طرابلس اليوم

السبت، 22 سبتمبر 2018

ربما سيعود ..

,

عبد الرحمن المنتصر/ صحفي وكاتب ليبي

 

عندما تتغير الاشياء في داخلنا ولا يقدر القريبون جدا منا فهم ما يحصل لنا تتشكل نواة الفراق وتصبح في ايام عنوانا براقا للصداقة الطويلة  وفي تقديري قد لا ينفع التاريخ والنستلجيا والذكريات وحتى تقليب دفتر الطفولة والمواعدات التي انتهت بكلمة ” صداقة للأبد ” هنا سنتهي كل شيء الشارع القديم الكرة في سانية جدي سرقة الزيت والطماطم في قيلولة صيف من أجل الغداء والعراك الطفولي في طرق  العودة من المدرسة كلها ستصبح ركاما من سواد لان المرحلة التي نسميها النمو الذهني تفرض علينا قياسات عقلية معقدة في كثير من الاحيان وهي من ترسم حقيقة تصرفاتنا والعقل بدوره يرصد الادلة المناسبة لتصرفاته وفقا لقاعدة التجاذب او قل الاشياء المتقاربة تتجاذب وتتقارب في طبيعتها لتصنع مجتمعا من التصرفات المتشابهة والمتشابكة ليس المقال نفسيا ميكانيكيا لكنه في الواقع حكاية عن اقرب صديق عشت معه ايام الطفوله اكلنا معا وتربينا معا وقضينا طفولة بين البداوة والحضر وهي للمدنية اكثر منها لشيئ اخر لكن جرت الايام كعادتها تسير بصمت لتدفن واقعا وتأتي بأمل منشود لتخفي حضورا وتأتي بغياب طال انتظاره وعندما بدأنا المرحلة معا كنا فرحين بتوافق جديد لكن عندما تغيرت الامور فجأة وصار كل منا يبحث عن اشباع حياته وتأسيس نقصه اختلفت المعطيات قليلا لكننا بقينا رغم التغيرات وفي غفلة منا  دخلنا عالم الافكار ومارس كل منا الفكر وفقا لعالم مختلف عن صاحبه  ليحصل التصادم في كل شيئ هنا لا يحضر امامك الا الاستغراب والتعجب .

 

لماذا كل الذي كان بالامس محبة يتغر الان كرها ونفاقا وغصة وغضب  ؟لماذا ماكان بالامس عسلا مصفى صار اليوم عفنا لا يطاق ؟ هل للإنسان قدرة على الكراهية تبلغ حد القتل؟ إلا أني  وجدت هذا موجودا في ذاكرة التاريخ عند قابيل وهابيل وكان الدافع الحسد لكن هل كان الحسد فكرة قتل عليها الاخ أخاه ؟ لا يهمني ايا كان الجواب ؛ لكن هل ثمة دور لدفتر الصور القديم ان يعيد صديقا كما كان خاليا من شوائب الحقبة التي مارس فيها الكراهية نحوي بناء على فهمي للحياة وفكرتي عليها هذا ما يجعلني غارقا في التأمل كلما رأيت الود  كائن بين صديقين وهو ذاته ما كان يجعل معجمي يتصيد عبارة تعيد لي صديقي القديم ليس لشيئ إلا أنه اكثر من يفهمني ويفسر  ما قد تقع عيني عليه ولانه شاركني بصدق كل لحظات الماضي ولست قادرا على تجاوزه ببساطة كما يفعل العابر في سبيله

 

اليوم تغيرنا المواقف وتصنع لنا تحالفا آخر إلا أنه يستحيل علينا ان نعيش خارج الهالة الاجتماعية التي فطر الله الناس عليها اتصلت بصديقي مرة وسألته ماذا حل بصديقنا أحمد قال هو يذكركم في المجالس ويتحدث عنكم لكنه لا يكن لكم جميلا ولا يقر لكم الا بالسيئ من القول قلت هل شاهدنا يوما ونحن نفعل ما يششينه أجابني لا ولكنه يزعم انه سمع ما يكفي ليتحدث عنكم اقفلت المكالمة سريعا وتأملت ما قال ثم فتحت صفحتي على موقع التواصل لأكتب عبارة مفادها ”  سيحل خراب بكل شيئ عندما تسمع عني ما يقال فتصدق وترى بعينك كل شيئ فتكذب “

 

أغلقت الصفحة وغسلت يدي من صديقي لكن لم اغسل قلبي منه لأنني اعرف ان فيه خير قد تشعله صدمات الأيام وهمني أن أدعو له بكل أمانيه الماضيات لكنني أخيرا توقفت عن هذا لأني تذكرت انه تغير فربما لم تعد تلك الاشياء التي تمناها هي ذاتها التي يرجوا ان تحصل معه الان آخيرا دع دفتر صداقتك مفتوح بسلام على كل من تعرفت عليه ودع يدك مبسوطة كل البسط ولا تقبضها أبدا حتى وان تعبت حتى وان غابت في الغبار ملامحها ربما يعود صديقك يوما فيتعجب من صمتك وانتظارك ربما يوما سيعود .

التدوينة ربما سيعود .. ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ربما سيعود ..”

إرسال تعليق