إدارة شؤون الجرحى التابعة لوزارة الصحة بحكومة الوفاق الوطني.

 

وبينت إدارة شؤون الجرحى أن اشتباكات يوم أمس الجمعة قتل فيها 10 أشخاص (5 مدنيين، عسكري واحد، 1عمالة وافدة، اثنين مجهولي الهوية)، وجرح 59 آخرون مع فقدان شخص واحد. وبحسب البيان فقد تمّ إغاثة 264 عائلة.

 

ويتواصل منذ أيام مسلسل القصف المدفعي والصاروخي باستخدام الأسلحة الثقيلة في جنوب العاصمة طرابلس بين عدة مجموعات مسلحة، تابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، وأخرى مناهضة لها، وطرف ثالث وهو اللواء السابع المقبل من مدينة ترهونة، والمكون من ضباط أغلبهم من نظام العقيد الراحل معمر القذافي لـ”تحرير طرابلس من مليشيات المال العام”، بحسب ما يزعم في بياناته.

 

تدور الاشتباكات، في محور الجنوب الغربي للعاصمة بشارع المطبات بمشروع الهضبة وخلة الفرجان وطريق المطار وشارع خزانات النفط وشوارع ولي العهد وسيدي سليم بين قوات لواء الصمود وقوات الأمن المركزي أبو سليم. كما تستمرّ الاشتباكات أيضا في محور الجنوب الشرقي عين زارة ووادي الربيع بين قوات اللواء السابع مشاة، وكل من كتيبة ثوار طرابلس والنواصي وقوة الردع الخاصة وكتيبة الضمان.

 

بالتزامن مع تجدّد الاشتباكات، دعت جمعية الهلال الأحمر الليبي كافة الأطراف المتنازعة في طرابلس إلى تحييد الأحياء السكنية والمؤسسات الخدمية والمستشفيات عن دائرة النزاع المسلح. وجاء في نداء الهلال الأحمر الليبي الذي صدر أمس، “على الجميع احترام القانون الدولي الإنساني وعدم الحط من كرامة الإنسان وتوفير الحماية للأبرياء مع احترام شارة الهلال الأحمر ومساعدة المتطوعين في أداء مهامهم الإنسانية أثناء الاشتباكات”.

 

وسجّلت منظمات ليبية، نزوح المئات من مناطق الاشتباكات، وسط حالة من الذعر تخوفا من اتساع دائرة الاشتباكات ووصولها إلى وسط العاصمة. وطالت الصواريخ العشوائية منازل المدنيين، ما أدى إلى خروج عشرات الأسر من المنازل تخوفا من انهيارها فوق رؤوسهم إثر سقوط القذائف الصاروخية.

 

من جهتها، قالت “المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا” إن المعلومات التي جرى تدقيقها من جانب فريق الرصد التابع للمنظمة العربية تشير إلى إجلاء نحو 1350 مهاجر محتجز إلى مراكز بديلة، علما أن بعض المراكز البديلة تقع حاليا في دائرة الاشتباكات الجارية، فيما يبقى آلاف عالقين في مراكز باقية في دائرة الاشتباكات السابقة والجارية.

 

وبحسب بيان المنظمة، نجحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في إجلاء نحو 1500 محتجز من مراكز عين زارة وصلاح الدين إلى مركز طريق المطار، غير أن ألف محتجز من بين 1600 محتجز قد جرى نقلهم من مركز عين المطار إلى مركز الزنتان شديد الاكتظاظ (حاليًا 1350 محتجز) وقصر بن غشير جنوبي طرابلس حيث تدور بعض الاشتباكات.

 

خرق للهدنة وتهديد بالعقوبات

 

تجدّد الاشتباكات، جاء رغم الهدنة التي أعلنت عنها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في الـ4 من الشهر الحالي، والاتفاق القاضي بإنهاء جميع الأعمال العدائية وحماية المدنيين وصون الممتلكات العامة والخاصة” وإعادة فتح مطار معيتيقة في طرابلس.

 

غير أن هذه الهدنة سرعان ما تمّ خرقها، فمعظم الفصائل المتحاربة لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار، وهو نفس ما حصل قبل ذلك، فقد وصلت الأطراف المتنازعة إلى اتفاقين بوقف إطلاق النار قبل هذا الاتفاق، وأعلنته أعيان مدن غرب ليبيا إلا أنهما لم يصمدا سوى بضع ساعات.

 

في غضون ذلك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، عن “الجزع الشديد من تزايد عدد انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته الجماعات المسلحة في طرابلس، 4 سبتمبر/أيلول”. وحث غوتيريس في بيان أصدره المتحدث الرسمي باسمه استيفان دوغريك، جميع الأطراف على “احترام وقف إطلاق النار والامتناع عن أي أعمال تزيد من معاناة المدنيين”.

 

وقدم أمين عام الأمم المتحدة في بيانه تعازيه لأولئك الذين فقدوا أحباءهم وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين. وشدد الأمين العام على أن “كل شخص مسؤول عن انتهاك القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يجب أن يخضع للمساءلة”.

 

في هذا الشأن، أفادت تقارير إعلامية محلية، اعتزام المبعوث الأممي غسان سلامة تقديم إفادة إلى مجلس الأمن، تتضمن أسماء قادة ميليشيات وسياسين ومهربين، لإدراجهم في قائمة عقوبات، وسبق أن توعد غسان سلامة قادة الميليشيات في عدة مناسبات.

