طرابلس اليوم

الأحد، 28 يناير 2018

التعاون الدعوي والسياسي في فكر الإخوان المسلمين (1)

,

أبوبكر بلال/ كاتب ليبي

انطلق الشيخ حسن البنا رحمه الله مؤسس جماعة الإخوان المسلمين من قاعدة مهمة للتعاون بين كافة الدعوات العاملة في الساحة المصرية والتقريب بينها سواء المنطلقة من مرجعية دينية أو تلك المنطلقة من غيرها وهو ما يمكن إدراجه تحت شقين من التعاون يتمثلان في تعاون على مستوى الدعوة وآخر على مستوى الوطن والسياسة؛ الأمر الذي يمكننا سحبها على كل قطر من الأقطار الإسلامية أي إنه ليس بالضرورة أن يكون هذا المنطلق التعاوني خاصا بالقطر المصري ومحصورا فيه.

تقول القاعدة: ” نتفق فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه “.

على أساس هذه القاعدة عرّف البنا جماعته بأنها دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية إلى آخر التعريف وواضح من خلال هذين التعريفين أن هناك جماعات سلفية وأخرى صوفية كانت تعمل في الساحة المصرية ويخبرنا التاريخ الذي ظهرت فيه الجماعة أن الخلاف طالما نشب بينها ودب بين مريدي كل منها.

فهي دعوة سلفية لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.

وهي طريقة سنية: لأنهم يحملون أنفسهم على العمل بالسنة المطهرة في كل شيء، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا.

وهي حقيقة صوفية: لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس، ونقاء القلب، والمواظبة على العمل، والإعراض عن الخلق، والحب في الله، والارتباط على الخير.

ولأن الخلاف الذي كان يدب بينها كان مرجعه إما إلى خلاف فقهي أو خلاف عقدي فإن الفكرة العامة التي انطلق منها البنا وهي شمولية الإسلام وقابليته للحياة وتنظيمه لها في كل زمان لا تستلزم أن يكون العاملون من أجلها ملتزمون بمذهب فقهي بعينه أو مذهب عقدي بذاته طالما أن كل هذه المذاهب تنتمي لأهل السنة والجماعة فهو يؤكد في عدد من الأصول العشرين التي قامت عليها جماعته على ذلك ففي الأصل الثاني من الأصول العشرين يقرر أن القرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم فى تعرف أحكام الإسلام ، ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف ، ويرجع فى فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات.

ويؤكد في الأصل السادس أن ” كل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه ، وإلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالاتباع ، ولكنا لانعرض للأشخاص – فيما اختلف فيه – بطعن أو تجريح ونكلهم إلى نياتهم ، وقد أفضوا إلى ما قدموا “.

وليس من المعيب أن يتبع المسلم إماما أو مذهبا معينا فقد جاء في الأصل السابع:

” ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر فى أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ويحسن به مع هذا الإتباع أن يجتهد ما استطاع فى تعرف أدلته، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمى ان كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر “.

ومثلما حاول البنا رحمه الله أن يوفق بين المجموعات الدينية العاملة في الساحة المصرية ويوفق بينها فإنه نهج النهج ذاته مع الدعوات الأخرى التي عاصرها كالوطنية والقومية وركز على الجوانب المضيئة التي تحملها هذه الدعوات محذرا في الوقت ذاته من الجوانب المظلمة لها وهو ما سنخصه بمقال منفصل يكمل هذا المقال.

التدوينة التعاون الدعوي والسياسي في فكر الإخوان المسلمين (1) ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “التعاون الدعوي والسياسي في فكر الإخوان المسلمين (1)”

إرسال تعليق