طرابلس اليوم

السبت، 23 يونيو 2018

مقال أمريكي يحذر من التسرع نحو إجراء انتخابات في ليبيا… لماذا؟

,

حذر مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، من أن التسرع نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا، دون إطار أو قواعد دستورية متفق عليها، ينذر بتأجيج الصراع وخلق دائرة موسعة جديدة من العنف.

وأوضح كاتبا المقال، الباحثان “فريدريك ويري” و”ولفرام لاغر”، أنه “مع غياب أساس دستوري قوي، ستفرز الانتخابات حكومة ذات شرعية متنازع عليها”، ولفتا إلى أن “غياب دستور يترك قضية سلطات الرئيس مفتوحة دون حسم، وهو ما يمثل مصدر قلق كبير بالنسبة لمعارضي اللواء المتقاعد خليفة حفتر”.

الانتخابات البرلمانية أقل خطرًا

وفي ضوء الوضع الراهن في ليبيا حيث تتنافس مجموعات مسلحة متعددة على السلطة، أكد الباحثان أن “غياب قواعد متفق عليها يمثل أزمة حقيقية، وأنها قد تخلق الانتخابات الرئاسية وضعًا يحظى فيه الفائز بكل شيء، وهذا من شأنه تصعيد الصراع”.

وأوضح الكاتبان، أن بعض الحكومات الغربية ترى أن إجراء الانتخابات البرلمانية أقل خطرًا من الانتخابات الرئاسية، قائلين أن “الانتخابات الرئاسية تنذر بتصعيد الصراع بين المعسكرين الرئيسيين، لكن الانتخابات البرلمانية تنطوي على خطر انتشار العنف على نطاق واسع على المستوى المحلي”.

وقال الكاتبان: أن “مسودة الدستور الحالية مثيرة للخلاف، وإجراء تصويت عليها من شأنه زيادة الانقسام، وأن البديل الموجود هو استخدام إطار وضعه البرلمان السابق في 2014، لكن الخلاف حول شرعية هذا الإطار هو ما خلق أزمة الشرعية التي تعاني منها ليبيا الآن”، بحسب ما ذكر المقال.

انتخابات بالشرق أمر مستحيل

ورأى المقال، الذي نُشر الثلاثاء، أن إجراء انتخابات حرة في شرق ليبيا، الواقعة تحت سيطرة خليفة حفتر أمر مستحيل تقريبًا، وأيضًا خارج المنطقة الشرقية ستتأثر نتائج الانتخابات بنفوذ المجموعات المسلحة القوية.

ورغم انتقاد البعض فكرة إجراء انتخابات بليبيا في ظل الأجواء الراهنة، يرى أنصار تلك المبادرة أن الانتخابات وحدها يمكنها إفراز حكومة جديدة تحظى بالدعم الشعبي المطلوب لتفادي المأزق القانوني الذي يؤثر على الهيئات التشريعية والتنفيذية كافة في ليبيا.

واعتبر هؤلاء المناصرون للانتخابات، أن الانتخابات فرصة لتحييد “المفسدين” في كلا المعسكرين، واستبدال حكومة أكثر فاعلية بحكومة الوفاق الوطني، والتي رأى المقال أنها “تعاني من أجل فرض سلطتها”.

الاتفاق السياسي معيب

وأرجع المقال أسباب حالة الجمود التي تعاني منها ليبيا حاليًا إلى “الاتفاق السياسي المعيب، الموقع في الصخيرات في 2015″، موضحا أن “هدف الاتفاق السياسي هو إنهاء القتال بين قوات (عملية الكرامة) وعملية (فجر ليبيا)، وأنتج حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، لكنها غير قادرة على توحيد الهيئات السياسية والاقتصادية والعسكرية المنقسمة في ليبيا”.

وأضاف المقال، أن “التحضيرات والاجتماعات التي سبقت الاتفاق السياسي كانت متسرعة برعاية القوى الخارجية، وإجمالا جاء الاتفاق بين طرفين فقط للصراع، في حين أن أطراف الصراع الحقيقية متعددة وكثيرة، والاعتماد فقط على الموقعين من الجانبين الشرقي والغربي في ليبيا، والذين لم يمثلوا الأطراف كافة على الأرض، مهَّد الطريق أمام استمرار الجمود”.

