طرابلس اليوم

السبت، 30 سبتمبر 2017

حمى المبادرات الليبية

,

احميد اعويدات/ كاتب من سبها

صار تقديم المبادرات في ما يخص الشأن الليبي حمى تسري في جميع القنوات الليبية وصفحات الفيس بوك, وكلما ازداد عددها زاد شعوري بأننا لم نصل بعد إلى النقطة التي نكون قادرين فيها على إدارة اختلافاتنا.

أغلب هذه المبادرات أو جلّها تنطلق من منظور خاص لصاحبها، حيث يرى في نفسه هو الحل والبقية هم المشكلة، ولن تجد أي طرف على الحياد فالكل متشبث برأيه على أنه الأصح بدون تشخيص واقعي حتى للحالة المعروضة في المشهد.

و بناء على هذا أرى أنّنا بحاجة لأساتذة وأهل خبرات متراكمة واختصاص، من أجل ولادة دولة الاستقلال الثانية كما أحب أن أصفها، هولاء الأساتذة يجب أن يكونوا محايدين لا ينتصرون لطرف على آخر ولا يفاضلون بينهم .

إذاً بناءً على هذا علينا فقط العودة إلى نقطة الصفر كما فعل الأباء المؤسسين وهو ما يبدو خياراً منطقياً، متمثلاً في طلب الوصاية الأممية على دولة الاستقلال، فمنظمة الأمم المتحدة طرف محايد و خبير دولي، في مجال الحوكمة و إعادة تأهيل الشعوب ديمقراطياً بعيداً عن جهاد بريطانيا و الحلفاء الذين طردوا إيطاليا من ليبيا و أحاديث البطولة وبقية تلك الخزعبلات الواهية، كما إنها كانت السبب في ولادة دولة ليبيا من الأساس.

لا علاقة لما ذكر بالتخوين والتكفير، فلا أظن أنّه من العيب في شيء أن يطلب من سقط في بئر حبلاً للنجاة، و هذه ضالتنا، فدور هذه المنظومة المحايدة في حل النزاعات عبر أكثر من ستين عاما أفضل دليل على إمكانياتها، ويمكن القول أن الدور الأهم المنوط بعمل الأمم المتحدة حاليا هو سياسي, أما بقية الأدوار فهي تابعة أو مكملة. حيث يمكننا القول أنّه لا يوجد أي حصيلة تفاوضية من الأطراف الليبية يمكن الوقوف عليها، كما يمكننا القول أنه لولا اتفاق الصخيرات الذي تم توقيعه من قبل الأطراف المتنازعة بإشراف الأمم المتحدة، لكان الوضع حاليا أسوأ بكثير، بل حتى قد يمكن للمشهد أن يصبح في خارطة التقسيم.

مشروعية أي مبادرة تستمد من ما تقدمه وليس مما تعِد الناس به، وهذا ما لم نره حتى الآن لدى الطرفين شرقاً وغرباً، ما شهدناه منهم فقط هو العناد المتمثل في غصب الطرف الأخر على الاعتراف به والإذعان له لا أكثر.

لم يستطع هؤلاء أبدا أن يضعوا الأساس المرتقب للدولة المنشودة، لا من خلال ذريعة محاربة الإرهاب و الحل العسكري لإنهاء وجود الطرف الاخر؛ ولا حتى في رفضهم الجلوس مع احد الاطراف بحجة الثورة و الثوار.

لهذا نحتاج لمنظور شامل من طرف لا يحابي أحد على حساب الأخر، شخص يرى الجميع من منظور شمولي عام بعيداً عن التطرف العاطفي الليبي لشخص على حساب الآخرين و هذا ما رأيناه في خارطة الطريق الأممية الجديدة، و ليس ما نراه من هرطقات التواقيع لتفويض المنقذ شرقاً أو من خلال اللعب الخبيث و استمالة أطراف عن طريق مناصب سيادية.

يمكن للمجاهدين من كل الأطراف الذين يدافعون عن فكر من يحبون، أن يتهموا صاحب هذا الفكر بالعمالة أو حتى خيانة الوطن كغيرهم ، من خلال أكذوبة الوطنية وباقي خزعبلاتهم التي مللنا سمعاها، والتي أكاد أجزم أن الزمن ولّى عليها، لكن هل بإمكان متّبعي هذه المشاعر النبيلة أن يقدموا حلولاً أخرى تنقذ البلاد والعباد!،على أن تكون واقعية بعيداً عن التفكير الضيق المصحوب بثنائيّات التطرّف العاطفي لطرف دون الأخ، تكون في شكل حيادي شامل لا يرى فيه طرف أنه وحده الحل ، متقبلين فيها فكرة أن الجميع جزء أساسي من المشكلة.

التدوينة حمى المبادرات الليبية ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “حمى المبادرات الليبية”

إرسال تعليق