طرابلس اليوم

الجمعة، 3 أغسطس 2018

عبد الحميد الدبيبة: “نحن نحتاج لوضع دستور للبلاد، حتى يتم تنظيم انتخابات حقيقية في ليبيا”

,

جهاد جيلون/ مجلة جون أفريك الفرنسية

انخرط المهندس عبد الحميد الدبيبة، أصيل مدينة مصراتة والبالغ من العمر 59 سنة، في السباق السياسي الليبي، بدافع تجسيد بديل لكل من خليفة حفتر وفايز السراج.

جون أفريك: سيد عبد الحميد الدبيبة، قمت مؤخرًا بتكوين حركة المستقبل في ليبيا، انطلاقا من مصراتة. فما هي دوافعك للقيام بذلك؟ 

عبد الحميد الدبيبة: لقد كان الهدف من تكوين هذه الحركة تقديم بديل آخر، وحتى نكون في خدمة الشعب، الذي يضم فئات “منسية” وعمالا وشبابا همشهم التقتيل والحرب. فحوالي 46 بالمائة من الليبيين لا يتجاوز 26 سنة، لذلك يجب توفير فرص العمل والمدارس والمساكن لهذه الفئة الفتية، حتى يتمكنوا من بناء حياتهم الأسرية. وعلى الرغم من مساعدتهم على تغيير ليبيا، إلا أنهم يشعرون بالعجز اليوم، ومن واجبنا تحقيق انتظاراتهم وتوقعاتهم. وفي ظل تدهور الوضع في ليبيا، لم يعد من الممكن الاكتفاء بالمشاهدة.

بعد سقوط نظام القذافي، عاد السياسيون الذين كانوا في المنفى إلى البلاد، حتى يشاركوا في انتقال الدولة إلى مرحلة ما بعد الثورة، ويعيدوا الاستقرار إلى البلاد. ولكن في الواقع، ليس لديهم ما يقدموه لنا. فنحن نعرف ليبيا جيدا، ونعرف كيفية التعامل مع مشاكلنا التي نعيشها يوميا، على غرار تزويد الأهالي بالكهرباء أو جمع القمامة، فضلا عن قضايا البناء والبنية التحتية. وينتظر الليبيون أن تستعيد الدولة إشرافها على قطاع الخدمات، الأمر الذي لا يستطيع السراج وحكومته التكفل به. هذا البلد وطني، هنا أعيش وهنا أريد تربية أولادي، كما أريد أن أشارك بني وطني ما يمرون به من معاناة. ليس لدي خيار سوى الانخراط في الحياة السياسية ومنحهم حياة طبيعية.

“يجب توحيد الليبيين من شرق البلاد إلى غربها وجنوبها، من أجل توفير شروط عمل مشترك”

 

كيف تخطط للقيام بذلك؟

لقد شاركت بالفعل في بناء ليبيا خلال الفترة الممتدة بين سنة 2007 و2011، حين ترأست الشركة الليبية للتنمية والاستثمار، أكبر شركة بناء في البلاد. وفي مصراتة، نحن نمتلك كفاءة عالية في مجال البناء، نريد أن نضعها في خدمة ليبيا الغد. وفي مرحلة أولى، نحن نحتاج إلى توحيد صفوف الليبيين من شرق البلاد إلى غربها وجنوبها، من أجل توفير الظروف الملائمة للعمل المشترك. يمكن للنظام القبلي أن يساعد على حل بعض المشاكل المطروحة والعملية للغاية، ولكن لا يمكن حكم دولة بأسرها بهذه الطريقة. ووحدهما الديمقراطية والدستور قادران على بناء دولة مستقرة.

لقد ضحى العديد من الليبيين بحياتهم دفاعا عن حقوقهم وحرياتهم. ومن المؤكد أن الديمقراطية الليبية لن تكون، في بدايتها، شبيهة بالديمقراطيات الفرنسية أو الأمريكية. لكن طموحنا يتمثل في إقناع الليبيين بالبقاء في بلادهم، كما نرغب أيضا في تقديم براهين ملموسة لأولئك الذين غادروا تراب الوطن، ليعودوا من أجل المشاركة في عملية إعادة إعمار البلاد.

