طرابلس اليوم

الاثنين، 30 يوليو 2018

هل سيربح مصرف ليبيا المركزي معركته مع السوق الموازي؟

,

صقر الجيباني/ خبير اقتصادي ومالي ليبي

عند تعرض الليرة التركية لهبوط حاد أمام الدولار الأمريكي خرج الرئيس التركي رجب أردوغان أثناء حملته الانتخابية أمام حشد من شعبه وقال “من يحتقظ بالدولار واليوروتحت الوسادة يذهب ويستبدله بالليرة التركية لنبطل هذه اللعبة معاً ” .

رغم بساطة هذا الحل للأزمة ومنطقيّته إلا أنه قد يضر بالاقتصاد التركي أكثر مما ينفع ويأتي بنتائج عكسية غير متوقعة. فعندما يأتي هذا الكلام من رأس الدولة قد يقذف الرعب في قلوب رجال الأعمال وكبار التجار وأصحاب المال مما يجعل رؤوس الأموال تهرب بسرعة ويحدث عكس ما هدف إليه أردوغان وتتعقد الأزمة .

 

أردوغان عزا هبوط قيمة عملة بلاده إلى نظرية المؤامرة وتورط أطراف خارجية في إشعال المضاربات التي هوت بقيمة الليرة.

ولكن ماذا عن قيمة الدينار الليبي وسعر الصرف؟ هل تدهوره في السوق الموازي يرجع لأسباب اقتصادية بحتة كتوقف الإيرادات الدولارية بعد غلق الموانئ والحقول النفطية لأكثر من ثلاث سنوات وبالتالي شح النقد الأجنبي في السوق بالسعر الرسمي وبداية عمليات المضاربة في السعر ومن ثم استشراء الفساد وتزوير الإعتمادات لتحقيق الثراء السريع؟ أم أن الأمر كان مجرد مؤامرة من البداية انطلقت من شائعة العدادات وما تلاها لضرب العُملة الوطنية ضمن حرب شاملة لتدمير الاقتصاد الوطني ؟! .

الأسباب الاقتصادية زالت تماماً اليوم فصادرات النفط الليبية تتدفق إلى الدول المستوردة له والإنتاج اليوم يفوق المليون برميل يوميا والأسعار تحسنت بشكل كبير عن عامي 2015 و2016 والتوقعات تتكهن بتحسن وارتفاع أكثر في الأسعار بعد التطورات الأخيرة بمنطقة الخليج وتصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران بعد تهديد الأخيرة بوقف الصادرات النفطية التي تمر عبر مضيق هرمز.

ولكن ماذا عن افتراض نظرية المؤامرة في تهاوي قيمة الدينار الليبي التي يتجاهل أو يتحاشى الكثير من المهتمين بالأزمة الحديث عنها؟ هل سيربح المركزي معركته ضد السوق الموازي معتمداً على ما أُتيح له من ظروف اقتصادية ويطيح به من أول ضربة مثلما حدث في أواخر التسعينيات من القرن الماضي؟ أم إن المعركة ستطول هذه المرة وستأخذ منحى آخر بسبب وجود عوامل أخرى غير اقتصادية ؟!

هناك 36 مليار دينار خارج الجهاز المصرفي بحسب بيانات مصرف ليبيا المركزي وبحسب ما طبعه المصرف الموازي بالبيضاء وهذا المبلغ المأهول بالتأكيد ليس موزعاً بالعدالة بين جميع المواطنين بل هو عند قلة منهم بدليل عند نزول المرتبات بالمصارف (السيولة) تجد تدافعاً كبيراً أمام المصارف وبأعداد كبيرة من المواطنين.

هذه القلة التي أصبحت تحتكر النقد المحلي خارج قنواته الرسمية (المصارف) هي التي ستشتري النقد الأجنبي بعد التعديل وقد تحتكره من جديد وتُدخل المركزي في حرب استنزاف طويلة للدولار إن صح التعبير، وهناك حدود شاسعة مع دول الجوار تعاني هي الأخرى من أزمة سعر صرف العملة وستكون ثُقباً يبتلع ما يقذفه المركزي من دولارات للمواطنين لمحاربة السوق الموازي.

ولا ننسى أن هناك وحش متربص ومتغلغل في مفاصل الدولة وإداراتها العليا والدنيا يلتهم الأخضر واليابس ويقف عائقاً أمام أي برنامج إصلاحي ألا وهو الفساد .

صعوبات جمّة تواجه برنامج تعديل سعر الصرف المرتقب فهو ليس كسابقه في أواخر التسعينيات من توفر لاستقرار سياسي واستقرار أمني يصل لحد الرُّعب لكن يبدو أن الأمر حُسم واقترب موعد التعديل وما علينا إلا الإنتظار وكلنا أمل في أن ينجح هذا البرنامج ويقضي على السوق الموازي وتنخفض الأسعار وتعود الدورة النقدية لطبيعتها لتُحل أزمة السيولة ويرتاح المواطن من هذا العناء والشقاء.

التدوينة هل سيربح مصرف ليبيا المركزي معركته مع السوق الموازي؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “هل سيربح مصرف ليبيا المركزي معركته مع السوق الموازي؟”

إرسال تعليق