طرابلس اليوم

الأربعاء، 27 سبتمبر 2017

كبت حرية الرأي والتعبير في الشرق يقيد الصحفيين والنشطاء ويطال المواطنين وسط تكتم إعلامي وحقوقي

,

تشهد مدن المنطقة الشرقية أبرزها مدينة بنغازي، اعتقالات من حين لآخر وإخفاء قسري للصحفيين والنشطاء، بسبب تعبيرهم عن آرائهم وكتاباتهم على الأوضاع والأحداث التي تشهدها المنطقة، عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

هذه الاعتقالات والاختفاء القسري لم ينجو منها حتى المدنيين، وطالت المواطنين الذين يعبرون عن واقعهم المعيشي الذي يزداد سواء يوما بعد يوم، دون أي مساعٍ تذكر للتخفيف عن معاناتهم.

أسباب الاعتقال

وقال ناشط إعلامي من بنغازي رفض الكشف عن اسمه، إن أسباب الاعتقال والاختفاء القسري للصحفيين والنشطاء والمدنيين في بنغازي تعدد، أبرزها قد يكون بسبب انتقاد خليفة حفتر أو أحد ابنائه أو أحد قيادات عملية الكرامة، أو انتقاد أفعال السلفية “المداخلة”.

وأضاف، أن أسباب الاعتقال قد تكون أيضا بسبب التعبير عن الاستياء أو الاستنكار للأعمال الإجرامية التي تقع في بنغازي من حين لآخر مثل عمليات الإعدام في الشوارع، أو الجثث التي يعثر عليها في مكبات القمامة، أو اقتحام المنازل والاعتقالات التي ظهرت بالمدينة في السابق.

ورأى الناشط الإعلامي، أن المواطنين أيضا يجدون صعوبة في التعبير عن آرائهم عن الأحداث السياسية في البلاد، وعن الأوضاع المعيشية التي تواجههم، خوفا من الاعتقال والإخفاء القسري، أو ربما قد تصل إلى القتل ورميهم في مكبات القمامة.

واعتبر الناشط الإعلامي، أن هذه الظاهرة المخالفة للشريعة الإسلامية والقوانين الدولية والمحلية، نتج عنها كبت واضح للحريات وتقييد حق حرية التعبير والرأي، التي قامت من أجلها ثورة 17 فبراير وضحى الشباب بدمائهم وأرواحهم لأجل ذلك.

بداية الظاهرة

وبدأت ظاهرة الاعتقالات والاخفاء القسري في مدينة بنغازي خاصة ومدن المنطقة الشرقية بشكل عام، منذ بداية الاشتباكات المسلحة بين قوات عملية الكرامة وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي، في منتصف أكتوبر 2014.

ومع سيطرت قوات الكرامة على أجزاء كبيرة في بنغازي، اعتقل العديد من الصحفيين والنشطاء الذين ينتمون للفكر الإسلامي والمواليين لثورة 17 فبراير، ومؤيدين لمجلس شورى ثوار بنغازي أو جماعة الإخوان المسلمين، وطالت أيضا العاملين والصحفيين في المؤسسات الإعلامية والمنظمات الحقوقية والخيرية.

ولم ينجو حتى الصحفيين والنشطاء المؤيدين لعملية الكرامة من الاعتقال والإخفاء القسري، فبمجرد التعبير عن آرائهم أو انتقاد حدث ما تعرض الكثير من للاعتقال والعذيب والإخفاء القسري، ولعل أبرز هؤلاء هو الناشط الإعلامي علي العسبلي الذي اختطف في نهاية مارس 2016 من أمام منزله في مدينة المرج.

وكان سبب اعتقال علي العسبلي الذي قضى نحو أربعة أشهر في أحد سجون الكرامة، هو انتقده في منشوراته على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ظاهرة الإخفاء القسري، والسجون السرية والانتهاكات بحق الإعلاميين والناشطين في شرق البلاد.

حالات اعتقال

ففي نهاية مارس الماضي، أعلنت وكالة “فرانس برس” الفرنسية، اعتقال مصورها في مدينة بنغازي عبدالله دومة، من قبل إحدى الأجهزة الأمنية بالمدينة على خلفية تصويره احتفالية “ساعة الأرض” التي أقيمت في جامعة العرب الطبية، وأفرج عن دومة بعد عدة أيام من اعتقاله.

وفي منتصف يونيو المنصرم، تعرض الكاتب والناشط السياسي جابر العبيدي، للاعتقال لأسباب مجهولة من قبل جهة أمنية في بنغازي لم تعلن عن نفسها، بعد أن أطلق سراحه بكفالة، بعد مثوله أمام النيابة العامة في المدينة بعد احتجازه في سجن الكويفية لعدة أيام.

ومع إنشاء القيادة العامة للقوات المسلحة التابعة لعملية الكرامة، في نهاية أغسطس الماضي غرفة المعلومات ومكافحة الإرهاب الإلكتروني في مدينة بنغازي، زادت في ظاهرة الاعتقالات للصحفيين والنشطاء في شرق البلاد، بسبب كتاباتهم ومنشوراتهم على صفحاتهم في “فيسبوك”.

واعتقل في الثامن من الشهر الجاري، المذيع في إذاعة المرج المحلية حسين رجب، من قبل عناصر جهاز الأمن الداخلي بالمدينة، على خلفية منشورات كتبها على صفحته، انتقد فيها قرار للحاكم العسكري التابع لعملية الكرامة عبدالرازق الناظوري.

واستمرت حملة الاعتقالات للصحفيين والإعلاميين والنشطاء، وقامت عناصر جهاز الأمن الداخلي في بنغازي الأسبوع الماضي، باعتقال مراسل قناة “ليبيا روحها الوطن” طه مفتاح الديباني، في مطار بنينا الدولي أثناء تغطيته وصول الحجاج، دون الكشف عن أسباب الاعتقال.