 

ولمح المبعوث الأممي في تصريحات له إلى تعرّض كل من يثبت تورطه في خرق الاتفاق إلى “المحاسبة”، قائلا: “لقد تجاوزنا زمن الإفلات من العقاب ولن نسمح بتكرار ما حدث في 2014″، مضيفاً: “لدينا كل المعلومات حول من قام بخرق وقف إطلاق النار ويهدد حياة المدنيين في طرابلس، وأن صدور العقوبات لن يتأخر، فمن طلب عقوبات على تجار البشر تحصل عليها بعد ستة أشهر، ومن طلب عقوبات ضد الحضران تحصل عليها بعد ثلاثة أشهر”.

 

مزيد إضعاف السراج

 

تجدّد الاشتباكات في طرابلس، أثبت وفقا لعدد من المحلّلين أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الوفاق بدعم من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ما هي إلا حبرا على ورق، ومنها على سبيل المثال تشكيل قوة مشتركة لتحقيق الاستقرار في العاصمة الليبية.

 

من شأن تفجر الأوضاع الأمنية مجددا أن يزيد إضعاف السراج، الذي فشل في احكام السيطرة على العاصمة طرابلس وكسر سطوة المليشيات المسلحة فيها بعد تغولها وسعيها إلى الانفراد بالقرار الأمني في المناطق التي تسيطر عليها.

 

ويتوقع أن تنخرط ميليشيات مسلحة أخرى في معركة طرابلس، خاصة مع امكانية تحرّك فصائل مصراتة والزنتان (من أقوى الأطراف المسلحة غرب البلاد)، وفي حال انتظمت هذه الميليشيات في المعركة ستشهد العاصمة أزمة جديدة تشبه ما وقع في العام 2014.

 

يعجز رئيس حكومة الوفاق الوطني في ليبيا فائز السراج إلى الأن رغم الدعم الأممي الظاهر الذي يحظى به، في بسط نفوذ حكومته في طرابلس، نتيجة انتشار الميليشيات المسلحة وتمرّدها على قرارات الحكومة حتى وإن أعلنت ولاءها لها.

 

وتساهم عديد الأطراف الإقليمية والدولية على رأسها فرنسا وإيطاليا وأمريكا وروسيا فضلا عن مصر والإمارات في تمرّد هذه الميليشيات، فرغم دعمهم الظاهر للشراج ومجلسه الرئاسي فإنهم يدعمون سرا الميليشيات المسلحة بغية مزيد ارباك الوضع العام في البلاد للخصول على امتيازات أكثر هناك.

 

يرى بعض المراقبين أن ترويض الميليشيات يمكن حدوثه حال توفرت الإدارة السياسية الجيدة للأزمة في ليبيا، وتصف دوائر كثيرة الميليشيات أنها عصابات إجرامية، ليس لها أي أيديولوجيات سياسية، ذلك أنها تعلن ولاءها لمن يدفع أكثر.

 

دور حفتر في ارباك الوضع العام

 

هذه الاشتباكات المتواصلة منذ الـ 26 من أغسطس/ أب الماضي التي أثبتت ضعف حكومة السراج، من شأنها وفقا لعديد الخبراء أن تزيد ارباك الوضع في ليبيا، وأن تعطّل مسار السلام هناك. وتتهم عديد الأطراف الليبية، اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالوقوف وراء هذه الاشتباكات خاصة وأن اللواء السابع الذي كان سببا في بداية هذه الأزمة لا يخفي ولاءه لحفتر.

 

يرتبط اسم حفتر في ليبيا، بالعنف والفوضى والسعي إلى ارباك الوضع العام في البلاد، فكلما لاح بصيص أمل لليبيين للخروج من أزمتهم حتى يأتي حفتر ويقوّضه وفقا لعدد من المتابعين للشأن الليبي. هذه المرّة وجّه حفتر بندقيته للنفط المورد الرئيسي لليبيا، فبعد أن أشعله قرّر نهبه وحرمان حكومة الوفاق الشرعية من عائداته، ما يمكن أن يزيد في الانقسام الحاصل في البلاد.

 

يببرّر هؤلاء اتهامهم، بسعي حفتر إلى بثّ الفوضى في طرابلس حتى يشرّع دخولها ومحاولة السيطرة عليها كما حدث في بنغازي سنة 2014، فحفتر يريد اظهار نفسه بمظهر المنقذ للبلاد من ويلات الميليشيات المسلحة وأنه القادر وحده على تسير ليبيا.

 

ويعمل حفتر، رغم نفيه الوقوف وراء ما يحصل في طرابلس، على إطالة أمد الأزمة، ذلك لأنه لا قيمة له دونها، ويستخدم حفتر مليشياته لزعزعة أمن واستقرار ليبيا، حيث يرنو من خلال أفعاله الشنيعة هذه إلى الزعامة وتصدر المشهد العسكري والسياسي في ليبيا مهما كلفه الأمر.

 

ويسعى حفتر إلى استغلال ورقة الميليشيات، لفرض شروطه على فائز السراج ومعسكره في غرب البلاد، فضلا عن فرض شروطه على الدول الغربية على رأسها إيطاليا التي تشهد علاقتها مع حفتر فتورًا كبيرًا نتيجة تباين وجهات النظر بين الطرفين.

 

نون بوست

 

التدوينة فوضى الميليشيات تشعل طرابلس وحفتر أبرز المستفيدين ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “فوضى الميليشيات تشعل طرابلس وحفتر أبرز المستفيدين”

إرسال تعليق