طرابلس اليوم

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

مهرب بشر: خط التهريب مشترك بين النيجر وتشاد وليبيا

,

عند كل حديث عن الهجرة غير القانونية في ليبيا، يبرز اسم مدينة سبها، عاصمة جنوب البلاد، كجملة ناقصة؛ لا تحمل معنى تامًا في ما يخص نشاط تهريب المهاجرين، الذي تزايد منذ العام 2011 وحتى الآن، بما حول البلاد إلى مركز جذب للراغبين في الهجرة من بلدانهم، خاصة الأفريقية منها، نحو أوروبا.

وحسب روايات متعدده، فإن خط التهريب يبدأ من نقاط الحدود المشتركة بين ليبيا والنيجر وتشاد، ثم تحمل رواحل المهربين، بضاعتها من البشر، نحو سبها وضواحيها، قبل أن ينتقلوا إلى سرت وصولا إلى المدن الساحلية، ومنها إلى قوارب الموت عبر مياه البحر المتوسط نحو “جنة أوروبا”.

ظهر مؤخرا فصلٌ جديد لرواية الهجرة في ليبيا، سبها تحتضن سوق للبشر من المهاجرين الأفارقة، والأخبار تنتشر بين أبنائها، حتى سلطت الصحف العالمية الضوء علي هذه القضية، مما أثار عاصفة من الغضب في أوساط المسؤولين المحليين، بمناطق الجنوب الليبي.

وفي سبيل البحث عن حقيقة ما أثير عن بيع وشراء الإنسان في الألفية الثالثة من الميلاد، التقت جريدة الوسط، أحد العاملين في تهريب المهاجرين غير القانونيين، بعد بحث دام لأسابيع، ولقاءات متعددة مع شخصيات ترتبط بصلات مباشرة وغير مباشرة بالهجرة، كان مراسل “الوسط” جالسا إلى جوار شاب يقود سيارة دفع رباعي، بزجاج معتم يحجب رؤية من بداخلها تماما عن عيون الناظرين.مضت السيارة في طريقها نحو مكان لقاء «أ م ي» وهو شاب ثلاثيني، في ثياب مهندمة، ذو قامة متوسطة، يعمل في نقل المهاجرين غير الشرعيين من النيجر، وتحديدا من مدينة أجاديس إلى ليبيا عبر طرق برية مختلفة، تقودهم في النهاية إلى تخوم مدينة سبها.

حوار من وراء لثام

في بداية الحديث، ارتاب المهرب الشاب في هوية الصحفي، وظنه واحدًا من عناصر جمع المعلومات لدى أحد الأجهزة الأمنية، وحين أخبره المراسل بعمله، ودوره في نقل الصورة كاملة إلى الرأي العام، تخلى الشاب عن بعض تشككه، غير أنه أبقى اللثام حول وجهه، أثناء الكلام، ناظرًا، بين لحظة وأخرى، يمينًا ويسارًا، بعيون متحدية، كمن يستشرف أخطارًا تلاحقه بين الحين والآخر.

تحدث المهرب الشاب فقال: “البعض يريد استغلال الحديث عن الهجرة غير الشرعية في مدينة سبها كشماعة لأخطائهم، لا أقول لك إنه لا توجد هجرة غير شرعية، بل أؤكد وجودها، لكن علينا تصنيف هؤلاء المهاجرين؛ فهناك أعداد كبيرة تصل سبها من مختلف الدول الأفريقية، في سيارات تنطلق من النيجر، ولكنهم يظلون في سبها أو طرابلس أو إجدابيا، أو مناطق أخرى داخل ليبيا، يعملون في المزارع والرعي والورش وغيرها، وبإمكان أي شخص أن يجدهم في شوارع وميادين سبها أو طرابلس بكل سهولة.”

يحكي المهرب الشاب عن هذا النوع من المهاجرين فيقول: “هؤلاء وجهتهم أوروبا ، خاصة أولئك القادمين من نيجيريا وغانا والصومال وإثيوبيا والسنغال ينتقلون من دولهم إلى النيجر ومنها إلى ليبيا وقد يسلكون طريق الجفرة إلى إجدابيا أو إلى سبها، وبالنسبة لهؤلاء فسبها ليست أكثر من نقطة عبور إلى المناطق الساحلية، ويكون مسار رحلتهم من نيجيريا أو غانا أو السنغال إلى أجاديس ومنها إلى دركو بالنيجر أيضا وصولا إلى سبها ومنها إلى بني وليد ثم ترهونة إلى صبراتة أو الزاوية ثم إلى أي مكان يحملهم إلى البحر، وهناك يرمون أجسادهم فوق قوارب تتجه بهم فوق المياه إلى إيطاليا.”

