طرابلس اليوم

الأربعاء، 1 أغسطس 2018

حالات إعادة المهاجرين إلى ليبيا بشكل غير قانوني: المثال الإيطالي الذي يصفق له ترامب

,

صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية/ الكاتبة: إيرين سافيو

قامت سفينة إيطالية بإعادة مئات من المهاجرين إلى ليبيا يوم الإثنين الماضي، بعد إنقاذهم في البحر الأبيض المتوسط، وهو ما مثل انتهاكا جديدا للقانون الدولي.

عملية الإعادة الجماعية، التي تكفلت بها شركة النقل الإيطالية “أوغوستا” انطلاقا من سواحل مدينة نابولي، هي الأولى من نوعها منذ تشكيل الحكومة الجديدة في إيطاليا، وقد اعتبرت المنظمات الحقوقية وخبراء القانون أن هذه العملية هي انتهاك صارخ للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.

كما يعتبر هؤلاء أن المهاجرين، الذين أنقذتهم السفينة قبالة السواحل الإيطالية، تم منعهم من ممارسة حقهم في طلب اللجوء السياسي وإعادتهم إلى بلد يغرق في الفوضى السياسية والصراعات الدموية، ولم توقع السلطات الحاكمة فيه على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وقد قوبلت هذه الاتهامات بالرفض من قبل الحكومة الإيطالية التي تقودها حاليا رابطة الشمال وحركة الخمس نجوم المعروفتان بعدائهما للأجانب، فيما اعتبرت الحكومة أن الدافع وراء هذا القرار هو أن تنسيق عملية الإنقاذ لم تشرف عليها الدولة الإيطالية.

تدور هذه القضية المعقدة التي كشفت مرة أخرى سياسة التلاعب وعدم تحمل المسؤولية التي تنتهجها الحكومة الإيطالية أمام التزاماتها الدولية فيما يخص الهجرة، حول قضية سفينة “أسو 28” التي تعود ملكيتها لشركة “مليتة” للنفط والغاز، المملوكة من قبل مؤسسة إيني الإيطالية للنفط ومؤسسة النفط الوطنية في ليبيا.

لقد كانت هذه السفينة في المياه المحاذية لمنصة استخراج النفط التابعة للشركة، في مساء يوم الاثنين، عندما أنقذت المهاجرين الذين قامت السفينة “أسو 28” بنقلهم إلى ميناء طرابلس في ليبيا بحسب تصريحات طاقم السفينة ومالكيها وبعض المنظمات الحقوقية.

قبل شهر واحد، وبالتحديد في الثاني من تموز/ يوليو الماضي، كانت ناتاشا بارتو، المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الداخلية، قد استبعدت القيام بخطوات من هذا النوع، في التعامل مع المهاجرين القادمين من أفريقيا، حيث قالت حرفيا: “لن تتم أبدا إعادة المهاجرين إلى ليبيا من السفن الأوروبية. لقد استبعدنا هذه الفرضية بشكل واضح لأنها تتعارض تماما مع قيمنا ومع القانون الدولي”. ويذكر أن إيطاليا كانت قد تعرضت لموجة من الانتقادات خلال سنة 2012، نظرا لأنها أقدمت على هذا الفعل ضد المهاجرين.

خلال تلك السنة، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تصرف السلطات في روما، واعتبرت أنها انتهكت مبادئ حقوق الإنسان، وذلك من خلال رفض قبول المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة الذين قدموا من البحر (عرفت هذه القضية باسم “هيرسي جاما وآخرين ضد الحكومة الإيطالية”).

وكان السبب وراء قرار المحكمة هو اعتبارها بأن الحكومة الإيطالية من خلال إعادتها لهؤلاء الأشخاص إلى ليبيا، تكون قد خالفت عددا من الفصول في المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية (الموقعة سنة 1950)، من بينها الفصل الثالث المتعلق بمنع التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، فضلا عن الفصل الرابع من البروتوكول رقم أربعة، المتعلق بمنع الطرد الجماعي للأجانب.

موقف وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني

استند هذا الحكم القضائي، إلى أن المدعين أو المتضررين في هذه القضية كانوا داخل مجال سيادة الدولة الإيطالية، وهو أمر اعترضت عليه الحكومة في روما، حيث ركزت في دفاعها على أن الدولة الإيطالية لم تكن طرفا في عملية إنقاذ المهاجرين وإعادتهم. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم خفر السواحل الإيطاليين: “لقد تمت عملية الإنقاذ بتنسيق بين حرس السواحل الليبي الذي أدار العملية برمتها. أما نحن، فلم نشارك في التنسيق أو التنفيذ في هذه العملية، مثلما ادعت بعض المنظمات الأجنبية”، وماتيو سالفيني، وزير الداخلية المثير للجدل والمنتمي لحركة رابطة الشمال المعادية للأجانب.

كان هذا الهجوم المضاد من ماتيو سالفيني، موجها مباشرة للمنظمة غير الحكومية “برو أكتيفا أوبن آرمز”، والطاقم الذي كان موجودا على متن السفينة، الذي كان قد ذكر في وقت سابق أن هناك تسجيلات راديو الاتصالات مع السفينة “أسو 28″، تثبت تلقّي الطاقم لتعليمات من الشركة الإيطالية إيني.

وقد ذكر نيكولا فرانتواني، عضو البرلمان الإيطالي عن حزب الحرية اليساري، أن “بعض أعضاء طاقم السفينة “أسو 28″ أكدوا له هذا الأمر، إلى جانب وجود دليل آخر على مسؤولية السلطات الإيطالية يتمثل في حمل السفينة للعلم الإيطالي”. علاوة على ذلك، شارك هذا النائب بنفسه خلال هذه الفترة في عمليات إنقاذ في البحر الأبيض المتوسط تشرف عليها منظمة إغاثة إسبانية.