 

“خارطة الطريق المقترحة من قبل غسان سلامة واضحة الملامح، وأدعو الجميع إلى اتباعها بشكل منهجي”

 

هل يمكن إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وضع الدستور؟

سأكون شديد الوضوح حيال هذا الموضوع؛ من المستحيل اختيار رئيس في الوقت الحالي فنحن نحتاج إلى وضع الدستور أولا حتى نتمكن من إجراء انتخابات حقيقية. وعلى الرغم من أن وجود نص دستور يمكن أن يُشكل أساسا تشريعيا جيدا، إلا أنه منقوص ومحل العديد من الانتقادات. إن خارطة الطريق المقترحة من قبل غسان سلامة واضحة الملامح، وأنا أدعو لاتباعها بشكل منهجي، حتى وإن كان هذا الأمر يقتضي تأجيل موعد الانتخابات. ويجب على الحكومة الفرنسية دعم هذه الخطة واحترام مراحلها. ونحن نقدر دور الرئيس ماكرون، لكن علينا توفير بعض الوسائل لفرنسا حتى تتعامل مع الوضع الليبي بطريقة أكثر فعالية.

هل أدت زيارة لودريان الأخيرة إلى ليبيا إلى تغيير معطيات الملف الليبي؟

كانت هذه الزيارة خطوة جيدة من الطرف الفرنسي، لكنها كانت زيارة مجاملة أساسا. فقد تنقل الوزير بين أربع مدن في يوم واحد، لذلك لم يكن لديه الوقت الكافي للجلوس والمشاركة في مناقشات مطولة.

“في حال أراد سيف الإسلام المشاركة في الحياة السياسية، فهل يجب عليه أولا تبرئة نفسه؟”

 

تدعم فرنسا حكومة الوفاق الوطني رسميا وتعمل في الآن ذاته مع حفتر…

نأمل في أن تلعب فرنسا دورًا أكثر شمولية، إذ يحتاج جميع الليبيين إلى فرنسا وليس لرجال حفتر فقط. أما بالنسبة للمارشال حفتر، فإذا كان يعتقد أنه الشخص المناسب لرئاسة الليبيين، فما عليه سوى إثبات ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن محاولته نقل إدارة المنشآت النفطية إلى شركات شرق البلاد (في نهاية شهر حزيران/ يونيو)، التي تم إجهاضها بفضل الضغوط الدولية، لم تكن لصالح الليبيين. وأنا أرى أنه يجب على حفتر التركيز على إعادة تنظيم الجيش الليبي، ونحن ندعمه في هذه النقطة، فهو عسكري بالأساس. أما فيما يتعلق بالقضايا النفطية والحكومية، فهي ليست من صلاحياته. ويجب عليه أن يكون في خدمة جميع المواطنين الليبيين.

لم يعد إذا بإمكان أبناء القذافي لعب دور سياسي في ليبيا؟

لا يجب أن ننسى أن سيف الإسلام وإخوته ليبيون، ولا يُمكننا إقصاؤهم. علاوة على ذلك، تُعد قبيلة القذافي من بين أكثر القبائل احتراما في ليبيا. وفي حال أراد سيف الإسلام الترشح لمنصب الرئاسة، فهذا من حقه. لكن يجب أن يتقدم إلى الانتخابات كمواطن ليبي، ذلك أنه إذا قدم نفسه على أنه وريث نظام والده، الذي سبب الكثير من المعاناة للشعب، فلن يتمكن من الفوز أبدا. وعلى إثر ذلك، عليه أن يخضع للمحاكمة. وفي حال أراد المشاركة في الحياة السياسية، فيتوجب عليه أولاً تبرئة نفسه.

 

“بدل استغلالها لتوفير الأسلحة العسكرية، على أولئك الذين يمتلكون الأموال إنفاقها في دعم مشاريعنا الموجهة للبنية التحتية، ومستشفياتنا فضلا عن طرقاتنا، وما إلى ذلك”.

