طرابلس اليوم

السبت، 23 سبتمبر 2017

حراك عبدالباسط اقطيط بين الرفض والتأييد والتحفظ

,

يترقب الليبيون بشدة ما قد ستؤول إليه الأحداث عقب المظاهرات التي دعا إليها رجل الأعمال والناشط عبدالباسط اقطيط في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس في يوم 25 سبتمبر الجاري، احتجاجا على الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد من نحو ثلاث سنوات.

وكان الناشط والمرشح السابق لرئاسة الوزراء عبد الباسط اقطيط، قد دعا الليبيين في أواخر يوليو الماضي، إلى الخروج في ميدان الشهداء بطرابلس في الـ25 من سبتمبر الجاري للوقوف إلى جانبه احتجاجا على الأوضاع الراهنة في البلاد، مشيرا إلى عزمه على الحصول على اعترافات بـ”إرادة الشعب الليبي” كما تحصل عليها المجلس الوطني الانتقالي إبان ثورة فبراير، حسب تعبيره.

هذه الدعوات من المرشح السابق لرئاسة الحكومة الليبية المؤقتة في 2014، أثارت جدلا وردود أفعال متفاوتة لدى بعض الأطراف المتصارعة في ليبيا، فمنهم من أيدها ودعمها، ومنهم من رفضها بشدة، وأخرين تحفظوا عليها بصمت وترقب.

الإعلان والاستعداد للحراك

وفي إطار التجهيز والاستعدادات لحراك 25 سبتمبر، وتنظيم التظاهرة، أكد اقطيط في بيانه الصادر في يوم 14 من الشهر الجاري، أن حراك 25 سبتمبر حراك شعبي مدني سلمي يعمل على إعلان صوت المواطن ورفع معاناته والسعي لتغيير حقيقي يصحح الأوضاع ويحقق الرفاهية والتنمية، وأنه بعيد عن كل التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية والخلافات القبلية، وهو حراك ليبي وطني يهدف لإيصال صوت المواطن في ليبيا لشعوب العالم وصناع القرار العربي والإقليمي والدولي.

وبخصوص تأمين المظاهرة، أوضح اقطيط أنه الى ذاك اليوم لا يوجد هناك أي جهة جرى الاتفاق معها على تأمين التظاهرة أو ميدان الشهداء إلا الجهات المسؤولة المعتمدة في طرابلس وعلى رأسها مديرية أمن طرابلس والأمن المركزي فرع طرابلس، وأنهم في سياق الدعوة إلى دولة المؤسسات نتوصل لها بالطرق المشروعة والقوانين المعمول بها بعيدا عن الفوضى وبث الشائعات وزعزعة الأمن والنظام العام، على حد قوله.

ونوه عبدالباسط اقطيط، إلى أنه ليس لديهم مندوبين ولا ممثلا عنهم لا حزب ولا جماعة ولا أي تيار، قائلا: “حزبنا الوحيد المواطن ومكتبه الميادين المفتوحة وميدان شهداء العاصمة طرابلس”، موضحا أن التظاهرة ستنقل إعلاميا عبر وسائل إعلام وإذاعات وصحف وطنية ودولية للوقوف على الحدث دون أي تهويل أو إجحاف، وفق تعبيره.

مؤيدون للحراك

وظهرت أصوات عدة في العديد من المدن الليبية من بينها شخصيات بارزة، مؤيدة وداعمة لحراك 25 سبتمبر، ومنها ما أعلنت هذا التأييد في العلن، ومنها ما أخفت هذا التأييد خوفا على نفسها من تعرضها لأذى.

ولم ينكّر مفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني على حراك 25 سبتمبر بقيادة عبدالباسط اقطيط، وأبدى شيئا من تأييده لها بشروط، قائلا: “أن دار الإفتاء إذا رأت عملاً – في إشارة منه لهذه التظاهرة – لنصرة الحق والدين وإقامة العدل فأنها ستقف معه بكل قوة، وإن رأت غير ذلك فستعارضه بكل قوة”.

وقال الشيخ الغرياني، إن كل من يأتي بمشروع في ليبيا يجب أن يحكم عليه من خلال العمل وليس من خلال الكلام والشعارات، مبيناً بأنه لو رأى عملاً ونصرة للحق فأنه سيقف مع المشروع.

من جهة أخرى، باركت كتيبة “الشهيد نوري فريوان” بمصراتة في بيانها، مشروع عبدالباسط اقطيط وجميع حلوله لإخراج ليبيا من الأزمة التي عانت منها أشهر طوال، مشيرة إلى أنها لمست في كلماته ومشروعاته تطلعاً لتحقيق الأهداف التي جاءت بها ثورة 17 فبراير، مؤكدة وقوفها مع اقطيط وما يطرحه خلال أحاديثه عن الوضع العام في الفترة الأخيرة.

