طرابلس اليوم

الاثنين، 24 أبريل 2017

سبها وفقدان الأمن.. طريق لا تعرف نهايته

,

عبد المنعم محي/ كاتب ليبي

تعيش مدينة سبها مؤخرا ازديادا في عمليات النهب والسطو المسلح على المواطنين، وهي أزمة تعتبر السمة الأولى للمدينة منذ أربع سنوات، ولكن هذه السمة لا تثير اهتمام من يتحاربون للسيطرة على الجنوب، فالمدينة تغرق في بحر من الدماء والفوضى والثأر والنسيان، أكاد أجزم بأن الأطراف المتحاربة تعتبر أحد أهم عوامل استمرار هذا المشهد، فمع استمرار المناوشات اغلق مطار تمنهنت وبالتالي انقطعت السيولة عن الجنوب، وصار السطو والنهب الحل الأسرع لضعاف النفوس، وهو أمر ممكن وسهل في ظل غياب أجهزة الأمن وضعف الموجود منها.

غير بعيد عن المدينة هالني وأنا في طريق عودتي من طرابلس الى سبها ذلك الكم الهائل من البوابات الأمنية التي يقيمها اللواء12 المجحفل، فوجود هذه البوابات يشيع الأمن لدى المسافرين الذين لطالما تعرضوا لمختلف أنواع الاعتداءات في الفترات السابقة، ولكن ما يجعل مشهد التمركزات الأمنية قاتما هو مايرافقه من سيارات التهريب التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة بأعداد غفيرة إلى قوارب الموت في الشمال.

طوال الطريق من منطقة قيرة الى منطقة الشويرف، وتلك السيارات تسير جماعات ووحدانا، تمخر عباب الصحراء وتتحدى الصعاب وتتماهى مع بوابات اللواء.

لكم تمنيت أن لا تدعي أي جهة من أطراف الصراع أنها مسيطرة على هذا الجزء الهام من طريق سبها الشويرف، فالسيطرة عليه بهذا الوضع تعني أن هذا الطرف هو من يرعى أو يتغاضى عن عمليات تهريب المهاجرين إلى قوارب الموت وما يرافق هذا التهريب من مآسي وأحزان.

لم يكن نقل المهاجرين الأفارقة السمة الوحيدة لذلك الطريق بل كان أيضا منظر أبراج الكهرباء التي أُسْقطت من قبل عصابة سرقة الأسلاك الكهربائية على مدار السنتين الماضيتين، أكثر من 300 عمود تسبب سقوطها في عرقلة مشاريع الكهرباء للجنوب بأكمله، ناهيك عن محطات النقل التي يتم تخريبها بشكل دوري، مأساة طريق الشويرف سبها لا تتحدث عنها أطراف النزاع ولا تتحمل مسئوليتها، ويكتفي كل طرف بوضع بوابات أمنية لا توقف تهريبا ولا تقبض على سارق، ولكنها قوية وسريعة في القبض على أعداءها ومناصري خصومها.

طوال الطريق إلى سبها يكون الخوف على المال والأهل والولد والمركوب رفيق هذه الرحلة، ويتوج هذا الخوف بالوصول للمدينة، فبعد أن يتنفس المسافر الصعداء، يبدأ في سلسلة احتياطات أمنية قد تنجيه من السيارات معتمة الزجاج التي تجوب شوارع المدينة بحثا عن صيد ثمين، فتجد المواطن يتخير الشوارع الأكثر ازدحاما أو التي تكون قريبة من مقر أحد كتائب المدينة، ويتعمد أن يسير بسرعة في بعض الشوارع، ويتهلل وجهه بالبشر والفرح حين يلمح بيته، كل تلك المعاناة تدور في الجنوب وعلى مرأى ومسمع السلطات المحلية والأطراف المتنازعة، والواضح أن القوة الثالثة لم تستطع تأمين المدينة والطريق المؤدي إليها، وكذلك لم يستطع اللواء12 المجحفل تأمينها وتأمين الطريق المؤدي إليها، وصارت شبهة التواطؤ أو التغاضي عن ما يحدث في الطريق إلى سبها تحوم حولهما، بانتظار أن ينجلي المشهد عن شئ لا نعلمه بخصوصهما، ولكن هل نستطيع أن نضع وزر هذا المشهد كله على الأطراف المتنازعة أم إن لأهل المدينة دور في استمراره؟!!

التدوينة سبها وفقدان الأمن.. طريق لا تعرف نهايته ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “سبها وفقدان الأمن.. طريق لا تعرف نهايته”

إرسال تعليق