طرابلس اليوم

الثلاثاء، 17 يوليو 2018

المبعوث الأممي إلى ليبيا يحث مجلس الأمن للضغط على البرلمان للاضطلاع بمسؤوليته

,

حث الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها لدى ليبيا غسان سلامة، الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي بالضغط على مجلس النواب للاضطلاع بمسؤوليته التاريخية وتحقيق هذا الهدف في التوقيت المناسب.

ناشد سلامة، خلال تقديم إحاطته حول ليبيا لمجلس الأمن اليوم الإثنين، أعضاء مجلس النواب بأن يعوا أن الشعب الليبي يطالب بإجراء الانتخابات، وبأنهم قد ضاقوا ذرعاً بكل من يحاول التسويف بشتى الطرق لتأجيل هذه اللحظة.

إطار دستوري

وقال سلامة: “قد التقيت مؤخراً رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الذي تعهد بإجراء التصويت على القانون الخاص بالاستفتاء على الدستور خلال الأسبوعين المقبلين والتصويت بعد ذلك على قانون الانتخابات”، معربا عن أمله بأن يكون صالح صادقاً بالإيفاء بهذا الوعد.

وأكد سلامة، على ضرورة وجود إطار دستوري للوصول إلى الانتخابات وإنهاء هذه المرحلة الانتقالية، منوها إلى أنه قد أجرى مشاورات موسعة بشأن كيفية وضع دستور جديد للبلاد وتوقيته، وأنه التقى بالعديد من كبار القضاة الليبيين والخبراء في مجال الدستور من الخارج، وكذلك مع مواطنين ليبيين، مؤكدا أن الخبراء والمواطنون قد أجمعوا على أن وضع إطار دستوري واضح يعد أولوية وطنية، رغم وجود اختلاف بشأن كيفية العمل بهذا الاتجاه.

وطالب سلامة، المجتمع الدولي بالتحلي بالوحدة لمساندة الرؤية الليبية لإنهاء الانقسام الحالي، قائلا إن “أي دولة تخرج عن هذا الاتجاه ستسهم في تعقيد الأزمة، وأن هذه العملية ستدور في حلقة مفرغة”، واصفا الأزمة في ليبيا أن “المسألة معقدة وخياراتها ليست سهلة وحلولها غير ميسرة”.

وجدد المبعوث الأممي، تأكيده على أن الليبيين متلهفين إلى التخلص من الفوضى التي لازمت مؤسساتهم، مشيرا إلى أنه من خلال المشاورات التي أجريت في إطار المؤتمر الوطني الجامع تبين أن الشعب الليبي يريد قيادة واضحة وفاعلة من خلال مؤسسات شرعية يتم تشكيلها عبر عملية انتخابية، مخاطبا قيادات ليبيا بالقول: “إن الوقت قد حان لإعادة زمام الأمور إلى المواطنين”.

أشخاص يعطلون الانتخابات

وتحدث سلامة عن وجود أشخاص مستفيدة من الوضع الراهن وتعطل سير الانتخابات، قائلا: “هناك قلة قليلة من الناس تريد أن تسيّر الرياح عكس ما تشتهي السفن، وأن هذه القلة المستفيدة من الوضع الراهن، والتي إذا تُرك لها الحبل على الغارب، لن تدخر جهداً لتعطيل سير الانتخابات، وللأسف هم قادرون على فعل الكثير خصوصاً وأنهم يتقلدون مناصب رسمية حيوية غالباً ما تدر عليهم أرباحاً طائلة”.

وشدد المبعوث الخاص للأمين العام إلى ليبيا، على ضرورة تهيئة الظروف المناسبة للانتخابات بإرسال رسائل واضحة وقوية لكل من تسول له نفسه بتعطيل الانتخابات أو يعمل على إفشالها، مؤكدا على أنه لن يكون قرار إجراء الانتخابات صائباً ما لم تتهيأ الظروف المناسبة.

وحث غسان سلامة، رؤساء المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والأعلى للدولة وقائد جيش عملية الكرامة بالالتزام بما اتفقوا عليه في لقاء باريس الذي عقد في 29 مايو الماضي، على تيسير إجراء الانتخابات بحلول نهاية العام الحالي، مؤكدا أن هذا يتفق مع الموعد النهائي مع خطة العمل الأممية، داعيا الأطراف الأخرى إلى الالتحاق بالركب، موضحا أن الموعد النهائي الذي اتفق عليه لإصدار التشريعات اللازمة للانتخابات “بات وشيكاً”، حسب تعبيره.