في حوار أجراه معنا عبر الهاتف، قال فرانتواني: “بسبب تلك الخطوة التي أقدمت عليها السلطة الإيطالية، شرعت أنا والحزب الذي أنتمي إليه في دراسة إمكانية رفع شكوى رسمية، إذ أن الفصل 94 من المعاهدة الدولية لقانون البحار الموقعة خلال سنة 1982 في الأمم المتحدة، ينص على أن كل دولة تمارس بشكل فعلي سلطتها وسيطرتها على كل القضايا الإدارية والتقنية والاجتماعية التي تحدث على متن السفن التي تحمل علمها”.

من جهتها، عبّرت منظمة الأمم المتحدة عن شكوكها حول ما إذا كان مدى قانونية، وقد لوحت يوم الثلاثاء بإمكانية فتح تحقيق رسمي في قضية السفينة “أسو 28″، وهو ما يمكن أن يعرض إيطاليا للعقوبات، حيث قال رئيس المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة: “إننا بصدد جمع كل المعلومات اللازمة حول قضية السفينة الإيطالية “أسو 28″، ولا تعد ليبيا ملاذا آمنا بالنسبة لنا”.

وأضاف رئيس المفوضية قائلا: “بالإضافة إلى أن القانون البحري الدولي ينص على أنه بعد القيام بعملية إنقاذ، تكون الدولة هي المسؤولة عن السفينة ويجب أن تنقل أولئك الذين تم إنقاذهم إلى البر دون تعريض حياتهم وسلامتهم للخطر”.

هذه النقطة، كانت قد أوضحتها يوم أمس ناتاشا بارتو، التي قالت إن الملاذ الآمن بحسب القانون الدولي هو المكان الذي يمكن أن تنفذ فيه عمليات الإنقاذ، وتكون فيه أرواح الأشخاص الذين تم إنقاذهم غير مهددة، وتتوفر فيه جل احتياجاتهم على غرار الرعاية الصحية والمأوى والطعام والحماية، فضلا عن نقلهم نحو وجهتهم النهائية”.

وفي نفس السياق، قال جيان فرانكو سكيافوني، نائب رئيس الرابطة الإيطالية للدراسات القانونية حول الهجرة إن: “قيام السلطات الإيطالية بإعادة المهاجرين إلى ليبيا، هو تكرار لقضية هيرسي خلال سنة 2012، وهناك مسؤولية تقع على عاتق الدولة الإيطالية”.

ترامب سعيد بهذا الفعل

في المقابل، اعتبر المحامي الخبير في قضايا حقوق الإنسان، فولفيو فاسالو، أن هذه القضية تقع في منطقة رمادية لا يضبطها القانون بشكل واضح. كما أشار هذا المحامي إلى أن منطقة البحث والإنقاذ في البحر التي أعلنتها السلطات الليبية مؤخرا لا توجد فيها أية ضمانات قانونية بسبب غياب الاستقرار السياسي في ليبيا، وهو ما يعرقل الإشراف على هذه المنطقة بشكل مناسب.

وقد ترافق هذا الجدل في ضفتي البحر الأبيض المتوسط مع اللقاء الثالث بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي. وقد استغل ترامب هذا اللقاء للتعبير عن إعجابه بما أقدمت عليه السلطات الإيطالية في ملف الهجرة. وفي هذا الصدد، قال ترامب أثناء استقباله لكونتي في البيت الأبيض يوم الإثنين: “أنا أتفق تماما مع ما يفعله الإيطاليون فيما يتعلق بالهجرة الشرعية غير الشرعية”.

وفي نفس الخطاب، أكد الرئيس الأمريكي أن الحكومة الإيطالية اتخذت موقفا حازما لفرض القانون، وهو أمر يجب على الكثير من الدول الأوروبية الأخرى النسج على منواله. من جهته، قال كونتي إن “حكومتنا وإدارة ترامب كلاهما حكومتا تغيير انتخبهما المواطنون الذين يريدون تحسين عيشهم”. وقد تمحور اللقاء بين الطرفين حول دور إيطاليا في ليبيا، التي تمثل مستعمرة إيطالية سابقة لا تزال تربطها بها مصالح اقتصادية ضخمة يدور فيها حاليا صراع دبلوماسي بين روما وباريس.

يأتي هذا المديح المتبادل بين الطرفين الإيطالي والأمريكي، بعد وقت قصير من الزيارات الأخيرة للمستشار السابق لترامب، ستيف بانون، إلى إيطاليا. وتجدر الإشارة إلى أن بانون الذي زار هذا البلد الأوروبي خلال عدة مناسبات خلال هذه السنة للقاء عدد من الجماعات التي تتمتع بنفوذ في البلاد، لديه صديق مقرب يتعاون معه في روما، وهو توماس وليامس الذي التقى سرا بسالفيني، بحسب تسريبات الصحافة الإيطالية.

وفي حوار صحفي أجراه بانون في آذار/مارس الماضي، بعيد الانتخابات الإيطالية، صرح بانون قائلا: “أنا مقتنع بأن حركة الخمس نجوم ورابطة الشمال ستتحالفان لتشكيل حكومة. والآن، سيضطر الاتحاد الأوروبي لتحقيق التوافق مع إيطاليا”.

التدوينة حالات إعادة المهاجرين إلى ليبيا بشكل غير قانوني: المثال الإيطالي الذي يصفق له ترامب ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “حالات إعادة المهاجرين إلى ليبيا بشكل غير قانوني: المثال الإيطالي الذي يصفق له ترامب”

إرسال تعليق