طرابلس اليوم

الأربعاء، 24 مايو 2017

ليبيا وحفتر والمحور المُتهافِت.. أنّى يُستجاب له؟!

,

المختار غميض/ كاتب تونسي

بعيدًا عن أي بحث في موضوعات التوافق بين الأطراف الليبية المختلفة، يبدو أن محور حفتر بات في حاجة للبحث أكثر من أي وقت مضى عن مدى قابليته – في حد ذاته – بضرورات التوافق، لقد أضحى محور حفتر مشتتًا وينهشه الانقسام يومًا بعد يوم، وهو أمر معلوم غير خفي.

محور حفتر المتهافت

يوم 16 من مايو عام 2014 بدأ حفتر عملية عسكرية في بنغازي أسماها الكرامة وما زالت العملية مستمرة ضد قوات مجلس شورى ثوار بنغازي التي تتمركز بمنطقة “وسط البلاد” وسوق الحوت والصابري، ولا تزال تقاتل إلى الآن.

شهد محور حفتر خلال سنواته الثلاثة الماضية انشقاق العديد من قادته أبرزهم آمر كتيبة 204 دبابات المهدي البرغثي (وزير دفاع الوفاق)، القيادي السابق في المعركة وآمرمحور حي الصابري فرج البرعصي، القيادي بالكرامة وناطقها الرسمي محمد الحجازي، آمر جهاز مكافحة الإرهاب فرج أقعيم، فضلاً عن القيادي محمود الورفلي قائد الإعدامات.

وأخيرًا انقلب الإعلامي منصور عبيد على محور حفتر ووجه له مؤخرًا اتهامات خطيرة منها اصطناعه بمعية مخابرات أجنبية لمواجهات الكيش التي جدت في بنغازي، كما اتهمه بمطامع عسكرية وسياسية من وراء حربه المزعومة على الإرهاب، بعد أن تأكد أن تلك الحجة متهافتة وواهية ليست إلا، فحفتر يسعى بما أوتي من قوة وغطرسة لنيل منصب سياسي، هكذا قال صديق الأمس عبيد حرفيًا!

محاولات رأب الصدع

تجدد الخلاف بين عقيلة صالح رئيس برلمان شرق البلاد وقائد عملية الكرامة قائد الجيش خليفة حفتر على خلفية عدم احترام الأخير لمجلس النواب خلال الاحتفال بمرورالذكرى الثالثة لعملية الكرامة، الذكرى التي تم الاحتفال بها في شرق بنغازي بمنطقة توكرة، والأولى أن يُقام الحفل في بنغازي المحرّرة!

الخلاف الحفتري الصالحي ليس بالجديد، فسبق للأجهزة الدبلوماسية في مصر أن توسطت بين رئيس البرلمان عقيلة صالح، وقائد الجيش المفترض حفتر، نظرًا لتداخل صلاحياتهما، أي بين القائد الأعلى للقوات المسلحة وصلاحيات حفتر في قيادته للقوات الليبية، ذلك الخلاف وصل بعقيلة صالح، إلى دعوة المؤسسة العسكرية صراحة للابتعاد عن الشأن السياسي، والاكتفاء بحماية ليبيا.

عسكريًا.. لماذا تجدد الخلاف؟!

إذًا تجدد التوتر بين عقيلة وحفتر خلال حفل تخريج مجندين بالتزامن مع الاحتفال بعملية الكرامة، حضر عقيلة بصفته القائد الأعلى للجيش ولم يجد في استقباله حفتر الذي تقتضي التراتبية العسكرية أن يحضر مراسم المصادقة على أسماء المتخرجين إلى جانب عميد الكلية العسكرية وعبد الرزاق الناظوري رئيس الأركان.

غضب عقيلة من تصرفات حفتر تلك، كما لم يخف استياءه من سوء تنظيم استقباله على المنصة لحضور الاستعراض العسكري، خاصة أن الدعوة اقتصرت على ثلاثة برلمانيين فقط قبلهم حفتر على المنصة بينما بقي آخرون مع الجمهور في الأسفل، وهذا ما رواه بعض النواب.

بينما روي آخرون عن خشية عقيلة صالح حدوث مناوشات بين حرسه وحرس حفتر المشرف على الحفل، لذلك اختار صالح أن يغادر قبل بداية العرض العسكري حتى.

حفتر يستعرض للخارج

أكاد أجزم أن الاستعراضات العسكرية التي قام بها حفتر شرق بنغازي بمدينة توكرة وعلى طريقة تشكيلات القذافي كانت موجهة للخارج أكثر منها رسالة للداخل بعد أن أصبح الرجل جوادًا خاسرًا للغرب.