وحمّلت الكتيبة، مسؤولية تطبيق المشروع الذي أطلقت عليه إسم ” مشروع إخراج ليبيا إلى بر الأمان” على عاتق اقطيط، مبديةً استعدادها للوقوف معه ومع كل ليبي حر يرغب في بناء دولة حقيقية وجيش حقيقي، لا يتبع أي تيار، أو أي سياسة معينة، أو أجندة خارجية، وحذرت الكتيبة كل من تسول له نفسه إسكات صوت الشارع في يوم 25 سبتمبر، وفقاً لبيانها.

كما حمّل أفراد الكتيبة، جميع الأجهزة المنطوية تحت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني بطرابلس مسؤولية حماية المتظاهرين السلميين، الذين قالت عنهم بأنها ستمد لهم يد المساعدة إن لزم الأمر، داعية تلك الأجهزة إلى الابتعاد عن جميع التجاذبات السياسية.

وفي مصراتة أيضا، نشر يوم الثلاثاء الماضي تسجيل مصور على صفحة “حراك 9/25” على “فيسبوك” الداعمة لحراك اقطيط، يظهر عشرات الشباب يرفعون لوحات وشعارات مؤيدة لهذا الحراك بقيادة عبدالباسط اقطيط، قالت إنه لشباب من مدينة مصراتة يؤيدون حراك 25-9.

وقال أحد الشباب المتظاهرين خلال تلاوته للبيان: “إن مدينة مصراتة سباقة في الخير ونصرة الوطن، فلذلك نمد أيدينا لعبدالباسط اقطيط ونشد على يده في مبادرته لإنقاذ الشعب الليبي”، مطالبين أبناء المدينة والساسة الذين يتصدرون المشهد بالخروج من المشهد وترك فرصة للشباب لإنقاذ الوطن، كما أكدوا على وقفهم مع أخوتهم في طرابلس خلال هذه المظاهرة.

ونشرت صفحة “حراك 9/25” على “فيسبوك”، صورا لكتابات على الحائط قالت إنها في مدينة زليتن شرق العاصمة طرابلس، وأخرى في مدينة سبها جنوب البلاد، تدعم مشروع عبدالباسط اقطيط للخروج بليبيا إلى بر الأمان وإنهاء الانقسام السياسي الحاصل في البلاد، مؤكدة أن شباب زليتن مع الحراك وسيكونون في الموعد يوم 25 سبتمبر، حسب قولها.

رافضون لاقطيط

وعبر العديد من الأطراف والجهات في طرابلس وخارجها، عن رفضهم لحراك اقطيط، وقال بعضهم: “إن هذا الحراك ورائه دعم أجنبي وأجندة مشبوهة”، وأخرين هددوا ولوحوا باستخدام القوة ضد هذا الحراك.

وحذرت كتيبة ثوار طرابلس التي تسيطر على كامل العاصمة بأمرة هيثم التاجوري، الأحد الماضي، من الخروج على النظام العام وإرباك المشهد الأمني في طرابلس، وفق قولها.

وقال آمر الكتيبة هيثم التاجوري بحسب ما نشر على صفحته الشخصية في “فيسبوك”، إنهم لن يسمحوا بأن يكون أمن العاصمة رهينة لمن وصفهم بـ “أدعياء الوطنية”، مشيرا إلى أن المؤسسات النظامية والأجهزة الأمنية تعمل على حفظ الأمن والنظام بالعاصمة.

في حين، قال المستشار الأمني لرئيس المجلس الرئاسي هاشم بشر: “إننا نرفض خروج التظاهرات في العاصمة لتحقيق مشاريع فاشلة”، حسب وصفه، موضحا أن هناك فرق بين حق التظاهر السلمي واستغلال هذا الحق لزعزعة الأمن في طرابلس، بحسب تصريحه لشبكة الرائد الأحد الماضي.

وعن تأمين المظاهرة وحمايتها، أكدت الإدارة العامة للأمن المركزي فرع طرابلس، أن المرشح السابق لرئاسة الحكومة الموقتة ورجل الأعمال الليبي عبدالباسط اقطيط لم يقوم بمخاطبة رسمية وقانونية بشأن تأمين المظاهرة التي دعا لها وحدد موعدها في 25 سبتمبر الجاري، مشيرة إلى أنها ليست ضد أي تظاهر سلمي وفق التشريعات النافدة بالقانون الليبي.

كما طالبت مديرية أمن طرابلس، المواطنين باتباع الإجراءات القانونية والتشريعات النافذة بشأن تنظيم المظاهرات حتى تحول دون أي تحريض على الجرائم والعبث بممتلكات المؤسسات العامة والخاصة.

