طرابلس اليوم

الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

ماذا يحمل اقطيط  لميدان الشهداء ؟

,

يسجل اقطيط ظهوره الثاني على الساحة الليبية ، حيث كانت المرة الأولى في عام 2014 م حين طرح نفسه كرئيس للوزراء في وقت كانت فيه الأوضاع أكثر استقراراً مما عليه الآن ، ولكنه لم يوفق في حينها ولم يحصل على تأييد أي من النخب السياسية التي اجتمع معها و طرح نفسه عليها .
يعاود اقطيط هذه المرة تسجيل حضوره في المشهد السياسي الليبي بطريقة أخرى مختلفة عن سابقتها وبعيدة عن النخب السياسية والمؤسسات الحكومية ، مستغلاً  تردّي الأوضاع المعيشية  وحالة الحنق التي وصل إليها الناس ، وعجز حكومة الوفاق  ومجلسها الرئاسي عن حلحلة القضايا العالقة السياسية منها والخدمية ، ليستثمر ذلك ويضيف عليه عدم رضى الناس والسخط الشعبي عن آداء المكونات السياسية في المشهد الليبي ، ليتفاعل هو مع هذا السخط في فيديوات عبر الفيس بوك ويطالب بضرورة التظاهر ضد هذه الحكومة وضد التدخل الإقليمي الذي بات واضحاً وجلياً في ليبيا .
وقوبلت دعوات الرجل للتظاهر من قبل كثير من المسؤولين و المحليلين السياسيين بالاستهانة  وعدم الاكتراث و التقليل من قيمتها ، ويرجع الكثير منهم الأسباب بأن الشعب قد ملّ مثل هذه الدعوات ، ويعلق البعض بأن المواطن الليبي لن يترك الاتفاق السياسي الأممي ويذهب وراء مجهول ، وفيما يرى آخرون بأن باسط اقطيط  لا يمتلك رؤية واضحة لما ستؤول إليه الأمور ،  ولم يفصح عما بعد 25 سبتمبر .
ويخطئ هؤلاء في تقدير الموقف بناء على الأسباب السالفة ، إذ أن ما طرح من أسباب وأسئلة ومبررات لا تُهم إلا النخب السياسية ، أما المواطن فله اعتبارات أخرى وأسئلة أقل تعقيداً يريد الإجابة عنها وأمنيات أكثر إلحاحاً يريد تلبيتها ، فالذي ينبغي هو عدم الاستهانة بهذه الدعوات ووزن الأمور بميزان سياسي دقيق وأخذ كل الاعتبارات في الحسبان ، فمثل هذه الدعوات باعتقادي قد تجد صدى كبير وذلك راجع في نظري لعدة أمور أبرزها :
1 _ مما هو معروف  في علم الاجتماع السياسي أنه في حالات انعدام الثقة وضبابية المشهد وشيوع خطاب الكراهية فإن أي دعوة للتمرد أو التجمهر والتعبير عن السخط تبقى أكثر استجابة  من غيرها من دعوات التكاتف والعمل ، فالشحن في مثل هذه المواطن لا يستلزم طرح الحلول أو وضع خطة مستقبلية بقدر ما يستلزم تذكيراً بالمشاكل  والمصائب التي تمر بها البلاد  .
2_في الوقت الذي يستهين الكثير بـيوم 25   لغياب الرؤية الواضحة والمدروسة لما يطرحه الرجل ، يظل الفعل السياسي مرهوناُ بحسابات أخرى غير التي يُنظر إليها  ، فقد بات يعرف أن دخول أي فاعل سياسي للساحة الليبية  لا يعتمد على وجود خطة ورؤية أو خدمة للمواطن بقدر ما يلزم توفر شيئين المال والعلاقات .
3_ يظهر اقطيط انسجاماً كاملاً مع اتهامات الشارع الليبي لمؤسسات الدولة  والمجلس الرئاسي ويشاركهم في نقمتهم على الأحزاب وكل من لا يزال فاعلاً في العملية السياسية وبهذا قد يلتحق به  كثير ممن يعانون شظف العيش ومن اكتووا بنار غلاء الأسعار وقلة السيولة وانعدام الأمن .
4 _  قد يلتحق به من يرون في طرابلس خاصة والبلاد عامة  أنها قد تشكلت فيها المؤسسات ومراكز القوى بصورة معينة وأخذت الخارطة الأمنية بكتائبها تموضعاً معيناً ، فهم يريدون إعادة تشكيل ما سبق أو على الأقل نقضه ، ويرون في الفعل السياسي ليوم 25 مؤْذِناً بظهور تحالفات جديدة (سياسية ، أمنية ، اقتصادية ) .
5_ الظهير الأجنبي في المعادلة أيضاً لا يجب إغفاله  وبغض النظر عن صدق إدعائه  فلم يسأم الرجل من الإشارة إلى علاقته بأمريكا وأن ما يجري سيكون تحت رعايتها .

لا شك أن البلاد قد أرهقت من عنصر المفاجأة والاختبار فتقلبها في المراحل الانتقالية قد سبب في شيوع الفساد و الفوضى وفتح شهية الانقلابيين للانقضاض عليها ، ولكن ينبغي التعامل مع هذه الأحداث بشيء من الحذر و الحصافة السياسية والواعز الوطني  لنجنب البلاد  مزيداً من الإرهاق والتمزق ونختصر عليها مسافات نحو الاستقرار.

التدوينة ماذا يحمل اقطيط  لميدان الشهداء ؟ ظهرت أولاً على ليبيا الخبر.



0 التعليقات على “ماذا يحمل اقطيط  لميدان الشهداء ؟”

إرسال تعليق