طرابلس اليوم

الخميس، 12 يوليو 2018

لماذا تعثرت محاولات إعادة إحياء صادرات النفط في ليبيا مرة أخرى؟

,

الكاتبة: سلمى الورداني/ موقع بلومبيرغ الأمريكي

تشير الضربة الأخيرة التي تعرضت لها صادرات ليبيا النفطية إلى أن النفط لن يتدفق على النحو المطلوب ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي لإنهاء سبع سنوات من النزاع. فقد تعثرت محاولات الحكومة الليبية الرامية إلى إحياء قطاع النفط منذ اندلاع الحرب سنة 2011 المدعومة من قبل حلف الناتو، بعد اندلاع الاشتباكات بين الميليشيات حول منشآت الطاقة في منطقة “الهلال النفطي” الممتدة على طول سواحلها الوسطى. وخلال الشهر الماضي، استعادت القوات الموالية لخليفة حفتر، وهو قائد عسكري ذائع الصيت في شرق ليبيا، ميناءين رئيسيين للتصدير كانا تحت سيطرة خصومها.

نقل حفتر عملية الإشراف على هذين الميناءين وثلاثة موانئ أخرى إلى هيئات نفطية غير معترف بها دوليا. وعلى خلفية ذلك، وقع تعليق عمل ناقلات النفط في هذه الموانئ، مما تسبب في نقص النفط في الأسواق العالمية بمعدل 800 ألف برميل في اليوم. وقد تسبب عدم الاستقرار الذي تشهده ليبيا في تعطيل جهود منظمة أوبك لضخ المزيد من النفط، إلى جانب الجهود المدعومة من قبل الأمم المتحدة لإجراء الانتخابات قبل انقضاء السنة.

  1. ما الذي جعل الصادرات النفطية تتضاءل؟

في أواخر شهر حزيران/ يونيو، وبعد استعادة السيطرة على الموانئ الخمسة، وضع المشير حفتر هذه المنشآت تحت مسؤولية المؤسسة الوطنية للنفط (غير معترف بها)، الواقعة في مدينة بنغازي الشرقية. وقد أقدمت هذه الهيئة على حظر نقل النفط بموجب عقود موقعة من قبل المؤسسة الوطنية للنفط (المعترف بها دوليا)، الواقعة بطرابلس غرب ليبيا، مما أدى إلى تعميق الخسائر المالية التي قدرتها المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس بحوالي 920 مليون دولار، منذ اندلاع القتال في المنطقة الساحلية في وقت سابق من الشهر الماضي.

(كما تواصل ليبيا شحن النفط من الموانئ التي تديرها المؤسسة الوطنية للنفط، التي تتخذ من طرابلس مقرا لها). كان إقصاء حفتر للمؤسسة الوطنية للنفط بمثابة المفاجأة، خاصة بعد استيلاء الجيش الوطني الليبي على أهم الموانئ، التي كانت تحت سيطرة أحد قادة الميليشيات الأخرى المدعو إبراهيم الجضران، خلال سنة 2016، وتسليمها إلى الشركة. وقد ساهمت هذه الخطوة في استعادة إنتاج النفط ليصل إلى مليون برميل في اليوم بعد تدني مستوياته إلى 250 ألف برميل.

 

  1. لماذا أدار حفتر ظهره لحكومة طرابلس؟

يقود المشير خليفة حفتر القوة الرئيسية المعارضة لحكومة فايز السراج في طرابلس، المدعومة من قبل الأمم المتحدة. ووفقا للمسؤولين والمحللين، من بينهم المحللة البارزة للشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، كلوديا جازيني، سعى حفتر إلى استغلال سيطرته على موانئ النفط من أجل ممارسة الضغط السياسي على الأطراف الأخرى، بدعم من روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.

في الواقع، يدرك حفتر جيدا أنه غير قادر على تصدير النفط بصفة مستقلة، نظرا لأن الشركات الدولية لن تتخذ أي خطوات دون الرجوع إلى المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس. وخير دليل على ذلك فشل الجضران في بيع النفط بمفرده. فخلال سنة 2016، عادت إحدى ناقلات النفط التي غادرت شرق ليبيا، على أعقابها بعد أن أدرجت الأمم المتحدة تلك الشحنة ضمن القائمة السوداء.

  1. ما هي مساعي حفتر؟

أفادت قوات حفتر بأنها لم تتلق أي مبالغ مالية من المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، في حين لم توجه إليها المؤسسة الشكر بعد حمايتها لمنشآتها النفطية. كما أكد رئيس مجلس إدارة الشركة، مصطفى صنع الله، أن إيرادات النفط تُحول مباشرة إلى البنك المركزي، مشيرا إلى أنه غير مسؤول عن كيفية توزيعها.

تمكن حفتر من إحكام سيطرته على الشرايين الرئيسية للاقتصاد الليبي من خلال إبقاء الموانئ الشرقية خارج سيطرة المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس، كما بات قادرا على التأثير على المؤسسات الوطنية القليلة في البلاد، بما في ذلك البنك المركزي. وقد أدى تدهور الاقتصاد إلى إثارة موجة استياء شرقي البلاد بسبب سوء استغلال الموارد المالية واحتكار المدن الغربية لثروات البلاد.

