طرابلس اليوم

الثلاثاء، 26 يونيو 2018

بعد تجدد الصراع على النفط.. هل سيتأثر حفتر سياسيا؟

,

شهدت مناطق الهلال النفطي في ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية معارك مسلحة بين قوات حرس المنشآت النفطية فرع الوسطى بقيادة إبراهيم جضران من جهة، وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الجهة المقابلة، بهدف السيطرة على أهم المواقع في البلاد.

وشنت قوات إبراهيم جضران، في 14 يونيو الجاري هجوما على الموانئ النفطية بالهلال النفطي شمال وسط ليبيا، بهدف السيطرة عليها واستعادتها من قوات خليفة حفتر التي تسيطر على المنطقة منذ شهر سبتمبر 2016، بعد أن دحرت منها قوات جضران.

حفتر يسترد الموانئ

وعقب كرٍ وفرٍ واشتباكات مسلحة بين الطرفين لم تستمر طويلا، أعلنت قوات حفتر الخميس الماضي استعادتها لمنطقة الهلال النفطي والموانئ بالكامل مجددا، بعد أن ظلت تحت سيطرت قوات جضران لأسبوع ثم انسحبت من مواقعها بالمنطقة لكثافة القصف الجوي من قبل طائرات مسيّرة من الإمارات.

وتعد منطقة الهلال النفطي التي تضم موانئ السدرة ورأس لانوف والزويتينة والبريقة من أهم وأكبر الموانئ النفطية في البلاد وتحتوي على قرابة 60% من احتياطيات ليبيا من النفط، كم تعتبر أيضا من أهم المناطق الاقتصادية في ليبيا إحدى أكبر الدول الإفريقية الغنية بالنفط الخام.

وتشكل السيطرة على الهلال النفطي في ليبيا مكسبا سياسيا كبيرا لتقوية مواقعه التفاوضية في مواجهة خصومه السياسيين في المشهد، وتقديم نفسه للقوى الخارجية باعتباره الطرف الأقوى على الأرض الذي يمكن الاعتماد عليه والتفاوض معه على أهم ثروات البلاد.

استيلاء على النفط

وفي خضم هذه الصراعات على ثروات البلاد وفي خطوة اعتبارها مراقبين استيلاء على النفط الليبي، أعلن الناطق الرسمي باسم القيادة العامة لعملية الكرامة أحمد المسماري، الإثنين، أن خليفة حفتر أمر بتسليم الموانئ النفطية ومنطقة الهلال النفطي إلى المؤسسة الوطنية للنفط التابعة للحكومة الموازية في البيضاء.

وأرجع المسماري هذا القرار إلى أن “المرتزقة الذين حاربوا الهلال النفطي يتقاضون مرتباتهم من النفط الليبي، وأنهم يدركون أن تلك المجموعات الإرهابية تحصل على الدعم المالي وعلى الآليات والأسلحة والذخائر وتعقد اتفاقيات مع المرتزقة التشادية من أموال النفط الذي يقومون بتأمينه”، حسب قوله.

وجاء قرار حفتر مخالفا لقرار مجلس الأمن رقم 2278 الصادر في مارس 2016، الذي يمنح حكومة الوفاق الوطني المسؤولية في اتخاذ الإجراءات التي تمنع تصدير النفط الليبي بطريقة غير مشروعة، وقرار المجلس رقم 2362 الذي أدان المحاولات غير القانونية لتصدير النفط من ليبيا، بما في ذلك النفط الخام والمنتجات النفطية، من قبل المؤسسات الموازية التي لا تعمل تحت سلطة حكومة الوفاق.

وضرب اللواء المتقاعد بهذا القرار الاتفاق للعمل على إلغاء الحكومة الموازية في شرق ليبيا، الذي وقعه حفتر في باريس مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السرج ورئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة، عقيلة صالح وخالد المشري في باريس في نهاية مايو الماضي، برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

صنع الله يحذر

وفي أول ردّ فعل للمؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا على هذا القرار، قالت المؤسسة إنّ القيادة العامة لعملية الكرامة لا تتمتع بأي سلطة قانونية تمكّنها من السيطرة على موانئ خليج سرت وصادرات النفط في ليبيا.

وأكدت المؤسسة برئاسة مصطفى صنع الله في بيان لها، أنّ أي محاولة للسيطرة على الموانئ تعتبر تجاوزا واضحا لقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والقانون الليبي المحلي وقانون العقوبات، على حد قولها.

وحذرت المؤسسة، الشركات من الدخول في عقود لشراء النفط من المؤسسات الموازية، مؤكدة أنها لن يتم تكريم هذه العقود وستقوم باتخاذ جميع الإجراءات القانونية المتاحة ضدها، وفق نص البيان الذي نشرته المؤسسة على موقعها الإلكتروني.

ووفقا للبيان، فقد رأى مصطفى صنع الله، أنّ ما قامت به القيادة العامة التابعة لحفتر لا يختلف عمّا قام به إبراهيم الجضران، مطالبا المجتمع الدولي وكافة الشعب الليبي بضرورة إدانة مثل هذه الأفعال بشدّة، مبينا أن القيادة العامة أدارت ظهرها لاتفاقات باريس والمصلحة الوطنية والطريق إلى السلام، وفق قوله.

