طرابلس اليوم

الخميس، 25 مايو 2017

من يقف وراء حفتر:مشوار الألف ميل يبدأ بقناة العربية

,
لم يخطر ببال أحد أن يتحول قائد عملية الكرامة خليفة حفتر من صاحب انقلاب تلفزيوني إلى طرف سياسي رئيسي في الأزمة الليبية يحاول المجتمع الدولي أن يجعله شريكا في العملية السياسية ولا تدور عجلتها دونه.
انقلاب تلفزيوني
الاستغراب مرده إلى ما يزيد عن ثلاثة أعوام، في 15 من فبراير 2014، حيث أعلن حفتر عبر بيان متلفز بثته قناة العربية، تجميد العمل بالإعلان الدستوري، وحل المؤتمر الوطني العام – الجسم التشريعي المنتخب الوحيد – والحكومة المؤقتة، وتشكيل هيئة رئاسية؛ ما أثار تندر الشارع الليبي ووصفوه بـ”الانقلاب التلفزيوني”.
عملية الكرامة
وتحول حفتر من ذلك الإعلان إلى العمل على الأرض وانطلق من بلدة الرجمة 25 كيلو متر عن مدينة بنغازي شرق ليبيا رفقة مايزيد عن 150 عسكريا ومسلحا مدنيا ليعلن في منتصف مايو2014، عن عملية الكرامة ويطلق معارك برية وجوية انتهت بدخول قواته منتصف أكتوبر من نفس العام إلى مدينة بنغازي وسيطرته على جزء كبير منها .
تمدد حفتر
بالتزامن مع ذلك بسطت قوات حفتر سيطرتها على معظم مناطق شرق ليبيا وأعلن البرلمان عقد أول جلساته في أغسطس 2014 بأغلبية مؤيدة لحفترفي مدينة طبرق في مخالفة للإعلان الدستوري الذي ينص على عقد الجلسة في بنغازي؛ إذ تحجج النواب بسيطرة قوات مجلس شورى ثوار بنغازي المناوئين لحفتر على المدينة آنذاك .
بعد فترة تمدد وجود حفتر وخاض معارك سيطر فيها على منطقة الهلال النفطي في 2016 وكلف قوات له في المنطقة الجنوبية وقاد معارك وسيطر على مواقع جديدة وأصبحت طلبات حفتر وتحفظاته على الاتفاق السياسي هي تحفظات رئاسة مجلس النواب وكتل برلمانية جُل أعضائها من نواب المنطقة الشرقية.
مسيرة حفتر على مدى ثلاثة أعوام جعلت منه قائدا لشرق ليبيا وجزء من مناطق الجنوب وطرفا سياسية يسترضيه الجميع داخليا وخارجيا، وهو ما يفتح باب التساؤل عن الدعم الدولي والداخلي الذي جاء بحفتر من بلدة الرجمة إلى أبو ظبي ليفاوض رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المدعوم من المجتمع الدولي.
ويقسم مراقبون الأطراف السياسية الرئيسية الداعمة لحفتر إلى ثلاثة أطراف: أطراف داخلية، أطراف إقليمية إضافة إلى أطراف دولية.
مجلس النواب الليبي.
ويعتبر المراقبون أن مجلس النواب يُعد الطرف الداخلي الرئيسي في مساندة حفتر الذي أضفى شرعية عليه وعلى قواته باعترافه الرسمي بعملية الكرامة العسكرية بقيادة خليفة حفتر “لمحاربة الإرهاب” في 17 من نوفمبر2014، وباعتبار العملية شرعية تابعة لرئاسة أركان الجيش الليبي والحكومة الليبية المؤقتة قبل أن يعينه المجلس قائدا عاما للجيش في مارس 2015 ثم يقرر ترقيته في منتصف سبتمر 2016 إلى رتبة مشير، وذلك بعد نحو سنة ونصف من ترقيته إلى رتبة فريق أول وغداة سيطرة القوات التي يقودها على موانئ تصدير النفط الرئيسية في شرق ليبيا.
ولعبت قيادة البرلمان وبعض النواب الذين شكلوا فيما بعد كتل (السيادة الوطنية،الوحدة، الميثاق) منذ أول جلسة للبرلمان؛ دور الداعم القوي لحفتر وقواته إذ أن أبرز ثوابت البرلمان في خلافه مع المجلس الرئاسي ومن يقف وراءه، يعود إلى المادة الثامنة من نص الاتفاق السياسي الذي وُقّع في الصخيرات المغربية، والتي تنص على “نقل كافة صلاحيات المناصب العسكرية والأمنية العليا، إلى مجلس رئاسة الوزراء في حكومة الوفاق فور توقيع الاتفاق”.
و يعني نص المادة الثامنة عزل حفتر بصفته القائد العام للقوات المسلحة لمجلس النواب من منصبه وهو لُب الخلاف الذي عادة ما يطرحه تيار مجلس النواب الموالي لحفتر حيث يجددون تأكيدهم في كل مناسبة على أن “الجيش خط أحمر” في إشارة منهم إلى منصب حفتر.