وأشاد سلامة، باستئناف جلسات مجلس النواب تحت قبة المجلس بشأن القانون اللازم لتنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور، لافتا في الوقت ذاته إلى أن ذلك ليس كافياً، قائلا: “أصبح من الواضح أن العديد من أعضاء مجلس النواب ممن انتهت ولايتهم البالغة أربع سنوات في الشهر الماضي، لم يظهروا أي حماس للحضور ولا للمصادقة على قانون رصين لتنظيم الانتخابات”.

وأشار سلامة، إلى أن الاستعدادات الفنية جارية على قدم وساق لإجراء الاستحقاق الانتخابي في أواخر العام الحالي، موضحا أنه يجري تحضير المكاتب وإعداد الخطط، ويجري العمل أيضاً على التدابير الأمنية المتعلقة بتأمين الانتخابات بما في ذلك من خلال استحداث الوحدة المعنية بهذه المسائل في وزارة الداخلية، معبرا عن سعادته بشأن مصادقة حكومة الوفاق الوطني على صرف مبلغ وقدره 66 مليون دينار لتمويل الانتخابات.

انتهاكات وإفلات من العقاب

وأوضح رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في سياق إحاطته لأعضاء مجلس الأمن، أن ظاهرة الإفلات من العقاب لا تزال سائدة في ليبيا، رغم قرار مجلس الأمن بفرض عقوبات على ستة من زعماء شبكات الاتجار بالبشر، التي وصفها بـ”خطوة إيجابية نحو إحقاق مبدأ المساءلة على الاستغلال وانتهاكات حقوق الإنسان”.

وأكد غسان سلامة، أن المدنيين لايزالون يعيشون تحت وطأة تصعيد الاقتتال وأعمال العنفـ كما حدث في الشهرين المنصرمين في مدينة درنة وغيرها من المناطق الليبية، وأنه لا تزال هناك المزيد من المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان، والإعدامات بإجراءات موجزة والاعتقال خارج إطار القانون.

وكرر سلامة، دعوته إلى جميع أطراف النزاع لاحترام القانون الإنساني الدولي احتراماً كاملاً، واتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين، وضمان تقديم الإسعافات الطبية اللازمة للجرحى والمرضى سواء كانوا من المدنيين أم المشاركين في الأعمال العدائية من خلال الإجلاء الطبي، على حد قوله.

تاورغاء وأوضاع النازحون

أما بالنسبة لمدينة تاورغاء، فقد لافت سلامة إلى أنه لم يتمكن من العودة إليها سوى عدد قليل من الأهالي نظراً لعدم قلة الظروف الكفيلة بالعودة الكريمة والآمنة بسبب الافتقار إلى البنى التحتية الأساسية والخدمات، منوها إلى أنه جرى السماح لفرق إزالة الألغام بمباشرة عملهم اعتباراً من بداية الشهر الجاري.

وعن أوضاع النازحين داخلياً في الوقت الحالي، أوضح سلامة أنها غير قابلة للاستدامة سواء من الناحية السياسية أو المادية، نظراً لشحة الموارد المتوفرة اللازمة لدعمهم، مطالبا بمنحهم الحق في الاندماج في المجتمعات المضيفة، وبذل المساعي لعودتهم إلى ديارهم.

وأضاف سلامة، أن ليبيا بحاجة ماسة لتغيير التراجع الذي شهده تقديم الخدمات، وفي هذا الصدد أكد أن الأمم المتحدة تعمل مع السلطات الليبية، ولا سيما مع البلديات في عموم البلاد لمعالجة هذه التحديات، مبينا أن مهمتهم ستكون شاقة ما لم يتم إيجاد حل للمشاكل الاقتصادية التي تقف وراء ذلك.

البلاد في تراجع

وتابع المبعوث الأممي إلى ليبيا إحاطته لمجلس الأمن الدولي، مؤكدا أنه لا يزال وضع حقوق الإنسان والاحتياجات الإنسانية للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء بليبيا في أسوأ حالاته، رغم من بعض التحسينات التي أجريت على مراكز الإيواء الرسمية، مشيرا إلى أن هناك العديد من المرافق غير الرسمية لا يمكنهم الوصول إليها.

ووصل حديثه عن الأوضاع الراهنة في ليبيا قائلا: “لا يمكن استمرار الوضع الراهن في ليبيا، فالبلاد في الواقع آخذة في التراجع، وإذ أتاحت لنا الأزمة في الهلال النفطي لمحة عما تخبئه لنا الأيام ما لم يتم إحراز تقدم ملموس الآن”، لافتا إلى الانهيار الاقتصادي وتدهور الخدمات العامة واندلاع أعمال عنف بتواتر أكبر وعنف متزايد، على حد قوله.

