طرابلس اليوم

الخميس، 23 أغسطس 2018

حدودنا المستباحة … إلى متى؟

,

عبدالقادر الاجطل/ صحفي وكاتب ليبي

 

الحديث الدولي عن الهجرة غير الشرعية في ليبيا يمثل أحد أهم ثلاثة ملفات يهتم لها العالم في هذا البلد الذي يبحث عن مخرج مما يعانيه من أزمات متنوعة.

 

الهجرة والإرهاب والنفط تكاد تكون هي الملفات العاجلة التي يضعها المجتمع الدولي والدول العظمى ضمن أهم أولوياتهم.

 

المنظمة الدولية للهجرة لا تكاد تنتهي من تقرير عن أعداد المهاجرين في ليبيا بلد العبور المفضل لدى عديد المهاجرين حتى تشرع في آخر.

 

آخر الإحصائيات التي أعلنتها المنظمة عن أعداد المهاجرين العالقين في ليبيا قدرت أعدادهم بنحو ستمئة ألف مهاجر في الوقت الذي لم تستوعب فيه مراكز الإيواء التابعة لحكومة الوفاق إلا أقل من 5% من هذه الأعداد.

 

المنظمة قالت أيضا إن المهاجرين المتوجهين شمالا نحو أوروبا غيروا خلال الأشهر الاولى من هذا العام بلد العبور العربية المفضلة جنوب المتوسط من ليبيا إلى المملكة المغربية وغيروا البلد الأوروبي الذي يقصدونه في بداية وصولهم إلى القارة العجوز من إيطاليا التي استقبلت أكثر من ستمئة وأربعين ألف مهاجر معظمهم من الأفارقة خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى إسبانيا، وهو ما ظهر على صورة انخفاض في أعداد المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا خلال الأشهر الماضية من هذا العام.

 

تولي حزب الرابطة اليميني المتشدد في ملف الهجرة الذي يترأسه ماتيو سالفيني وزير الداخلية الإيطالي الذي وعد خلال حملته الانتخابية بوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا وترحيل مئات الآلاف منهم على بلاده، وإغلاق موانئه أمام المهاجرين الذين تنقذهم السفن من الغرق وهم في عرض المتوسط خلال رحلتهم المحفوفة بالمخاطر نحو سواحل أوروبا الجنوبية وتنفيذ ماتي

 

يعد أحد أهم أسباب تقلص أعداد الواصلين إلى إيطاليا.

 

كما أن الجهود التي يبذلها البحارة الليبيون من جنود البحرية وغفر السواحل قللت من فرص مغادرة المهاجرين للسواحل الليبية ووصولهم بالتالي إلى إيطاليا وهو ما يمثل السبب الثاني لهذا الانخفاض الحاصل في أعداد الواصلين عبر المتوسط إلى إيطاليا.

 

غير أن من مساوئ هذا الأمر وآثاره الجانبية على ليبيا أن أعداد المهاجرين الذين بقوا في ليبيا تتزايد باضطراد، فالنجاح الذي يدعيه الإيطاليون لسياساتهم الجديدة في مواجهة المهاجرين يدفع ضريبته الليبيون على الضفة المقابلة من البحر المتوسط، وفي تقديري أن إيطاليا لم تقم بما يجب عليها لتثمين هذه الخطوة التي نفذها الليبيون بإمكاناتهم المتواضعة ولم يضطلعوا بدورهم جديا للحيلولة دون تدفق المهاجرين من جنوب الصحراء إلى ليبيا، الدولة التي لم تنتهِ بعد من فتراتها الانتقالية ولم تضع حدا للفوضى ولم تنجح في ردم الهوة بين الفرقاء الذين لن يعفيهم التاريخ والأجيال القادمة من تحمل تبعة ما ساهموا في صناعته من بيئة جاذبة للإرهابيين والمهاجرين غير الشرعيين من شتى الدول الإفريقية وبعض الدول الأسيوية بمختلف جنسياتهم وأنواعهم وأسباب تركهم لأوطانهم وتصنيفاتهم.

 

وعلى الرغم من رفض فايز السراج مبدأ توطين المهاجرين في ليبيا وعزز هذا الموقف أحمد معيتيق النائب بالمجلس الرئاسي رفض مقترح وزير الداخلية الإيطالي القاضي بإنشاء مراكز لتجميع المهاجرين غير الشرعيين في الجنوب الليبي، معيتيق الذي أكد أن القانون الليبي يمنع إقامة معسكرات للمهاجرين على التراب الليبي، غير أن المهاجرين لا ينتظرون إذنا من أحد طالما استمرت حدودنا الجنوبية مستباحة وسيتدفقون من كل حدب وصوب على البلد الوحيد الذي يعبره المهاجرون دون قيد أو شرط ثم يغادرونه متى تمكنوا من المغادرة.

 

لن يبقى فقير في بلاده ما لم تبرق له سانحة أمل تغير واقعه البائس وتفتح أمامه بابا للرزق يغنيه عن السؤال وتؤمنه في وطنه. 

التدوينة حدودنا المستباحة … إلى متى؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “حدودنا المستباحة … إلى متى؟”

إرسال تعليق