وحسب مراقبين فإن مواقف مجلس النواب من العملية السياسية في عدة مناسبات تتحول إلى ردود فعل للعمليات العسكرية التي تخوضها قوات حفتر وذلك ظهر خلال تعليق مجلس النواب مشاركته في الحوار والتصويت على إلغاء المادة المتعلقة بتشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ردا على ماوصفوه بهجوم شنته كتائب مدعومة من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق على موانئ منطقة الهلال النفطي في الثالث من مارس 2017.
ومثّل التيار الداعم لحفتر بمجلس النواب مدخلا لاستمالة القبائل خصوصا أعيان قبائل الجبل الأخضر شرق ليبيا؛ لما لرئيس مجلس النواب من حظوة اجتماعية استمدها من كونه أحد أعيان قبيلة العبيدات المنتشرة في تلك المناطق التي يعتمد عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر كخزان بشري لمقاتلي عملية الكرامة.
دعم مجلس النواب لحفتر انعكس على أداء الحكومة المنبثقة عن المجلس حيث تركت زمام الأمور في يد قوات حفتر خصوصا فيما يتعلق بالجانب الأمني.
الأطراف الإقليمية:
ومن الدعم الداخلي إلى الإقليمي إذا يرى مراقبون أن الدعم الإقليمي ممثلا في دولتي مصر والإمارات كان له الدور الأهم في بسط حفتر السيطرة على جزء كبير من البلاد.
مصر
تعد القاهرة من بين أهم مساندي حفتر علناً، إذ استقبلته عدة مرات بصفته قائدًا للجيش الليبي، ودعت في كل مناسبة إلى رفع الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على تسليح قواته، فهي ترى في حفتر الوحيد القادر على تخليص ليبيا من “الإرهاب”.
ولم يخفي قائد عملية الكرامة الدعم المصري لقواته إذ أنه قال خلال مقابلة على قناة تفزيونية مصرية : “لولا ما قدمته مصر لنا ما كنا نستطيع أن نقف على أرجلنا مرة أخرى”.
كما أكدت عدة تقارير تلقيه أسلحة وذخائر مصرية لاستخدامها في عملية الكرامة من بينها تقرير صدر عن الأمم المتحدة، ذكر أن مصر قامت بانتهاك الحظر المفروض على شحن الأسلحة إلى ليبيا في عامي 2014 -2015.
وفي محاولتها لإشراك حفتر في العملية السياسية دعت، القاهرة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، إلى طاولة المفاوضات في منتصف فبراير الماضي إلا أن مساعيها مُنيت بالفشل بعد رفض حليفها لقاء السراج واكتفاء رئيس الأركان المصري محمود حجازي -المسؤول عن المبادرة بتكليف من السيسي- بمحاولة التقريب بين الرجلين عن طريق نقل مقترحات لحل الأزمة الليبية إلى كل طرف، من دون أن تجمعهما حتى قاعة.
الإمارات
لم يعد الدعم الإمارتي العسكري والسياسي لقوات حفتر خفيا على أحد حيث أكد ولي عهد أبوظبي، نائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية، محمد بن زايد آل نهيان، دعم بلاده لحفتر، مشيداً بدور الأخير في “محاربة الإرهاب”.
وبالتزامن مع ذلك اعترف رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بالدعم العسكري الذي قدمته الإمارات إلى قوات خليفة حفتر.
وقال خلال مقابلة تلفزيونية إنه ذهب للإمارات يطلب الدعم، و أن الإمارات وقفت معه موقف الأخ، قائلا إن محمد بن زايد (ولي عهد أبو ظبي) قال لهم عندما طلبوا الدعم “حلالنا حلالكم؛ يعني مالنا هو مالكم، وما قصروا حقيقة معنا رغم الضغط الدولي”.
وحاولت أبوظبي كنظيرتها القاهرة إشراك حفتر في العملية السياسية من خلال جمعه بالسراج ونجحت في مسعاها، في الثاني من مايو الجاري، بالعاصمة الإماراتية أبو ظبي وخرج الطرفان باتفاق يتضن عدة نقاط عامة دون الخوض في تفاصيل الخلاف.
وقبل ذلك سجّل مراقبون ثلاث زيارات لقائد عملية الكرامة إلى دولة الإمارات بداية بـ23 من أبريل 2015 و26 من سبتمبر 2016 وأخرها في العاشر من أبريل 2017 وحسب المراقبين فإن حفتر التقي بمحمد بن زايد وشقيقه منصور في جميع الزيارات التي تطرقت في معظمها إلى دعم عملية الكرامة في حسم معركتها شرق ليبيا.