وبالنسبة للمهاجرين الباحثين عن الفردوس الأوروبي المأمول “يدفع كل واحد منهم تكلفة نقله من بلده إلى سبها قبل أن تتحرك السيارة إلى ليبيا ولا يقطعون الرحلة في سيارة واحدة وإنما تمضي كل سيارة في خط سير محدد ينتهي بسيارة أخرى، والأجرة هنا بالدولار حسب كل مسافة بين ألف دولار إلى ثلاثة آلاف دولار، وحال وصول المهاجر إلى سبها قد يمكث فيها المهاجر للعمل لفترة حتى يوفر مبلغا من المال يعينه على مواصلة رحلة الهجرة إلى أوروبا عبر الطرق غير الشرعية وقد يتورط في أعمال إجرامية كالسرقة وسرقة النحاس وترويج المخدرات بل وحتى الدعارة” وفق ما يروي المهرب الشاب.

رحلة المتاعب

ووفق الرواية ذاتها “هناك طريق آخر رسمي يمر بمنطقة حدودية بين ليبيا والنيجر، حيث تتواجد قاعدة عسكرية فرنسية وتسلكه قوافل الإبل إلى ليبيا وسيارات النقل وغيرها.”

ولا تخلو رحلة المهاجرين من المتاعب التي قد تصل إلى قطع بعض أعضاء أجسادهم، كما يروي المهرب الشاب: “يتعرض بعض المهاجرين للسلب والسرقة خصوصا فى الطريق بين سبها والساحل، وفي بعض الأحيان يتم نقل بعضهم إلى منطقة بني وليد حيث يوجد مكان لتجميع المهاجرين وفي الغالب يتعرضون للابتزاز من أجل دفع فدية وقد يقطع الخاطفون أذن أحدهم أو يسلخون جسده بسكين ثم يرسلون مقطعا مصورا بذلك إلى أهله وأصدقائه في ليبيا من أجل الحصول على المال مقابل الإفراج عنه، كما تقع انتهاكات كبيرة للمهاجرين العابرين في الأراضي الليبية بل وحتى المهاجرين من المقيمين، حيث يتعرضون للسرقة والاغتصاب وهناك العديد من حالات الإنجاب التي تقع لفتيات مهاجرات.”

المهرب في حديثه للجريدة، أوضح أن “بعض المهاجرين يعملون في ليبيا لجمع المال من أجل الهجرة إلى أوروبا، وهناك من يتجه إلى الجزائر وموريتانيا ولكن ذلك كان يجري قبل العام 2011 حيث كانوا يذهبون إلى البلدين عبر البحر بسبب تكلفة النقل الزهيدة، ولكن الآن تشدد الحكومات من رقابتها على الشواطئ”.

لا وجود لبيع البشر

ويعود المهرب الشاب لنفي فكرة بيع المهاجرين الأفارقة فيقول: “هناك أفارقة يقيمون في ليبيا ويخدمون في البيوت، خاصة في سبها وذلك ليس خافيًا على أحد لكن ليس معنى ذلك أنهم بيعوا إلى من يعملون عندهم. اسأل أي مواطن إن كان قد اشترى أيًا منهم من سوق للبشر أم وجده في ميدان القرضة أو حديقة الهلال الأحمر سيجيبك بأنه وجده في أحد تلك الأماكن”.

واشتكى المهرب من قلة أعداد المهاجرين قائلا: “لم تعد حركة نقل المهاجرين غير الشرعيين كما كانت في السابق”، وأكمل حديثه “قليلة جدًا أعداد المهاجرين هذا العام بنسبة كبيرة عما مضي، حيث يتم التشديد على ضبط الحدود مع النيجر ونيجيريا، ومصادرة أي سيارة تنقل مهاجرين، حيث وصل عدد السيارات الليبية المصادرة من حكومة النيجر العام الجاري إلى 70 سيارة فى أجاديس مع كثرة مراقبة الشواطئ الليبية إلى جانب الانتهاكات التي تحدث للمهاجرين فى ليبيا وإلقاء القبض على كثيرين منهم وإعادتهم إلى بلدانهم من قبل الحكومة الليبية، وهناك من يعود طواعية عبر بعض المنظمات الدولية”.

التدوينة مهرب بشر: خط التهريب مشترك بين النيجر وتشاد وليبيا ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “مهرب بشر: خط التهريب مشترك بين النيجر وتشاد وليبيا”

إرسال تعليق