وتحدث كاتبا المقال الباحثان “فريدريك ويري” و”ولفرام لاغر”، عن نقطة خلاف أخرى بالاتفاق وهي المادة الخاصة بقائد القوات العسكرية، وقالا: “سلطة القائد العام للقوات المسلحة كانت محل خلاف، وأن المنصب بموجب الاتفاق السياسي من سلطات حكومة الوفاق الوطني، وهو شرط رفضه خليفة حفتر وداعموه”.

وفي محاولة لتعديل الاتفاق السياسي، قدم المبعوث الأممي غسان سلامة خطة عمل تتضمن تعديل الاتفاق وإقامة مؤتمر وطني جامع، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لكن الخطة تعرضت لعقبات في جميع مراحلها.

وعلّق الباحثان عن هذه الخطة، قائلين: “لا يوجد تحرك حول مراجعة تشكيل المجلس الرئاسي، والتقدم في إقامة المؤتمر الجامع بطيء ومتقطع، ولم يقدم مجلس النواب قانون الاستفتاء الدستوري من أجل التصويت، وهذا يترك الانتخابات الملاذ الأخير المتبقي”.

ورغم أن غسان سلامة قد أكد في السابق أن إجراء الانتخابات لن يتم سوى بتوافر الظروف المناسبة، أشار الباحثان إلى أنه لم يتحقق أي تقدم حتى الآن، وستُجرى الانتخابات بغض النظر عن الظروف في ديسمبر العام الجاري، وفق رأيهما.

مستفيدون من الوضع القائم

وحمَّل كاتبا المقال مسؤولية الوضع الراهن للنخبة السياسية، وقالا: “هناك كثير من الأطراف النخبوية مستفيدة من الوضع القائم، ويبدو أن بعض أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة مهتمون أكثر بالتشبث بالسلطة أكثر من المضي قدمًا والسير للأمام”.

وتحدث المقال عن حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، قائلين: إن “حكومة الوفاق الوطني وقعت فريسة لمجموعة من الميليشيات تسعى لابتزاز أموال الدولة وأصولها”.

ولفت المقال، إلى نقطة أخرى ألا وهي التحالفات والتغيرات السياسية، موضحا أن التحولات السياسية على الأرض عرقلت تحقيق أي تقدم، إذ أصبحت السلطة أكثر انقسامًا من أي وقت مضى، وتكونت تحالفات ومصالح جديدة حتى بين خصوم الأمس.

إضافة إلى عدم قدرة الأطراف الليبية على التوصل إلى توافق، وظهور تصدعات وخلافات بين أعضاء الفريق الواحد، وفي هذا الشأن أشار الباحثين إلى ظهور خلافات عدة إلى السطح في شرق ليبيا، مع شعور بعض ممن دعَّم حفتر في حملته على بنغازي بالغضب بسبب تركيز السلطة في يد أبنائه وأقاربه، ورأى الباحثين تراجع نفوذ مصراتة في طرابلس غرب البلاد مع تحرك ميليشيات العاصمة لتعزيز سلطتها، وهذا ما دفع مصراتة لإعلان الهدنة مع الزنتان، حسب قولهما.

ليبيا تقودها أجندة خاصة

ورأى المقال أن النهج الدولي في ليبيا، والذي تقوده أجندات خاصة، زاد من سوء الوضع وخلق محفزات لبعض الفصائل لرفض الجلوس إلى الطاولة، وأوضح كاتبا المقال في هذا الشأن أنه “رغم الاتفاق على دعم الأمم المتحدة في ليبيا، لم تتوقف مصر والإمارات عن دعم حفتر، وانضمت لهما روسيا وفرنسا، وأنه يرى كثير من الليبيين أن باريس منحازة لصالح حفتر”.

وتابع كاتبا المقال الباحثان “فريدريك ويري” و”ولفرام لاغر” قائلين: “قدمت القوى الغربية نفسها باعتبارها وسطاء عبر كثير من القمم والمؤتمرات، لكن لا يمكن اعتبار معظم تلك المبادرات محايدة، وكان لبعضها الأثر في تعكير جهود الأمم المتحدة، آخرها اجتماع باريس”.

التدوينة مقال أمريكي يحذر من التسرع نحو إجراء انتخابات في ليبيا… لماذا؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “مقال أمريكي يحذر من التسرع نحو إجراء انتخابات في ليبيا… لماذا؟”

إرسال تعليق