  1. فيما تتمثل تداعيات تعليق نشاط الموانئ على أسواق النفط؟

في الثالث من تموز/ يوليو، بلغ سعر النفط الخام الأمريكي 75 دولاراً للبرميل الواحد، للمرة الأولى منذ سنة 2014، ويعود ذلك جزئياً إلى تعليق الإنتاج في ليبيا، صاحبة أكبر احتياطي من النفط الخام في أفريقيا. وكان تقييد المبيعات الإيرانية من قبل الولايات المتحدة من بين عوامل الأزمة، إلى جانب انخفاض مخزون النفط الأمريكي.

ساهمت الضغوط المسلطة على صادرات ليبيا في زيادة الضغط على السعودية، التي تعد بدورها أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، لتعزيز الإنتاج والحد من ارتفاع الأسعار الذي أثار غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وحسب ما جاء في تصريح لصنع الله في التاسع من تموز/ يوليو على صفحة المؤسسة الوطنية للنفط على فيسبوك، تصدر ليبيا حالياً ما يعادل 527 ألف برميل يوميا ومن المتوقع أن يتواصل هذا المعدل في التراجع يوما بعد يوم، في حال ظلت الموانئ مغلقة. وحسب ما صرح به صنع الله، فإن نقل المحطات تحت إشراف شركته سيكون “خطوة شجاعة ونبيلة، لأنه بذلك لن يفوز أي طرف في هذه المعركة، وسنخسر جميعا في نهاية المطاف”.

  1. ماذا يعني هذا بالنسبة للاقتصاد الليبي؟

في التاسع من شهر تموز/ يوليو، بلغ سعر الدينار الذي كانت قيمته 1.34 دينار مقابل الدولار، منذ إغلاق الموانئ الأخيرة، سبعة دينارات للدولار الواحد. وفي الحقيقة، سيتسبب انخفاض الدينار في ارتفاع الأسعار في ليبيا، التي يرتكز اقتصادها بالأساس على الواردات. الآن، بات سعر ثلاثة أرغفة من الخبز يساوي دينارا واحدا بعد أن كانت الأربع منها بذلك السعر.

لقد حذرت الشركة العامة للكهرباء من أنه في حال استمر انقطاع التصدير في المنطقة الشرقية، فإن انقطاع التيار الكهربائي في شرق البلاد سيستمر إلى أكثر من 12 ساعة خلال اليوم. ولهذا السبب، سارع سائقو السيارات إلى تخزين البنزين، حيث اصطفت العربات خارج محطات الوقود بينما اجتاح الغضب العامة.

  1. كيف سيؤثر ذلك على جهود الأمم المتحدة لتوحيد البلاد؟

اتفق القياديون المتنافسون، ومن بينهم حفتر، خلال اجتماع عقد في شهر أيار/ مايو في باريس على إجراء انتخابات وطنية والتخلص تدريجياً من المؤسسات الموازية بموجب خطة تدعمها الأمم المتحدة. وتهدف هذه الخطة إلى إعادة توحيد البلاد وسلطاتها المتناحرة من خلال التصويت على الدستور الجديد، ثم البرلمان ويليه اختيار الرئيس.

وحيال هذا الشأن، قال الناطق باسم حكومة طرابلس، محمد السلاك، إنه ما لم يتم استئناف تصدير النفط قريبًا، لن نتمكن من إجراء الانتخابات في موعدها المقرر. وأوضح دريك بروير، المدير التنفيذي للأبحاث “لهيئة السياسات النفطية”، التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها، أن “حفتر قد أضر بصورته كموحد محتمل لليبيا. وهذا ما يجعل من إجراء الانتخابات في ليبيا في وقت لاحق من هذه السنة أمرا مستبعداً”.

  1. ما الذي ينتظر ليبيا؟

مع تقليص دخلها النفطي، يمكن أن تتدهور الأوضاع في البلاد وينجر عن ذلك المزيد من الصراع والتفكك. وفي حال تم التوصل إلى اتفاق بشكل سريع وبدأت الاستعدادات للانتخابات، حينها فقط يمكن الحد من الأضرار التي لحقت أسواق النفط واقتصاد ليبيا. وفي الحقيقة، تضرر اثنان من صهاريج تخزين النفط الخمسة في ميناء رأس لانوف خلال المعارك الأخيرة، مما أدى إلى خفض سعة التخزين بنسبة 40 بالمائة لتصل إلى معدل 550 ألف برميل في اليوم، ما سيعيق التصدير حتى بعد استئناف عمليات الشحن.

وقد أدى النزاع على الموانئ إلى زعزعة الثقة التي عملت ليبيا جاهدة على إعادة بنائها على مدار السنتين الماضيتين مع شركائها الدوليين. ومن جهته، قال بروير إن أي استئناف في عمليات الشحن سيكون متأثرا بالفكرة القائلة إن “الهلال النفطي” يعد بمثابة “منطقة نزاع وصراع طاحن، ومعرضة دوما لهجمات متجددة”.

التدوينة لماذا تعثرت محاولات إعادة إحياء صادرات النفط في ليبيا مرة أخرى؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “لماذا تعثرت محاولات إعادة إحياء صادرات النفط في ليبيا مرة أخرى؟”

إرسال تعليق