وأوضحت المديرية في بيان لها، أنه يجب على كل مظاهرة تشكيل لجنة منظمة تتولى تقديم إخطار لمديرية الأمن بمكان وزمان المظاهرة، وتساهم هذه اللجنة في الحفاظ على النظام العام بمنع وقوع أي مخالفة للآداب العامة أو تحريض على مؤسسات الدولة.

موقف مؤيدي الكرامة

ورفضت عدة شخصيات مؤيدة وموالية لعملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر هذا الحراك، معتبرا أن وراء هذا الحراك التيار الإسلامي، وأن عبدالباسط اقطيط يدعم هذا التيار المتطرف، على حد قولهم، دون أن تفصح القيادات الرسمية لعملية الكرامة عن موقفها من حراك 25 سبتمبر.

وبحسب ما نقل مراقبون، فإن الشارع في مدينة بنغازي التي تبسط قوات خليفة حفتر سيطرتها عليها، فقد انقسم إلى رافض لعبدالباسط اقطيط ومشروعه “الإخواني”، وفق قولهم، ومتحفظ بخوف من إبداء رأيه من اقطيط الذي يعتبر أحد الأطراف الرافضة لمشروع حفتر.

موقف آخر للتاجوري

وسرعان ما تغير موقف هيثم التاجوري آمر كتيبة ثوار طرابلس الذي أصدر يوم الثلاثاء الماضي بيانا تعهد فيه بحماية وتأمين أي حراك سلمي في العاصمة، “يكون ضمن إطارٍ يحترم القوانين المعمول بها، ويراعي الظروف الراهنة للبلاد، ويعطي الأولوية لسلامة المواطنين ولا يزج بهم إلى مشاريع مستوردة”.

وأكدت الكتيبة، أنها مع حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي الذي تكفله كل الدساتير و الأعراف الإنسانية، وتضبطه القوانين واللوائح، معتبرة أن التظاهر السلمي الحق الذي يعتبر أحد خطوات الإصلاح والتغيير ووسيلة ضغط على صانع القرار لتصحيح المسار وتقويم المراحل، بحسب ما نشر التاجوري على صفحته الشخصية في “فيسبوك”.

وأكد التاجوري، أن كتيبة ثوار طرابلس أنها لن تكون عصا قمع أو أدوات ترهيب تكمم الأفواه أو تخرس الألسن، وذلك من منطلق أهداف وثوابت 17 من فبراير، مؤكدة في الوقت ذاته أنها لن تسمح لأيادي العبث والفوضى وآلة التطرف والإرهاب أن تنطلق من جديد في فضاءات وميادين العاصمة.

ودعا التاجوري، إلى أن يكون الحراك حضاري، والتعبير سلمي، وأن تدعوا للتغيير عبر الآليات الواقعية، وذلك من خلال الدعوة للانتخابات المبكرة وإنهاء المراحل الانتقالية والمجالس المتعددة والمتضاربة عبر تسليم واستلام ناهجين سبيل الإصلاح للبلاد ودفع الضر عن المواطنين وأهالي العاصمة.

وأعرب آمر كتيبة ثوار طرابلس، عن ثقتها من أن المواطن الليبي بات واعيا، “وخاصة بعد ظهور أن المشاريع الفاشلة والأيديولوجيات المنهزمة هي من وراء بعض دعوات التأجيج وحراك الفتنة”، على حد تعبيره.

اقطيط يردّ

وردّ اقطيط على معارضيه قائلا: “لقد سمعنا أصواتكم المليئة بالتهديد والوعيد، وسوف تسمعوا أصواتنا الصارخة في وجه الظلام في يوم 25 سبتمبر من ميدان الشهداء في طرابلس، وستكون أصواتنا إعصارا على قلوبكم، ولكن أيدينا مفتوحة لكل إنسان يريد أن يساعد على بناء هذا الوطن الجريح”، بحسب ما نشر على صفحته في “فيسبوك”.

وسيظل الجميع يترقب الأحداث المقبلة، ويتساءل هل سينجح عبدالباسط اقطيط في الوصول إلى ما يطمح إليه؟، وما عسى الأطراف الأخرى الساعية إلى السلطة أن تفعل إذا نجح اقطيط في مشروعه؟، وستبقى الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة.

يذكر أن عبد الباسط حسن عثمان اقطيط من مواليد بنغازي عام 1970، وينتمي إلى قبيلة الحاسة التي تنتشر في شرق البلاد، ودرس في مجال الطيران، وبصفته رجل أعمال قام عبدالباسط بمبادرة تدشين إنشاء العديد من المشاريع في عدة دول أوروبية والشرق الأوسط، وكان والده من أشد المعارضين لمعمر القذافي.

التدوينة حراك عبدالباسط اقطيط بين الرفض والتأييد والتحفظ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “حراك عبدالباسط اقطيط بين الرفض والتأييد والتحفظ”

إرسال تعليق