فحفتر يحاول بذلك تقزيم حكومة الوفاق الوطني المدعومة من منظومة دولية والتي لا تحظى بالدعم الكافي من دول تقول إنها تقف مع ليبيا، أولها حكومة الجار المصري عبد الفتاح السيسي الذي أرسل رئيس أركانه محمود حجازي في أول زيارة لليبيا لا تخلو من رمزية لتزيد العرض العسكري جدية وأبهة، كأن بحفتر يقول “هذا أنا، ناهيك عن عدم إمكانية وجود أي شكل من أشكال الحكم المدني أو الديمقراطي دوني أنا، فأتوني طوعًا أو كرهًا”!

فعلاً يمكن القول إن حفتر فرض نفسه كلاعب أساسي، وتحالفه مع نظام السيسي لا يتنافى مع الأجندة الإقليمية والعالمية، وهو يلقى صدى لدى روسيا وأطراف عربية وغربية ويوفر غطاءً سياسيًا وعسكريًا لمطامح الجنرال.

في المقابل لا يمكن إنكار أن ذلك يلاقي صعوبات لا يُستهان بها سياسيًا وعسكريًا، ولنا في ضربة القوة الثالثة لقوات حفتر بمنطقة الجنوب (براك الشاطي ) خير دليل، وسياسيًا فإن لقاء حفتر والسراج مؤخرًا في الإمارات قد يعتبر نجاحًا في شكله على الأقل، لكنه لم يكن له تأثير لدولة فاعلة (الإمارات) في ليبيا لم تفرط في شخصية عسكرية (حفتر)، وترى نفسها فقط هي الفاعلة كذلك، خاصة بعد تولي ترامب الشخصية الملهمة ودولته الأمريكية التي احتضنته، وربما تتوجه حاكمًا رغم معارضة عسكريين بالغرب الليبي.

مؤتمر ضباط زوارة ورسالة الداخل

في اعتقادي لم يكن اجتماع ضباط من جنوب وغرب ليبيا في مدينة زوارة غرب طرابلس قبل أيام، سوى تعبير منهم عن تآكل محور حفتر وانكشاف ظهره، فالضباط وصفوا الجنرال بمجرم الحرب وأصروا على أن يتولى الضباط الشرفاء إعادة بناء جيش ليبيا وتأسيسه، في رسالة منهم واضحة أنهم القادرون على تحرير سرت وعلى الضرب وقتما شاؤوا في الجنوب وهي الضربة التي تعد الأعنف للقوات الغربية الليبية رغم سوء تسليحها وقدم عتادها مقابل قوات الشرق.

جيش حفتر من ورق رغم الدعم المصري والإماراتي

صديق حفتر بالأمس مهدي برغثي من ينتقم منه اليوم! فها هي القوة الثالثة الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي يتولى حفتر قيادة حقيبة الدفاع فيها تهجم على قاعدة براك الشاطئ الجوية (جنوبًا) وتقاتل مع كتائب موالية لقوات مجلس طبرق التي يقودها خليفة حفتر، وقيل إن محمد بن نايل الذي فكت مصراته وثاقه عاد ليقاتل معها، لكن رغم ذلك قتل في صفوفهم الكثير وتم أسر الكثير، تلك الضربة الكبيرة تحملها مهدي البرغثي وحده ثم كانت نقطة للتشفي بالنسبة لحفتر.

وفي أوائل أبريل المنقضي، أطلق البرغثي عملية عسكرية لتحرير قاعدة براك الشاطئ (700 كلم جنوبي طرابلس)، من اللواء 12 التابع لحفتر، الذي سيطر عليها منذ ديسمبر 2016، إضافة لفك الحصار على قاعدة تمنهنت الجوية، شمال مدينة سبها (750 كلم جنوبي طرابلس)، التي حاصرتها قوات حفتر.

هذا الصراع كان مدعومًا من الإمارات، وقد أشارت صحف أمريكية لذلك عبر نشر طائرات حربية إماراتية بليبيا في انتهاك لحظر توريد الأسلحة المفروض منذ مارس 2011، واعتبرت الصحف أن تلك الطائرات تقدم دليلاً جديدًا على تعقد الصراع في ليبيا، حيث تدعم مصر والإمارات وروسيا قوات حفتر وربما يُراد لليبيا أن تكون بؤرة لتوريد الأسلحة، لكن إلى متى؟

عمومًا لسنا في حاجة كي يعترف رئيس النواب بطبرق عقيلة صالح، لأول مرة وبشكل علني قبل شهر، بالدعم العسكري الذي قدمته الإمارات لقوات حفتر، رغم ذلك لم يقدم على الأرض أي إنجازات تذكر لا في درنة ولا بنغازي ولا في سرت التي توعدها كثيرًا ولا في الجنوب.. فأنى يُستجاب لمحوره المتداعي والآيل للسقوط في كل آن وحين!

 

التدوينة ليبيا وحفتر والمحور المُتهافِت.. أنّى يُستجاب له؟! ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ليبيا وحفتر والمحور المُتهافِت.. أنّى يُستجاب له؟!”

إرسال تعليق