طرابلس اليوم

السبت، 30 سبتمبر 2017

الكل يريد الجنوب….. الكل يحاصر الجنوب

,

عبد المنعم الجهيمي/ كاتب وصحفي من سبها

ترتفع معدلات الجريمة بكافة أنواعها في مدينة سبها جنوب ليبيا، وسط حرب غريبة بين فصيلين تابعين للجيش، فالكتيبة  32مشاة والتي كانت تعرف بالقوة الثامنة قبل انضمامها للجيش تعيش اشتباكات متواصلة مع الكتيبة 116مشاة والتي كانت تعرف بقوة الردع أيضا قبل انضمامها للجيش.

هذه المرة تدور الحرب حول مستودع سبها النفطي، الذي تحميه الكتيبة 32مشاة منذ أكثر من أربع سنوات، ولكن لا أحد يعلم ما الذي حدث حتى تتقدم وحدات الكتيبة 116 تجاه المستودع لتبسط سيطرتها عليه، بالرغم من انتماء الكتيبتين لنفس الجيش.

أغلقت الطريق الرئيسية بين سبها وتمنهنت حيث الاشتباكات، واستمرت أزمة الوقود لدى المواطنين من سكان الجنوب، حيث لم تستطع وحدات الجيش الذي حل محل القوة الثالثة فعل أي شئ لأهل الجنوب، فانقطع عنهم الوقود وانعدمت السيولة، وانتشرت عمليات الحرابة بشكل مخيف، وصار الوضع أشد قتامة بالنسبة لسكان المدينة والجنوب.

ذلك المشهد الذي لحق خروج القوة الثالثة، التي كان من المتوقع أن تحل مكانها وحدات الجيش القادم من الشرق، ولكن حلت مكانها مجموعات مسلحة شديدة المحلية ضمها الجيش إليه ليستنصر بها ويمدد رقعة الأراضي التي يسيطر عليها، لذا تحولت عدد من الكتائب المحلية إلى كتائب تابعة للجيش، أول الأمر لم يكترث أهل المدينة أو بعضهم لذلك في سبيل أن يلمسوا تغييرا للأفضل، ولكن مع مرور الوقت وظهور أزمات جديدة مع تكريس السابقة؛ صار الوضع مربكا، ساهم في ذلك الخلافات التي دبت بين تلك الكتائب المحلية، فبعضها صار يرى أنه صاحب الفضل في إخراج القوة الثالثة وبالتالي يجب أن يحظى بمعاملة مميزة، وبعضها يعتقد أنه مشارك فعّال ويجب أن يكون له نصيب في تلك الكعكة، والآخر يريد حماية ما يعتقد أنها مكتسبات قبيلته أو مكونه الاجتماعي.

ظل الوضع كما هو عليه، حيث استمرت كل كتيبة في التواجد بنفس مقراتها التي كانت موجودة بها قبل أن تنضم للجيش، بعضها يشغل أماكن ومؤسسات حكومية تعرقلت عن العمل، وبعضها في معسكرات تحمل السمة القبلية أكثر منها سمة المؤسسة العسكرية، بينما ظل آمر هذه المنطقة المعين من القيادة العامة قابعا في تمنهنت يستقبل الوفود ويلقي الخطب العصماء بكل اطمئنان، ولما لا يطمئن وهو يبعد عن المدينة أكثر من 30كم، لذا لن يطاله شئ مما يطال أهل المدينة التي يقول أنه يحميها بعد أن حررها من المليشيات.

هذا المشهد ازدهرت في ظله الحرابة والهجرة غير القانونية والسرقة، فقد أَمِنَ كل مجرم على نفسه من العقاب، وصارت الكرة في ملعبه لكي يعيث في المدينة المحررة قتلا وخرابا وفسادا، ها هو الوقود يباع على الطرقات بأسعار غريبة وفي وضح النهار، وتتحرك ناقلاته مرورا ببوابات الجيش ونقاط التفتيش بشكل اعتيادي، وها هي قوافل مهربي المهاجرين تسير على الطرقات بأمان وثقة تراها في عيون الساقين، وها هي الحرابة تمارس بكل حرفية ودقة وسط شوارع المدينة،  فيقتل كل من يرفض النزول من سيارته، وكل من لا يستطيع أهله دفع فديته، وها هي مطارات المنطقة مغلقة يحميها الاشاس، مطار سبها الذي ينتظر انتهاء مساومات الطرفين عليه مع إيطاليا التي رعت اتفاقهما، ومطار تمنهنت الذي تمركزت فيه وحدات اللواء 12 وتمنع تشغيله أملا في تشغيل مطار براك القريب من معاقل القبيلة التي ينتمي اليها جل أفراد اللواء.

لم يحرك هذا المشهد القيادة العامة من أجل العمل بجدية لتغييره، ولم يستطع الجيش أن يقدم أي شء للجنوب، يبدو أن الأخير لا يقع في حسابات الأطراف المتحاربة في الشمال، مطلوب من الجنوب أن يقدم مواقف وولاءات مجانا، وعليه أن لا ينتظر شيئا مقابل ذلك، فجيش الكرامة يرى هدفه في الغرب حيث طرابلس، ولو فكر في السيطرة على الجنوب فهو من أجل محاصرة طرابلس، حتى حكومة الأخيرة لو فكرت في الجنوب فهو من أجل منع تمدد غريمها في الشرق، ولكن الحاصل أن أهل الجنوب هم من تحاصروا وليست هذه نهاية حكايتهم.

التدوينة الكل يريد الجنوب….. الكل يحاصر الجنوب ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “الكل يريد الجنوب….. الكل يحاصر الجنوب”

إرسال تعليق