ما هي رسالتك التي تُوجهها للعديد من الفاعلين العرب المشاركين في القضية الليبية؟

نحن نريد تكوين علاقات طيبة مع الجميع، ولا نرغب لا في احتلال أجنبي ولا التدخل في شؤوننا الداخلية. نحن نأمل في أن يكون لنا شركاء اقتصاديون يُساهمون في تطوير بلدنا، خاصة أن ليبيا تمتلك امتيازات حقيقية لاستقطاب المستثمرين. وبدل استغلالها لتوفير الأسلحة العسكرية، على أولئك الذين يمتلكون الأموال إنفاقها في دعم المشاريع الموجهة للبنية التحتية والمستشفياتوالطرقات، لأن كل هذه المشاريع تمثل استثمارات مضمونة. وفي الواقع، نحن نحتاج إلى الكفاءات أكثر من المال.

إننا لا نتوسل المساعدة من أحد، لأن ليبيا ليست دولة فقيرة، بل تمتلك موارد ضخمة يمكن أن تساعدنا على حل معظم مشاكلنا، علما وأن هذه الثروات تسبب لنا الكثير من المتاعب، لأن الجهات الخارجية الفاعلة تحاول التلاعب بها خدمة لمصالحها…

تشغل قضية الهجرة جيران ليبيا وأوروبا. فما الحل الذي تُقدمه لهذه المسألة؟

نحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى إعادة بناء دولة ليبية فاعلة، لمساعدة تونس ومصر وتشاد والنيجر؛ فنحن نمتلك الوسائل التي تسمح لنا بالاستثمار في اقتصادات هذه البلدان. ويمكن وقف تدفق المهاجرين إلى ليبيا عن طريق تمكينهم من العمل داخل أوطانهم. وسيكون ذلك أفضل من رؤيتهم يأتون إلى ليبيا ليفقدوا حياتهم في البحر الأبيض المتوسط أو في الصحراء، أو لينتهي بهم المطاف داخل سوق للعبيد. لا يمكننا رميهم في البحر ولا عدم الاهتمام بمصيرهم أو التخلي عنهم ليموتوا جوعا. لا يمكن أن يتوقف تدفق المهاجرين في ظل تواجد قوات حرس حدود بحرية كتلك التي تمتلكها إيطاليا، لأنها لن تتمكن من حل أي مشكلة. ونحن نرغب في التعاون مع أوروبا حتى يتم وضع حد لهذه المأساة الإنسانية.

علاقاته مع عائلة القذافي

هل من الممكن أن يترأس شخص أكبر شركة في ليبيا للتنمية والاستثمار دون التعامل مع عائلة القذافي بأي شكل من الأشكال؟ من المؤكد أن هذا الأمر غير ممكن. ولا ينكر عبد الحميد الدبيبة أنه تعاون مع سيف الإسلام بعد تخرجه من كندا، حيث قال “لقد ظهرت على الساحة العامة سنة 2007، حين كان سيف الإسلام يعمل على تطوير برنامج “ليبيا الغد”. وقد اشتمل هذا المشروع في مجمله (99 بالمائة من النقاط التي شملها) على مشاريع تنموية، وخطط بناء البنية التحتية وتعزيز التعليم. وكنت ناشطا جدا في هذا المشروع، هذا صحيح، وأنا فخور بذلك”.

كما أفاد الدبيبة “إن هذا البرنامج هو النقطة الوحيدة التي تربطني بالنظام السابق”، مؤكدا أنه لا يعرف معمر القذافي شخصياً “على الرغم من أنني التقيت به فعلا”. وحين سُئل عن ابن عمه علي الدبيبة، المقرب من  “الزعيم” الليبي السابق، أجاب عبد الحميد أن “عائلة الدبيبة متفرعة، وأنا مسؤول فقط عن شخصي”.

التدوينة عبد الحميد الدبيبة: “نحن نحتاج لوضع دستور للبلاد، حتى يتم تنظيم انتخابات حقيقية في ليبيا” ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “عبد الحميد الدبيبة: “نحن نحتاج لوضع دستور للبلاد، حتى يتم تنظيم انتخابات حقيقية في ليبيا””

إرسال تعليق