رسائل دولية لحفتر

ورأي الكاتب الليبي علي أبوزيد، أن حفتر سيستفيد من الصراع الأخير على الهلال النفطي الذي انتهى بسيطرته عليه على مستوى زخمه الشعبي، ولكن الموقف الدولي من الهجوم على الموانئ أرسل رسائل إلى حفتر مفادها ضرورة تجاوبه مع الحل السياسي وخاصة اتفاق باريس، وأن تصريحاته الأخيرة للأهرام تدل على ذلك بوضوح، على حد قوله.

وقال أبوزيد لليبيا الخبر، إن حفتر لن يرضخ بسهولة لهذه الرسائل الدولية، وإنما سيراوغ حتى تتهيأ الظروف لتكون مناسبة له أكثر، موضحا أن المواقف الدولية بشأن الأحداث الأخيرة على الموانئ النفطية لن تتغير كثيراً، وإنما ربما ستزيد بعض التحالفات القائمة حالياً قوة، وأن القبائل سيزداد تمسكها بحفتر، وسيبقى الجميع يحوم حول إعلان باريس محاولاً الاستفادة منه، حسب رأيه.

وعن تأثير ما جرى مؤخرا في الهلال النفطي على إجراء انتخابات في البلاد خلال العام الجاري، قال الكاتب الليبي إن “إجراء انتخابات في نهاية العام استبعدها الكثيرين لصعوبة حدوث التوافق على الإطار الدستوري والقانوني لها، لذلك فإن إعلان باريس لن يكون إلا القنطرة التي يتم بها الخروج من الزامات والتزامات الاتفاق السياسي المعطلة وغير المفعلة”.

تحجيم دور حفتر

من جانب آخر، رأى الناطق السابق باسم الحكومة المؤقتة في البيضاء عبدالحكيم معتوق، أن ما حدث في الموانئ النفطية لن يغير شيء، وإنما سيدفع مجددا باتجاه العودة إلى وثيقة باريس، إلا إذا كان لأمريكا رأي آخر بشكل منفرد أو من خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، ونوه من جهة أخرى إلى أن الهجوم الأخير على الموانئ جاء لينسف كل الجهود الرامية لإقامة انتخابات في المدة القريبة القادمة.

وأوضح معتوق لليبيا الخبر، أن الهجوم كان هدفه تحجيم دور خليفة حفتر، ومنع تمدد قواته بعد الانتهاء من مواجهات درنة، قائلا: “هذه هي الرسالة التي أراد الإسلام السياسي في الغرب الليبي إيصالها من خلال هذه العملية التي أوكل تنفيذها لإبراهيم الجضران ومن معه بذرائع مختلفة مما سيعمق الفجوة بين الفرقاء الذين يتصدرون المشهد الآن”، حسب رأيه.

وتابع معتوق قائلا: “إلا إذا مارست فرنسا ضغوطاتها مجددا في الأمم المتحدة وتبلورت بيانات الإدانة إلى سلسلة من العقوبات والملاحقة القانونية في حق مجرمي الحرب ومنتهكي الحق الإنساني وفقآ لقرارات سابقة صادرة عن مجلس الأمن، لخلق نوع من المناخ المناسب لأحداث صيغة تسوية خلال هذه المرحلة”.

وأشار الناطق السابق باسم الحكومة الموازية في البيضاء، إلى أنه “عدا ذلك فستبقى ذات الدائرة المفرغة، والمكايد السياسية، والإحتراب، والخطاب الإعلامي التحريضي”، على حد تعبيره.

واعتبر عبدالحكيم معتوق، أن “تلك عوامل بلا شك تقف وراءها دوائر استخبارية عالمية لدول لديها مشاريعها ولم تتفق بعد على تقسيم مصالحها في ليبيا، فتعمل على إطالة أمد الأزمة في ظل غياب مشروع وطني حقيقي، وإرادة وطنية تضع مصلحة الشعب الليبي فوق كل اعتبار لكي تنتشله من براثن الفقر والتجويع المتعمد في حملة ممنهجة بغية إيصاله إلى القبول بأي حل يخرجه من هذه الأزمة”، حسب قوله.

وتعيش ليبيا أوضاعا سياسية واقتصادية لا تحسد عليها بسبب انقسام مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والسيادية بين شرق البلاد وغربها، ألقت هذه الأزمات بضلالها على المواطن الكادح الذي أصبح يجد صعوبة في الحصول على لقمة عيشيه.

وبعد هذا الصراع على الموانئ النفطية في ليبيا والأحداث المتسارعة والمستجدات التي صدرت مؤخرا بشأن الموارد الوطنية والدخل الوحيد للبلاد، هل ستزيد فجوة الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها ليبيا منذ سنوات رغم تعدد الجهود الدولية والمحلية المبذولة للخروج بالبلاد إلى بر الأمان؟.

 

التدوينة بعد تجدد الصراع على النفط.. هل سيتأثر حفتر سياسيا؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “بعد تجدد الصراع على النفط.. هل سيتأثر حفتر سياسيا؟”

إرسال تعليق