طرابلس اليوم

الثلاثاء، 24 يوليو 2018

تصريحات السراج لسفراء الدول الكبرى.. من يقصد، وما الدلالات؟

,

أثارت تصريحات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج حول انحياز دولا لبعض أطراف الصراع في ليبيا وتزويدها تلك الأطراف بالسلاح، تساؤلات وعلامات استفاهم عديدة لدى الكثيرين.

وجاءت هذه التصريحات للسراج خلال اجتماعه بسفراء الدول الكبرى الممثلين عن كل من أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين ورئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة وممثلة الاتحاد الأوروبي بليبيا بينيتا موشايدت الأربعاء الماضي في تونس، وعرض خلال هذا الاجتماع مطالب حل الأزمة الليبية.

انحياز ودعم

وقال السراج، إن “هناك دولّا تنحاز لصالح بعض أطراف الصراع في ليبيا، بل وهناك من يزود بعض تلك الأطراف بالسلاح رغم قرارات الحظر”، بحسب ما نشر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.

وأكد السراج، أن الانقسام السياسي لم يكن ليستمر لو وجد المعرقلين للتوافق موقفًا دولياً موحداً حاسماً وحازماً، موضحا أن التدخلات السلبية من دول إقليمية ودولية تمد في عمر الحالة الراهنة، حيث يعتمد المعرقلين على تناقض تلك المواقف، مشدد على أن الموقف الدولي الحازم الموحد هو المطلوب لقطع الطريق على سيناريو التقسيم.

مصر والإمارات

وبحسب ما يرى بعض المراقبين المحليين، فإن السراج يقصد بلا شك دولتي مصر والإمارات التي تقدم دعما علنيا للواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يعرقل بدوره عملية الوفاق في ليبيا مستندا على ذلك الدعم الإقليمي القوي، بينما أضاف أخرين أن السراج يقصد إلى جانب تلك الدولتين دعم فرنسا وروسيا لمعسكر الكرامة، حسب قولهم.

وقد نشرت وسائل إعلام دولية وإقليمية على فترات متفاوتة خلال العامين الماضيين، تقاريرا تكشف عن وجود قاعدة عسكرية إماراتية في شرق ليبيا التي قدمت الدعم العسكري لحفتر في معاركه بمدينتي بنغازي ودرنة، بينما لم تنجو درنة ولا أهلها من قصف الطائرات المصرية على مدار السنوات الثلاثة الماضية.

وأضاف رئيس المجلس الرئاسي قائلا: “إن الصبر بدأ ينفذ تجاه تراخي المجتمع الدولي الذي فقد الكثير من مصداقيته في الشارع الليبي، لتعمده أحياناً كثيرة اتباع سياسة الكيل بمكيالين”، وفق ما ذكر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.

من ناحية أخرى جدد فائز السراج، تأكيده على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن وفي أقرب وقت ممكن، مع التأكيد على ايجاد قاعدة دستورية صحيحة وسريعاً، والتفكير من الآن في حلول خارج الصندوق لإنهاء العرقلة المستمرة والمتزايدة من قبل مجلس النواب، على حد قوله.

استثمار الحضور الأمريكي

وأكد الكاتب الليبي علي أبوزيد، أنه “من الواضح السراج يقصد بهذه تصريحات أمام سفراء الدول الكبرى الأطراف المعرقلة لتنفيذ مخرجات الاتفاق السياسي، والتي يتصدر واجهات مجلس النواب ومن ورائه قيادة عملية الكرامة صاحبة النفوذ في المنطقة الشرقية وأشد المتمسكين بالحكومة المؤقتة”، حسب قوله.

ورأى أبوزيد، أنّ السرّاج يريد استثمار الحضور الأمريكي في المشهد الليبي، لعل واشنطن تستخدم نفوذها مرة أخرى في دفع العملية السياسية بعد ما أثبتت فعاليتها في إعادة تصدير النفط من موانئ الهلال النفطي عقب إعلان اللواء المتقاعد خليفة حفتر إغلاقها.