اعتقال مواطن

ولم ينجو المواطنون أيضا من أيدي الاعتقال والإخفاء القسري، وأوقفت غرفة المعلومات ومكافحة الإرهاب الإلكتروني التابعة لعملية الكرامة، المواطن أشرف المغربي في منتصف سبتمبر الجاري، بسبب كتابات نشرها على صفحته في “فيسبوك”، عبر فيها عن رأيه بشأن الأوضاع في مدينة بنغازي.

وبحسب مصادر محلية، فقد أنزلت قوات الأمن الشاب أشرف المغربي من سيارته في شارع الوحدة العربية (شارع عشرين) في وسط بنغازي، واقتادته إلى أحد المقرات الأمنية في منطقة الكويفية شرق المدينة، ولم تطلق سراحه حتى الآن.

وقال المصدر، إن أحد المسؤولين بجهاز الأمن الداخلي يدعى سليم الفرجاني هو من اعتقل المغربي البالغ من العمر 31 عاما، مشيرًا إلى أن أسرة المغربي تواصلت مع جهاز مكافحة الإرهاب الإلكتروني الذي أخبرهم أن سبب توقيف ابنهم كتاباته على موقع “فيسبوك”، دون ذكر مزيد التفاصيل.

تحذيرات

وكانت غرفة المعلومات ومكافحة الإرهاب الإلكتروني، قد حذرت في بيانها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من أنها ترصد عن كثب كل ما ينشر، مؤكدة التزامها بمكافحة كل ما يمس الأمن القومي، وزعزعة أمن واستقرار البلاد.

وربما ستستمر حملات الاعتقال والإخفاء القسري، دون أي رادع أو منتقد أو مساعٍ للحد منها، وسط تكتم حقوقي وإعلامي واضح من المؤسسات والمنظمات الحقوقية والوسائل الإعلامية في شرق البلاد.

رأي وتعليق

وعلقت كاتبة وصحفية من إحدى مدن المنطقة الشرقية رفضت الكشف عن اسمها، قائلةً: “إنه من الطبيعي أن يُأخر الصراع القائم والاستقطاب الحاد السياسي والإيديولوجي الديني على الأرض حرية التعبير، وسيكون الحكم للمسيطر والمنتصر على الأرض”.

ورأت الكاتبة والصحفية، أن تقييد حرية التعبير لا يقتصر الأمر فقط على الصحفيين أو الكتاب، بل وحتى الرأي العام إذ أن قيام المجموعات المسلحة والقوات الرسمية باستخدام نفوذها وقوتها لاحتجاز المواطنين والصحفيين فقط بناء على آراء كتبوها أو تصرفات انتقدوا بها السلطة يعد انتهاك صارخ لحرية التعبير، معتبرةً ذلك إلا عودة للنظام المستبد وخروج عن المسارات القانونية التي طالب بها الشعب منذ أولى أيام قيام ثورة فبراير.

المجتمع المدني والمثقفون

وأكدت الكاتبة والصحفية، أنه من خلال تجربتها أن المجتمع المدني هو الرادع الوحيد الذي بإمكانه مواجهة هذه التصرفات التي تبدأ على استحياء ومن ثم تجتاح في طريقها الجميع، على حد تعبيرها.

وخصت حديثها عن المجتمع المدني في بنغازي، قائلةً: “إن المجتمع المدني تمكن في عدة مناسبات على الرغم من انحساره مؤخرا، من الانتصار إلى جانب الحريات مثل موقف النشطاء وحراكهم ضد القرار الذي أصدره الحاكم العسكري لمنطقة درنة حتى بن جواد، بشأن منع المرأة من السفر دون محرم يرافقها، وكان نتاج هذا الحراك التراجع عن القرار واستبداله بقرار جديد يحد أيضا من حرية التنقل غير أن المنصف فيه أنه شمل الجنسين من ذكور والإناث بضرورة الحصول على موافقة أمنية لمغادرة البلاد”.

وكما رأت الكاتبة والصحفية، أن المثقفين أيضا يلعبون دورا مهما في الوقوف ضد ممارسات تعدت على حريات الأخرين، واستدلت بوقوف المثقفين ضد الحملة التي قادها الشارع والمتشددون الدينيون الجدد ضد كتاب “شمس على نوافذ مغلقة”، وإن كان ظاهر الرفض دوافع دينية أو استنكار لما هو ضد قيم وعادات المجتمع، وفق قولها.

وأعطت رأت الكاتبة والصحفية الطرح بعدا أكبر، وقالت: “أود أن أشرح وجهة نظري من منطلق أنه للانتقال من حالة الفوضى والانقسام إلى حالة الاستقرار يجب أن يقع هذا الصراع، وسيكون نتيجته قوانين وحقوق ومواثيق إلى جانب احترام الإنسان وحريته وكرامته”.

وأوضحت، أن الانتهاكات لن تتوقف حتى تقوم دولة تحترم القانون وللوصول إلى تلك الدولة طالبت بأن لا يجب أن يتوقف المجتمع المدني، وعليه أن يستمر لتوعية المواطنين بحقوقهم وما يجب أن يكون عليه مستقبلهم، حسب رأيها.

التدوينة كبت حرية الرأي والتعبير في الشرق يقيد الصحفيين والنشطاء ويطال المواطنين وسط تكتم إعلامي وحقوقي ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “كبت حرية الرأي والتعبير في الشرق يقيد الصحفيين والنشطاء ويطال المواطنين وسط تكتم إعلامي وحقوقي”

إرسال تعليق