طرابلس اليوم

الخميس، 26 يوليو 2018

من طرابلس إلى بنغازي: كيف استقر أنصار السلفية المدخلية في ليبيا؟

,

جهاد جيلون / صحيفة جون أفريك الفرنسية

 

يُعرف عن أتباع السلفية المدخلية أنهم يعلمون جيدا كيف ينشئون تحالفات مع خصومهم من الفصائل المختلفة، وقد أصبحوا اليوم قوة إيديولوجية وأمنية لا يستهان بها في ليبيا.

على امتداد فترة طويلة، تمكن أنصار هذا التيار من تجاوز رادارات المراقبين للوضع الليبي، ليفرضوا أنفسهم اليوم كطرف رئيسي وقوي في البلاد. ويبدو أن ليبيا في الوقت الحاضر قد سيطرت نوعا ما على التهديد الذي يشكله كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، خاصة بعد استعادة المشير خليفة حفتر لمدينة درنة، ولكن لاح في الأفق تيار آخر بدأ يكتسب موطئ قدم له ضمن مختلف الفصائل في ليبيا، وهو “التيار المدخلي” نسبة إلى الشيخ السعودي ربيع المدخلي. وفي السابق، شغل هذا الشيخ، البالغ من العمر 85 سنة، منصب مدير قسم علوم السنة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

يرتكز هذا التوجه السلفي تحديدا على مبدأ “طاعة الحاكم” مهما كان. كما يُعرف عن المداخلة عدم تدخلهم في السياسة، بالإضافة إلى أنهم يضمرون العداوة لباقي حركات الإسلام السياسي، على غرار الإخوان المسلمين. وقد نبع من هذا التوجه الجهاد الثوري، الذي ينتهجه تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، اللذين يمكن اعتبارهما متشابهين على الصعيد الإيديولوجي.

 

يد الرياض

لقد هيأ حلفاء المشير حفتر، مصر والإمارات ومن خلف الكواليس السعودية، للمدخليين الأرضية الملائمة. وخلال سنة 2016، أصدر ربيع المدخلي فتوى شجع فيها أتباعه على الالتحاق بصفوف خليفة حفتر. وقد انتشر أتباع تياره في خطوط الهجوم الأمامية في مدينة درنة، وضمن فيلق “التوحيد” المتمركز في بنغازي. كما انضم بعض المدخليين إلى جيش التحرير الوطني الليبي، على غرار القيادي أشرف الميار الحاسى. وقد وُجهت للمدخليين تهم بتلقي تمويلات من السعودية، كما أن تمويلاتهم قائمة على شبكات هامة من المساجد والمدارس القرآنية في البلاد، بالإضافة إلى أنهم ينشرون أفكارهم دون أن يثيروا حولهم ردود أفعال.

أفاد مسؤول رسمي في مدينة مصراتة بأن “هؤلاء لا ينتمون للمجتمع الليبي في حد ذاته، وكل ما هو غريب عن مجتمعنا لن يتمكن من الصمود والمكوث طويلا بيننا”. ولكن عدم اهتمامهم الواضح بالسلطة وابتعادهم عن شبهات الفساد، يجعلهم محبوبين في ليبيا.

في طرابلس، بدأت ميليشيا “الردع الخاصة”، التي تضم قرابة 500 عنصر، تفتك مكانها باعتبارها قوة تتكفل بحماية النظام العام في المدينة، وملاحقة مهربي المخدرات ومستهلكي الكحول وكل من يخالف الرؤية المتحجرة التي ينظرون بها للإسلام. 

في المركز الساحلي، ترتكز ميليشيا المدخليين، التي تضم الفيلق 604، التي تحالفت مع ميليشيا مصراتة لطرد تنظيم الدولة من مدينة سرت بين شهري أيار/ مايو وتشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2016. وتفرض هذه الميليشيا اليوم سيطرتها على جملة من المواقع في الإقليم مع الاستعانة بعناصر من قبيلة الفرجان.

معارضة قيام ثورة ضد القذافي

ليس لهذه الجماعة السلفية، المقربة من السعودية، تاريخ متجذر في ليبيا. فقبل سقوط النظام السابق، استعان القذافي بالتجمعات المحلية لهذه الجماعات لاستخدامها كإيديولوجيا تناقض إيديولوجيات “الزعيم السابق”. وخلال التسعينيات، دعا القذافي شيوخ السعودية من أجل إعانته على مواجهة التأثير المتنامي للإخوان المسلمين. وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2011، دعا ربيع المدخلي شخصيا الليبيين إلى عدم الانتفاض ضد القذافي مستدلا بضرورة تجنب الوقوع في “الفتنة”.

دون إثارة أية ضجة، نجح المدخليون في التغلغل في مختلف الأحزاب التي تشكل المشهد السياسي المضطرب في ليبيا إلى درجة اكتساب نفوذٍ، بات يثير قلق الفاعلين الإقليميين والدوليين. وعلى الرغم من انخراطهم في القتال ضد الجماعات الجهادية، إلا أن ذلك لا يخفي حقيقة امتعاضهم من الديمقراطية، التي يعتبرونها بمثابة استبدال سيادة الله بسيادة الشعب.

في تقرير حول الشأن الليبي، كشفت منظمة العفو الدولية أن ميليشيا المدخليين “قد أحرقت كتبا وخطفت طلبة من بين أعضاء منظمات جامعية أحيت يوم الأرض في جامعة بنغازي”. وخلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، قاموا بإغلاق مهرجان للقصص المصورة في طرابلس، واتهموا المنظمين “باستغلال ضعف الإيمان والفتنة من أجل نشر ثقافات أجنبية”.

يستعين أتباع هذا التيار بقرابة ست إذاعات وطنية تروج لنظريتهم، حيث يسعون لنشر رؤيتهم المتحجرة عن الدين في ليبيا. وفي طرابلس، قاموا بتهديد السلطات القديمة الممثلة للإسلام في ليبيا، على غرار المفتي صادق الغرياني، الذي عرف بعدائه الشديد للقذافي قبل مقتله، مع العلم أن اسم المفتي صادق الغرياني قد ذُكر على لائحة السعودية المتعلقة بالشخصيات التي لها علاقة بالإرهاب الذي تموله قطر.

التدوينة من طرابلس إلى بنغازي: كيف استقر أنصار السلفية المدخلية في ليبيا؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “من طرابلس إلى بنغازي: كيف استقر أنصار السلفية المدخلية في ليبيا؟”

إرسال تعليق