وأشار أبوزيد، إلى أن رئيس المجلس الرئاسي يدرك جيدا أن الفرصة مواتية لزيادة الضغط على المعرقلين ومن وراءهم من الدول الإقليمية، مؤكدا أنه يريد استثمارها لتليين موقف حفتر خاصة بعد انتهاء العمليات العسكرية وانعدام وجود أي مبرر حقيقي لاستمرار العمليات العسكرية.

تراجع دعم وبدائل أخرى

وتوقع الكاتب الليبي، تراجع الدعم العسكري لعملية الكرامة، وخروج بدائل سياسية عنه لأمرين، أولهما: عدم وجود عمليات قتالية كبيرة على الأرض، وثبوت عدم جدوى العمل العسكري في حسم الصراع، خاصة بعد التراجع في قرار إيقاف النفط في الموانئ النفطية.

وأما ثانيها: فإن الانتخابات بدأت تلوح في الأفق وهذا يستدعي تشكيل جبهة سياسية قادرة على خوض الانتخابات وتكوين قاعدة شعبية، خاصة وأن الثقل الانتخابي الأكبر موجود في الغرب الليبي بعيداً عن مناطق نفوذ حفتر، وفق ما ذكر علي أبوزيد وفق رأيه الذي صرح به لليبيا الخبر.

كما استبعد الناطق باسم الحكومة المؤقتة بالبيضاء سابقا والصحفي عبدالحكيم معتوق، تلبية الدول الكبرى لمطالب فائز السراج وأخذها بعين الاعتبار، ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنه “إلا إذا كان للبيت الأبيض رأي آخر بشأن ذلك”، على حد قوله.

ما دور ويليامز؟

وسبق تصريحات السراج التي أدلى بها أمام سفراء الدول الكبرى والمبعوث الأممي وممثلة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، قرار الأمين العام للأمم المتحدة بتكليف السفيرة الأمريكية السابقة بليبيا ستيفاني ويليامز، نائبةً لرئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للشؤون السياسية.

وقال معتوق، إن تكليف ستيفاني ويليامز جاء بطلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شخصيا، موضحا أن هذا يعني أن الإدارة الأمريكية دخلت على خط الأزمة الليبية بقوة، وأتضح ذلك من خلال الضغط الذي مارسته بشأن قضية الهلال النفطي، وفق تصريحاته لليبيا الخبر.

وأكد معتوق، أن الولايات المتحدة باتت مدركة بأن الصراع الفرنسي – الإيطالي في ليبيا سيأخر فرص إيجاد تسوية نهائية للأزمة الليبية، منوها أن ويليامز ستنجح بكل تأكيد في تحقيق ما تسعى إليه حكومة بلادها، وفي زمن أقصر من الزمن الأوروبي بكثير.

ورأى الصحفي الليبي، أن مجيئ ستيفاني ويليامز وتوليه منصب نائبة رئيس البعثة الأممية للشؤون السياسية لدى ليبيا، أنهى دور رئيس البعثة غسان سلامة السياسي، مضيفا أن ما تريده أمريكا في ليبيا تقره الأمم المتحدة وتنفذه إيطاليا على الأرض، مشيرا إلى أنه لم يبقى لفرنسا سوى القبول بذلك ورسم خط الرجعة حفاظا على ماء الوجه، حسب تعبيره.

وبعد كل ذلك يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه أمام كل الاحتمالات في الأزمة الليبية، وتبقى أسئلة كثيرة مطروحة تبحث عن إجابات، من بينها: هل ستستمر الأمريكية ستيفاني ويليامز على المسار ذاته الذي يسير عليه سلامة، أما أن لواشنطن خطة ومسار آخر لحل الأزمة الليبيةالتي طال أمدها؟.

التدوينة تصريحات السراج لسفراء الدول الكبرى.. من يقصد، وما الدلالات؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “تصريحات السراج لسفراء الدول الكبرى.. من يقصد، وما الدلالات؟”

إرسال تعليق