وشدد غسان سلامة، على ضرورة الدعم الموحد من مجلس الأمن والدول الأعضاء المعنية بليبيا ومنظماته الإقليمية لتفادي تفاقم الأزمات ودعم الشعب الليبي لرسم مسارٍ للمستقبل الذي يستحقه، مؤكدا أن ذلك “أمر بالغ الأهمية” على حد تعبيره.

افتتاح مكتب البعثة ببنغازي

ونوه سلامة، إلى أن ليبيا تمتعت بهدوء نسبي بعيداً عن الأعمال العسكرية على مدى الأشهر الأولى من هذا العام، واستفادتهم من هذه البيئة الإيجابية، على حد قوله.

وأشار سلامة، إلى توفيرهم لمنبر لاتفاقات المصالحة والمناقشة، وتقديم الدعم لإجراء الانتخابات المحلية لعدد من البلديات، متوقعا إجراء عشرات العمليات الانتخابية على مستوى البلديات هذا العام، إضافة إلى إعادة ترسيخ تواجد الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس حيث يقيم معظم أفراد البعثة الآن، ومن المنتظر فتح مكتب البعثة ببنغازي في الأسابيع القليلة المقبلة.

وأكد سلامة، الانتهاء من المرحلة الاستشارية لعملية المؤتمر الوطني، وذلك من خلال قيامهم على مدار الأسابيع 14 الماضية بعقد أكثر من 75 اجتماعاً في ليبيا وخارجها، بمشاركة أكثر من 7000 ليبي، وشكلت النساء ربع هذا العدد، مبينا أن هذه العملية التي تبدأ من القاعدة إلى القمة تمثل جزء لا يتجزأ من خطة العمل.

ولافت إلى أن المشاورات المحلية الخاصة بالمؤتمر الوطني اتاحت الفرصة للتبصر بشكل ثاقب في آمال الشعب الليبي ومخاوفه ورؤيته ورغبته في المضي قدماً، معلنا أن المرحلة التالية من المؤتمر تتمثل في جمع آلاف الصفحات من التقارير في تقرير كامل ونهائي يتضمن استنتاجات وتوصيات وطنية لدعم الخطوات التالية الرامية إلى الخروج من المرحلة الانتقالية، وأن موعد هذه الحدث ومكانه النهائي سيتحدد في القريب.

أسف وتوقعات بالفشل

وعبر رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، عن أسفه إزاء الأعمال العسكرية وأحداث العنف التي وقعت في الشهرين الماضيين مما تسببت في تحويل الانتباه واستنزاف بعض الزخم الذي اكتسبوه في السابق، واستدل بمعارك مدينة درنة، قائلا: “أشعل هذا الصراع الانقسامات في جميع أنحاء البلاد، وعلى الرغم من أن المدينة أصبحت الآن تحت سيطرة الجيش التابع لعملية الكرامة، إلا أنه لا يزال هناك اقتتال مستمر على نطاق مصغر مع قوة حماية درنة.

وتوقع غسان سلامة، فشل الاتفاقيات المتعلقة باستئناف إنتاج النفط إن لم يجدوا حلا سريعا لهذه المسائل، لافتا إلى أنه سيكون من الصعب على العملية السياسية أن تتحرك “قيد أنملة”، مؤكدا أن البعثة ستضاعف جهودها للدفع نحو القيام بإصلاحات اقتصادية، محذرا أن استقرار البلاد ووحدتها على المحك، وفق قوله.

وقال سلامة: “إذا أردنا أن نقول بأن هناك بصيص أمل في هذه الأحداث، فإنه يتجلى في قبول مختلف السلطات الليبية فكرة أن عليها اتخاذ الخطوات الكفيلة بصون ثروات البلاد”، داعيا مجلس الأمن إلى تطلعهم “بعين يملأها الإيجابية” للطلب المقدم من حكومة الوفاق الوطني إليه بشأن مراجعة أعمال مصرفي ليبيا المركزيين بطرابلس والموازي في شرق البلاد، معتبرا إياها خطوة أولى لاقت إشادة لإضفاء الشفافية على التعاملات المالية في ليبيا.

التدوينة المبعوث الأممي إلى ليبيا يحث مجلس الأمن للضغط على البرلمان للاضطلاع بمسؤوليته ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “المبعوث الأممي إلى ليبيا يحث مجلس الأمن للضغط على البرلمان للاضطلاع بمسؤوليته”

إرسال تعليق