وتدعم الإمارات في مواقفها العلنية الاتفاق السياسي والمجلس الرئاسي المنبثق عنه إلا أنها رفضت في مايو الجاري، منح تأشيرة دخول أراضيها للسفير الليبي المكلف من قبل المجلس الرئاسي متمسكة بالتمثيل الدبلوماسي لمجلس النواب في طبرق.
الدعم الدولي
تشارك عدة أطراف دولية في دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومنها فرنسا التي أعلن رئيسها السابق فرانسوا أولاند عن مقتل جنود فرنسيين في سقوط مروحية شرق ليبيا في 20 من يوليو 2016، فيما أعلن قادة في قوات حفتر عن وجود خبراء عسكريين من دول غربية.
الإ أن الدعم الرئيسي المباشر الذي يتلقاه حفتر يأتي من روسيا الحليف القوي الجديد.
روسيا
ويظهر التقارب العلني لحفتر مع روسيا بزيارته لها مرتين في أقل من ستة أشهر، وزيارة حاملة الطائرات الروسية الأميرال كوزنيتسوف في المياه الإقليمية الليبية في 11 من يناير الماضي.
هذه الزيارات أثارت تساؤلات عن طبيعة الدور الروسي في ليبيا ليجيب عن تلك التساؤلات قائد القوات الأمريكية في إفريقيا توماس فالدهاوسر ويؤكد وجود صلات بين قائد عملية الكرامة اللواء المتقاعد خليفة حفتر و روسيا “لا يمكن إنكارها”.
ويتوقع فالدهاوسر في مؤتمر صحفي، أن تلك الصلات ستزيد من القلق الأمريكي بشأن دور موسكو المتزايد في ليبيا .
ويؤكد قائد القوات الأمريكية في أفريقيا وجود روس على “الأرض في المنطقة” ويشيرإلى أن المحاولات الروسية للتأثير في ليبيا مثيرة للقلق، وفق قوله.
وقبل ذلك نقلت وكالة رويترز، عن مصادر أمريكية ، أن روسيا نشرت مجموعة من الخبراء العسكريين والطائرات المسيّرة بدون طيار في قاعدة عسكرية مصرية قرب الحدود المصرية الليبية إلا أن وزارة الدفاع الروسية نفت وجود قوات خاصة لها في منطقة براني المصرية القريبة من الحدود مع ليبيا.
وقال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إنه طلب من روسيا مساعدة الجيش الليبى فى التدريب العسكرى وإصلاح المعدات العسكرية فى شرقى البلاد، مؤكد أن موسكو وعدت بالمساعدة فى “مكافحة الإرهاب”.
والدور الروسي الداعم لحفتر أظهرته مواقف دولية إما بالتخوف من هذا وإما عبر استمالة روسيا لإقناع حفتر بالدخول في العملية السياسية. وتلك المواقف الدولية ترجمتها تصريحات مسؤولين غربيين بدأها وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون الذي أعلن أن الغرب لا يريد أن “يغرز الدب مخالبه في ليبيا” في إشارة إلى التدخل الروسي في ليبيا .
وفي ذات السياق قال وزير الخارجية الإيطالي إنجيلينو ألفانو إن “الاتفاقيات المحتملة بين حفتر وروسيا، والتقدم الروسي في الساحة الليبية بعد سوريا، يدفعان إلى مزيد من العمل ليكون لنا دور قيادي في المشهد الليبي، حتى من خلال الحوار مع حفتر”
وفي 17 من مايو الجاري، أكد رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتيلوني التزام بلاده مع روسيا من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا خلال تصريحاته عقب لقاء جمعه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في روسيا في محاولة لحث موسكو على لعب دور إيجابي يدعم حكومة الوفاق ويسعى لوقف الاقتتال الذي يضمن تحقيق المصالح الغربية في ليبيا وعلى رأسها المصالح الاقتصادية الإيطالية.
والتساؤل القائم بعد ما وصل إليه حفتر وتوجت مسيرته التي بدأت بانقلاب تلفزيوني بالجلوس كمفاوض رئيسي في أبوظبي مع الرئاسي المدعوم من المجتمع الدولي ، هل سيرضخ الرئاسي لمطالب حفتر أم سيحسم الأخير المعركة على الأرض ويعتلي من بوابة الدعم الإقليمي والروسي عرش طرابلس؟.

التدوينة من يقف وراء حفتر:مشوار الألف ميل يبدأ بقناة العربية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “من يقف وراء حفتر:مشوار الألف ميل يبدأ بقناة العربية”

إرسال تعليق